يُعد قصر الحكم الواقع وسط العاصمة الرياض، من أبرز معالم الدولة السعودية السياسية والتاريخية والاجتماعية، إذ تأسس في بداية الدولة السعودية الثانية، وانطلقت من أبوابه مسيرة تأسيس الدولة السعودية الثالثة العام 1319ه. ويعود تأسيس قصر الحكم إلى بداية الدولة السعودية الثانية عندما انتقل الإمام تركي بن عبدالله رحمه الله، إلى الرياض لتكون عاصمة للدولة بدلاً من الدرعية، لكنه ما لبث أن تعرض للهدم نهاية الدولة السعودية الثانية. وكان الميلاد الفعلي لقصر الحكم، في عام 1319ه، عندما استرد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله، مدينة الرياض وأطلق منها مسيرة تأسيس المملكة العربية السعودية، وأمر بإعادة بناء قصر الحكم في مكانه السابق. ومنذ ذلك التاريخ مر القصر والمناطق المحيطة به بالعديد من البرامج لتطويره، بهدف إعادته ليكون قلباً نابضاً للعاصمة، وإعادة القيمة التاريخية والمعنوية للمنطقة بوصفها مركزاً إدارياً ووجهة سياحية مهمة. وشهدت منطقة قصر الحكم برنامجاً تطويرياً ضخماً يهدف لإعادتها إلى عهدها السابق واسترداد قيمتها التاريخية والمعنوية، وذلك بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حينما كان أميراً لمنطقة الرياض ورئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض. ويجسد برنامج تطوير «قصر الحكم» رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز التي تركز على إبراز العمق التاريخي للمنطقة، وإعادة تقديمه بما يتناسب ومتطلبات الحياة الحديثة. ومعروف عن الملك سلمان اهتمامه بالتاريخ وإلمامه بتفاصيل الأحداث التاريخية، خصوصاً ما يتعلق بتاريخ المملكة العربية السعودية، وهذا ما يبرر رؤيته لتحديث منطقة قصر الحكم التي استلهمت من الماضي العريق تفاصيلها الدقيقة. ووضعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض برنامجاً لتطوير المنطقة على مراحل عدة، إذ شملت المرحلة الأولى، ترميم حصن المصمك وتحويله إلى متحف، وإنشاء مقر إمارة منطقة الرياض، ومقري أمانة منطقة الرياض، وشرطة منطقة الرياض، وتطوير الطرق والمرافق الخدمية في المنطقة، وتكثيف التشجير وتنسيق المواقع. أما المرحلة الثانية، فشملت إعادة بناء جامع الأمير تركي بن عبد الله (الجامع الكبير)، وقصر الحكم، والساحات والميادين المحيطة بهما، ومركز المعيقلية بمشاركة القطاع الخاص، الذي شارك بمعظم مشاريع المرحلة الثالثة من المشروع، التي تضمنت مركزي التعمير وبن سليمان التجاريين. كما أُعيد بناء أهم صرح في منطقة قصر الحكم، وهو القصر الظاهر، والمعروف بقصر الحكم، وهو العنوان الأبرز في منطقة قصر الحكم أو قصر إمارة منطقة الرياض، وأقيم في موقعه السابق على أرض مساحتها 11.500 متر مربع، واستلهم تصميم هذا القصر من الملامح التقليدية لعمارة المنطقة. كما اشتمل برنامج تطوير المنطقة، على إعادة بناء وترميم بوابات الرياض التاريخية، وأشهرها بوابة الثميري، وبوابة دخنة، وبرج الديرة، وأجزاء من سور المدينة القديم. ويضم قصر الحكم بعد التطوير، مكتباً للملك، وصالة كبرى لاستقبال المراجعين وتلقي البيعة والمناسبات الكبرى، ومجالس ملحقة بها، وصالة رئيسة للضيافة، وقاعات ومرافق أخرى. كما يضم القصر مكتباً لأمير منطقة الرياض، ومجلساً يستقبل فيه المواطنين، وقاعات للاجتماعات، وصالة ضيافة، إضافة إلى مكتب نائب أمير المنطقة، وقاعة للاجتماعات وصالة ضيافة. وتشكل ساحات منطقة قصر الحكم أحد أبرز عناصر برنامج تطوير المنطقة، وتضم كلاً من: ميدان العدل، وساحة الإمام محمد بن سعود، وساحة الصفاة، كما غدت هذه الساحات مقصداً للسكان لأغراض التنزه والتسوق وزيارة المواقع التاريخية.