طالب الشاعر فاروق شوشة النقاد بإثارة الجدل «الخلاّق» حول الإبداع، «وفضح الزائف والدعي، والإسهام في تكوين ذائقة أدبية ولغوية جديدة تحسن استقبال الجديد، وتضعه في سياق حركة الإبداع العربي». وقال إن بعض النقاد «الأصيلين» مشغولون بما يعتبرونه مهمتهم الحقيقة، وهو «التأصيل والتأسيس للمفاهيم النقدية الحداثية، ومشغولون بوضعهم على الخريطة النقدية العربية والعالمية». مضيفاً أن الرأي النقدي المسؤول له الآن أخطاره وعواقبه، لذا «لا يحتمل البعض الوقوع في مثل هذه المواجهة التي سيترتب عليها سخط أو رضا». وأضاف: «النقاد ليسوا ظلاً تابعاً للمبدعين، مهمتهم أن يتلقفوا كتابات المبعدين ليكتبوا عنها، وإنما وظيفتهم، الجوهرية هي كتابة النص النقدي الموازي للنص الإبداعي، والمجاوز له». واعتبر شوشة في حديثه إلى مجلة «الجوبة» الثقافية، انتشار الأمية اللغوية والثقافية خللاً شاملاً يتسلل إلى الشعر والقصة والرواية والمسرحية والنقد، لكنه «في الشعر أجلى وأوضح، وأكثر افتضاحاً وانكشافاً، ومع ذلك فإن الوعي الصحيح وإن تأخر بعض الوقت حتمية تاريخية، وإن الخلل الراهن إلى انحسار وزوال». وحملت «الجوبة» في عددها الجديد ملفاً خاصاً عن دورة منتدى الأمير عبدالرحمن السديري الثانية في منطقة الجوف والخاصة بالأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد السعودي خلال الفترة من 26 - 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، بمشاركة نحو 50 شخصية اقتصادية سعودية. وتضمنت «الجوبة» دراسة عن «التربية الجمالية عند الطفل» لسامي دقاقي، خلص فيها إلى القول بأن الذائقة الجمالية عموماً، والذوق الفني خصوصاً، تبقى أهم تركيب في شخصية الإنسان، منذ الولادة وحتى الموت» وتقدم «الجوبة» دراسة أخرى في «قصيدة النثر بين شرعية الهوية والتهميش» لرئيسة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة ذمار اليمنية الدكتورة وجدان الصائغ، أوردت فيها مجموعة من الرؤى والشهادات خلصت منها للقول بأنه يُستقى من عمومها الانفتاح على قصيدة النثر، بوصفها «شكلاً طريفاً ولد جرّاء الرغبة الجامحة في التحرر، والانعتاق من سلاسل العروض». وفي مواجهة مع الشاعر المغربي جمال الموساوي الذي تنقل من كتاب «الظل» إلى «مدين للصدفة»، وهي مجموعات شعرية نحت من خلالها مجرى صوته الشعري مغربياً وعربياً، يتحدث عن الأمراض الثقافية وحالات الوصاية، ويحتفل بكل جمال بالأصوات الشعرية هنا وهناك تأكيداً منه أن الأدب درس محبة. وعن قصيدة النثر تساءل الموساوي: لماذا يستنكرها البعض في وقت كل الأشياء تتداخل فيه في ما بينها؟ فأصبح للشعر إقامة في النثر - في الرواية والقصة وحتى في المقال النقدي، وأحياناً الصحافي، ثم في التجلي الأكبر للنثر، أي قصيدة النثر- وكذلك صار للنثر مثل تلك الإقامة في الشعر، فيحضر السرد في القصيدة، وتحضر القصة والحكي والحوار، وربما تحضر أشكال أخرى للنثر. وفي النهاية يتعلق الأمر باختيار شكل للكتابة يستجيب للانفعال الداخلي للشاعر، وهذا الاختيار متعدد بتعدد الشعراء. وتنشر الجوبة قصصاً لبشاير فارس وإيمان مرزوق وفاطمة المزروعي وشمس علي وحنان الرويلي ومحمد صوانه وقصة مترجمة لخلف سرحان القرشي، كما تنشر قصائد لفهد الخليوي والدكتور عثمان مكانسي وطارق فراج. يذكر أن «الجوبة» مجلة ثقافية فصلية، وتهتم بنشر الإبداع والثقافة والعلوم، تصدر عن مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية في الجوف، ضمن برنامج النشر ودعم الأبحاث في «المؤسسة»، ويمكن التواصل معها عبر البريد الإلكتروني: [email protected]).