عمّت الفوضى الأمنية المحافظات العراقية أمس من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وقتل العشرات وأصيب المئات في هجمات استهدف معظمها مخافر الشرطة ونقاط التفتيش. وجاءت الهجمات قبل أقل من أسبوع على إنهاء القوات الأميركية عملياتها القتالية رسمياً في العراق، فيما برزت بوادر تفاهم بين القائمة «العراقية»، بزعامة إياد علاوي، و»ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي. وقتل انتحاريون ومهاجمون آخرون 62 عراقياً على الأقل، معظمهم من الشرطة، في سلسلة هجمات منسقة على قوات الأمن في بغداد والرمادي وكركوك والكوت ومناطق أخرى. وأصيب في التفجيرات أكثر من 250 شخصاً، ما يؤكد هشاشة الوضع الأمني. وقال المقدم عزيز الإمارة، قائد قوة الرد السريع في محافظة واسط، ان انتحارياً هاجم مركزاً للشرطة وقتل 30 شرطياً على الأقل وأصاب87 وأضاف أن «الانفجار كان قوياً جداً وتهدمت اجزاء من المبنى وما زالت جثث تحت الأنقاض.» في بغداد، قالت مصادر في وزارة الداخلية إن انتحارياً نفذ هجوماً بشاحنة ملغومة مستهدفاً مركزاً للشرطة. وأسفر الهجوم عن سقوط 15 قتيلاً على الأقل وإصابة 56 آخرين. وأفاد المصدر أن أجزاء من المركز في حي القاهرة، شمال العاصمة، تهدمت ولحقت أضرار بالغة بمنازل مجاورة. وأنحى قائد العمليات في بغداد اللواء قاسم الموسوي باللائمة على المتشددين المرتبطين بتنظيم «القاعدة»، وحذر من وقوع المزيد من الهجمات. وقال إن»العدو يحاول من خلال تجميع امكاناته تصعيد العمليات الإرهابية خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع انسحاب القوات القتالية الأميركية (...) لدينا خطط لمواجهة هذه العمليات.»وتابع ان عدد القتلى في حي القاهرة اربعة، وعدد المصابين 35 . في كربلاء أصيب 29 بتفجير سيارة مفخخة. وأفادت المصادر أن حافلة صغيرة انفجرت قرب مركز للشرطة أيضاً في البصرة وأصيب 12 شخصاً. وفي بهرز، قرب بعقوبة، قالت مصادر ان مسلحين فجروا قنابل قرب منازل رجال شرطة ورفعوا علم «دولة العراق الإسلامية» على أحد المباني. وأصيب خمسة اشخاص. وأسفرت هجمات أخرى في بغداد وديالى والأنبار وكركوك والموصل عن ارتفاع عدد القتلى الى اكثر من 62. سياسياً أفادت مصادر عراقية «الحياة» أن ملامح اتفاق بدأت تتبلور بين قائمي علاوي والمالكي، يتضمن الاتفاق إعادة تكليف المالكي رئاسة الحكومة، على أن تنال «العراقية» مناصب عدة، بينها نائبي رئيس الجمهورية والوزراء وحقيبة سيادية ورئاسة البرلمان، إضافة إلى ترؤس علاوي شخصياً «المجلس السياسي الأمني»، بعد تعديل صلاحياته وإقراره في البرلمان. لكن القيادي في كتلة المالكي عبد الهادي الحساني أعرب عن ثقته بإمكان تشكيل حكومة «شراكة وطنية» قبل عيد الفطر. وقال ل «الحياة» «ان المواقف السياسية أصبحت اكثر وضوحاً الآن و»التحالف الوطني» (الشيعي) قادر على حسم مسألة مرشح رئاسة الوزراء قريباً»، مشيراً الى ان المالكي سينافس مرشح الائتلاف، وفق الآليات المتفق عليها لتقديم مرشح التحالف». وعن رفض «العراقية» اقتراحات المالكي قال الحساني «ان العراقية متمسكة بمنصب رئاسة الوزراء وهذا لن يتحقق لأنها لاتملك العدد الكافي من النواب والحكومة ستتشكل من التحالف والكتلة الكردية بمشاركة كتلة علاوي» .