عندما كنا نتجول في منتزة عالم البحار وقف زوجي ينتظر باقي العائلة المتأخرين ويبدو أنه وقف دون أن ينتبه في منطقة الطابور أمام المحاسبة وبعد ثواني سمع طفلاً صغيراً يسأله: سير هل أنت في الطابور؟ - لأن الطفل يريد أن يقف في الطابور ويخشى أن يتجاوزه . تري لو أن طفلاً عربياً بالغ التهذيب أراد أن يخاطب رجلاً غريباً في بلاده فبأي لقب يناديه، ربما في أكثر المدن العربية التي يتهذب أبناءها في الحديث سيقول له (عمو)، أما في بلادنا فأن الغريب لن يسمع سوى كلمه هيه ويا رفيق، وفي كثير من المرات سمعت أطفال في محلات بيع يظنون أنهم يمثلون نوعاً من الطرافه فينادون بائعا بأسماء يخترعونها مثل يا محمد، يا صعفق، فقط لتنبيه البائعْ للصوت ليلتفت نحوهم، لكن الاغرب من كل هذا أن الأذن عندنا لا تستنكر ما يحدث ولاتتجه نحو تشكيل ثقافة التعامل مع الغرباء وتحديد هل هم غرباء أم ضيوف؟ جلسنا نتحدث كعرب عن اللطف البالغ الذي يعامل به الامريكان الغرباء علي ارضهم وعلي أقل تقدير التهذيب، الكل يجمع هنا على ان الأمريكان يخاطبون الغرباء على أنهم ضيوف وبالترحاب يكفي لتسآل أحدا عن مساعدة ليقف آخر لم تسأله ليعاونك ويشارك في المساعدة ، أما ذلك الطالب السعودي الذي حل ساكنا عند عائلة فقد أخذه الأب المتدين (لاحظ المتدين) في جولة للحي وقال له هل أنت مسلم، هنا يقع مركز اسلامي تقام فيه صلاة الجمعة وإن لم تجد من يوصلك فأنا علي أتم الاستعداد لنقلك بسيارتي، وقبل أن يظن الخليجيون أن موقعهم في الثقافة الأمريكية هو نفسه في العالم العربي دائما يتآمر الناس علي نقودهم فأني أذكرهم هنا أننا عند الأمريكان لا نختلف عن الهنود والمكسيكيون والصينيون، لكننا في العرف ضيوف، ولسنا غرباء .أفكر كيف نعامل الوافدين الاسيوين والافارقة والعرب في بلادنا بدونية وكأننا فوق العالمين جميعاً، ولماذا يتجاسر الصغار والمراهقون على أن ينادوا الوافدين بهيه ويا رفيق ويا معلم، والجواب ببساطة هو لأن الكبار أنفسهم لم يصنعوا لهم درساً مهذباً في التعامل مع الضيوف في بلادنا، ولا مناهجنا علمتهم ذلك، ولا أيضا أمهاتهم ، وفي زمن الصحوة الأليم كان من البر أن يضايق غير المسلمين في الطرقات ولا رحمة ولا رفق لمن هم من غير ديننا، لهذا لن تجد طفلاً يقول لغريب أيها السيد، ولن تجد قائمة تتعدد فيها الالقاب المهذبة لمختلف الناس، مما يجعل من حياة الغرباء بيننا أشد غربة وخشونة، وتجعل من سلوكنا ثقافة لا تليق بأن تكون من تمام المكارم والأخلاق. [email protected]