هل من نوى الإفطار يفطر؟ - الصيام مركب من حقيقتين: النية وترك جميع المفطرات، فإذا نوى الإفطار، فقد اختلت الحقيقة الأولى وهي أعظم مقومات العبادة، فالأعمال كلها لا تقوم إلا بها. ومعنى قولهم: أفطر، معناه: أنه حكم له بعدم الصيام، لا بمنزلة الآكل والشارب، كما فسروا مرادهم. ولذلك لو نوى الإفطار وهو في نفل، ثم بعد ذلك أراد أن ينوي الصيام قبل أن يحدث شيئاً من المفطرات، جاز له ذلك، لكن أجره وصيامه المثاب عليه من وقت نيته فقط، وإن كان الذي نوى الإفطار في فرض، فإن ذلك اليوم لا يجزئه ولو أعاد النية قبل أن يفعل مفطراً، لأن الفرض شرطه أن النية تشمل جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، بخلاف النفل. وها هنا فائدة يحسن التنبيه إليها، وهي أن قطع نية العبادة نوعان: نوع لا يضره شيء: وذلك بعد كمال العبادة، فلو نوى قطع الصلاة بعد فراغها أو الصيام، أو الزكاة، أو الحج أو غيرها بعد الفراغ ، لم يضر لأنها وقعت وحلت محلها، ومثلها لو نوى قطع نية طهارة الحدث الأكبر أو الأصغر بعد فراغه من طهارته، لم تنتقض طهارته. والنوع الثاني: قطع نية العبادة في حال تلبسه بها، كقطعه نية الصلاة وهو فيها، والصيام وهو فيه، أو الطهارة وهو فيها، فهذا لا تصح عبادته ومتى عرفت الفرق بين الأمرين، زال عنك الإشكال. الشيخ عبدالرحمن السعدي الأكل في نهار رمضان «نسياناً» في يوم من أيام رمضان المبارك وقبل الإفطار ب (4 أو 5 دقائق) قمت بأكل تمرة، وذلك ونحن مجتمعون على السفرة، وقد كنت في غضب شديد لتصرف أحد الإخوة -هداه الله- فأخبروني أنه لم يؤذن المؤذن بعد، وأنا لم أشعر بذلك التصرف، لأنني غضبان جداً. وقد أعانني الله -عز وجل- وقمت بقضاء ذلك اليوم، فهل عليّ شيء من الإثم؟ - جميع المفطرات من أكل وشرب، ونحوها، لا تكون مفطرات إلا بشروط، هي: 1- العلم؛ فالجاهل لا حرج عليه ولا سيما ما يمكن الجهل به. 2- الذكر؛ فالناسي إذا فعل شيئاً من المفطرات لا شيء عليه؛ لحديث: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه». أخرجه ابن ماجه (4045)، وابن حبان (7219). 3- الاختيار؛ فالمكره لا شيء عليه؛ للحديث السابق. وهذه الأمور الثلاثة داخلة في مثل قوله تعالى: «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» [البقرة:286]. وقوله تعالى: «ما جعل عليكم في الدين من حرج» [الأنبياء:78]. وعليه فإن كان أكلك قبل الأذان نسياناً فليس عليك شيء والحمد لله. الشيخ عبد العزيز بن أحمد الدريهم