تحت عنوان «مخاوف من انتكاسة مزدوجة في كل مكان» أطلق مصرف «كريدي سويس» البحث اليومي اعتباراً من 25 آب (أغسطس) الجاري. في الواقع، لم تكن الأنباء خلال فصل الصيف مشجعة كثيراً. فانخفضت مبيعات المنازل في الولاياتالمتحدة بنسبة 27 في المئة في تموز (يوليو) الماضي، لتبلغ معدلاً سنوياً من 3.83 مليون وحدة سكنية، أي ما يعتبر أقل وتيرة في المبيعات منذ بداية مراقبة الإحصاءات المسجلة من قبل «الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين» عام 1999. ونتيجة لذلك، تقلّبت أسواق الأسهم وأسعار النفط، ليضاف إليها تراجع سعر صرف الدولار إلى أدنى مستوى في مقابل الين الياباني منذ 15 سنةً. ومع ذلك، تمكن عدد من أسواق الأسهم في شرق آسيا من تحقيق معدلات إيجابية في عائداتها. في هذا الإطار، ارتفع مؤشر «داو جونز» للسوق المالية الإسلامية في ماليزيا 2.3 في المئة، وأقفل على 1,494.29 نقطة (استناداً إلى إقفال سوق التداولات في 24 آب /أغسطس). وحققت هذه الدولة التي تعتبر «النمر» في شرق آسيا، الأداء الأفضل على أساس سنوي (مرتفعة 12.77 في المئة). وفي المرتبتين الثانية والثالثة، حل كل من مؤشر «داو جونز» للسوق المالية الإسلامية في تايلاند (مرتفعاً 1.68 في المئة مع إقفاله على 1,620.90 نقطة)، ومؤشر «داو جونز» للسوق المالية الإسلامية في تايوان (مرتفعاً 1.62 في المئة مع إقفاله على 4,243.04 نقطة). وتستعيد «شرق آسيا عافيتها أسرع بكثير من المناطق الأخرى»، وفقاً لما أكده كبير المسؤولين الاستثماريين في مصرف «أي بي أمرو» في جنيف ديديه دوري، الذي يُشرف على قاعدة متنامية من العملاء الأثرياء في المنطقة. وتعلّمت ماليزيا، من الأزمة الآسيوية عامي 1997 - 1998، فنوّعت اقتصادها في ظل سعيها إلى إيجاد شركاء تجاريين في الشرق الإوسط. واستناداً إلى مصرف «بيت التمويل الكويتي» الإسلامي، سجّلت ماليزيا 60.5 في المئة من السندات الإسلامية العالمية، أو إصدارات الصكوك خلال النصف الأول من هذا العام، وبلغ حجمها نحو 16.4 بليون دولار بزيادة 116.4 في المئة مقارنة مع النصف الأول 2009. في هذا الإطار، سجّل مؤشر صكوك مجموعة «سيتي غروب» ارتفاعاً واحداً في المئة، وأقفل على 123.28 نقطة. ووفقاً للتقرير الصادر عن «بيت التمويل الكويتي»، يُتوقع أن يبلغ حجم إصدارات الصكوك حدود 30 بليون دولار هذا العام. وتواجه السندات التقليدية في الغرب تدفقات ضخمة في رأس المال، غير أنها تقدّم عائداً قليلاً. واستناداً إلى المصرف السويسري «زد كي بي» فإن أسواق السندات تتوجه إلى تحقيق تراجع مزدوج في الاقتصاد العالمي، فيما تتوقع أسواق الأسهم المتقلبة أن «يتمكن العالم من تخطي هذه المرحلة بالوسائل كافة». ولكن تأتي الإحصاءات المسجلة في مبيعات المنازل الأميركية لتترك أثرها في توقعات سوق الأسهم، ما يبرز في النتائج التي سجّلها مؤشر أبرز الأسهم الأميركية «معدل داو جونز الصناعي» (تراجع 4.07 في المئة مع إقفاله على 10,428.05 نقطة). كذلك الأمر بالنسبة إلى مؤشر «داو جونز» للسوق المالية الإسلامية في الولاياتالمتحدة «تايتنز 50»، الذي تراجع 3.88 في المئة مع إقفاله على 1,917.57 نقطة، مسجلاً ثاني أكبر تراجع في اللائحة. تأثير الكوارث الطبيعية تجدر الإِشارة إلى أن الكوارث الطبيعية، مثل سحابة الرماد البركاني التي تدفقت من أيسلندا في نيسان (أبريل) الماضي والتسرّب النفطي في خليج المكسيك، عوامل ساهمت في تراجع الانتعاش العالمي. وجاءت الفيضانات التي اجتاحت أجزاء من الصين وباكستان لتكون آخر الأنباء السيئة. وبالتالي، شهد مؤشر «داو جونز» للسوق المالية الإسلامية في باكستان أكبر تراجع خلال الشهر الماضي، ب 4.89 في المئة مع إقفاله على 11,414.31 نقطة. وفي الإطار ذاته، تراجعت مؤشرات القطاعات في السوق المالية الإسلامية. فعلى رغم الارتفاع الموقت الذي شهدته أسعار النفط، سجل مؤشر «داو جونز» للنفط والغاز في السوق المالية الإسلامية أسوأ أداء بين القطاعات، فتراجع 4.62 في المئة مقارنة مع الشهر الماضي و13.92 في المئة مقارنة مع الفترة ذاتها قبل عام. وقد يُشير الأداء الذي سجّله مؤشر «داو جونز» للمواد الأساسية في السوق المالية الإسلامية (تراجعاً بنسبة 1.17 في المئة) إلى مخاوف عامة من إلغاءات قد يواجهها الاقتصاد الصيني. ويلفت تقرير مصرف «كريدي سويس» إلى أن «المخاوف من حدوث ركود مزدوج يمكنها أن تؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار المعادن الثمينة، كما شهدنا في السنوات القليلة الماضية». ومع ذلك، تُضيف الدراسة «نعتقد أن انخفاض سعر الفائدة، والذي يُرجّح أن يستمر في ظل هذه المخاوف الاقتصادية، يؤدي نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار المعادن الثمينة». فالمخاوف والآمال يترافقان في الأسواق العالمية. ومع اقتراب فصل الخريف، الذي يعتبر فترة صعبة، قد لا تشهد أسواق الأسهم تقلبات كبيرة في وقت قريب جداً لا سيما في ظل هيمنة المخاوف السائدة من الانهيار. * صحافي متخصص في القطاع المالي