أعلنت القوات الأميركية سحب آخر كتيبة مقاتلة من العراق قبل 10 ايام من نهاية المهلة المحددة لسحبها، فيما سلمت تلك القوات قاعدة «سيدار» العسكرية الى الجيش العراقي. وأعلنت بغداد أن قواتها قادرة على الاضطلاع بمهامها الأمنية» وأبدت اوساط سياسية مختلفة في كركوك قلقها من إمكان تدهور الوضع الأمني بعد انسحاب القوات الاميركية من المدينة التي تشهد احتقاناً. وقال الناطق باسم الجيش الاميركي اللفتنانت كولونيل اريك بلوم ان «عناصر آخر كتيبة مقاتلة عبروا الحدود العراقية – الكويتية صباح امس». والوحدة التي انسحبت هي كتيبة سترايكر الرابعة من فرقة المشاة الثانية المتمركزة في ابو غريب (25 كلم غرب بغداد). وأكد بلوم ان «نصف الجنود غادروا جواً والنصف الآخر براً. وبقي امامهم بضعة ايام لتنظيف التجهيزات وإعدادها ليتمكنوا من ارسالها ثم يرحل آخر الجنود». وأكد بقاء 56 الف جندي اميركي في العراق بعد انسحاب هذه الكتيبة. ومن المقرر بقاء خمسين ألف عسكري بعد 31 آب (اغسطس)، وهو الموعد الذي حددته الولاياتالمتحدة لإنهاء مهمتها القتالية في العراق، على ان تتولى القوات الباقية مهام تدريبية واستشارية الى نهاية العام 2011 وتغادر كل القوات في نطاق الاتفاق الامني المبرم بين بغداد وواشنطن. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي الذي كان يتحدث مباشرة عبر شبكة «ام اس ان بي سي» بينما كانت تعرض ليلاً صور الدبابات الاميركية وهي تعبر الحدود العراقية - الكويتية انها «لحظة تاريخية». لكنه ذكر بأن الالتزام الاميركي في العراق «ثابت وطويل الامد». وأضاف ان «آخر ما نريده هو مناسبة جديدة لإرسال جنود الى العراق، وأن يكون علينا إنهاء مرحلة القتال مجدداً». وأشار الى ان «النزاع العراقي» الذي ادى الى مقتل 4400 اميركي وكلف واشنطن تريليون دولار، كان له «ثمن باهظ». وأضاف: «قمنا باستثمارات هائلة في العراق وعلينا القيام بكل ما في وسعنا للحفاظ على هذا الاستثمار وليدخل العراق وجيرانه في سلام يخدم مصالحهم ومصالحنا». وفي رسالة مؤرخة في 18 آب (اغسطس) نشرت على الموقع الالكتروني للبيت الابيض، رحب الرئيس باراك اوباما بانتهاء المهام القتالية للقوات الاميركية في العراق. وكتب اوباما: «اليوم، اعلن بسعادة انه بفضل الخدمة المذهلة لجنودنا ومدنيينا في العراق، ستنتهي مهمتنا القتالية هذا الشهر وسننجز انسحاباً مهماً لقواتنا». تسليم قاعدة الى ذلك، بدت الأجواء في ذي قار(390 كلم جنوب بغداد) التي تسلمت قاعدة «سيدار» الجوية من الجيش الاميركي متفائلة. وقال الناطق باسم الجيش الأميركي الرائد ألن براون انه «تم تسليم قاعدة سيدار إلى الحكومة العراقية، بعدما أخلت القوات الأميركية المعسكر ونظفت أبنيته ونقلت معدّاتها». وأضاف: «إن التسليم كان في حضور ممثل عن الحكومة المركزية في بغداد والحكومة المحلية في ذي قار، وقع شهادة تفيد بأن المعسكر خال من التلوث البيئي وأن القاعدة سليمة وآمنة». وأوضح: «ان الجيش الأميركي شغل القاعدة التي تعد ثاني أكبر قاعدة في محافظة ذي قار منذ عام 2003 وأن تسليمها يدل على ان القوات الأميركية ملتزمة سحب قواتها من العراق». وقال المدير العام للشرطة اللواء الركن صباح الفتلاوي ل «الحياة» انه «في أيلول (سبتمبر) المقبل ستغير القوات الأميركية مهماتها». وأوضح أنه «سيطلق على هذه المهمة «الفجر الجديد» وسيطرأ تغيير بسيط على نوع الدعم والمساعدة المقدمة إلى القوات العراقية بالإضافة إلى حجم الشراكة في الأشهر المقبلة». وتابع: «بعد أول أيلول ستبقى القوات الأميركية ملتزمة تدريب وتقديم النصح والإرشاد ومساعدة قواتنا الأمنية، وسنستمر في المشاركة في الأنشطة وتبادل المعلومات». كركوك قلقة في هذا الوقت تباينت مواقف العرب والأكراد والتركمان من انسحاب القوات الاميركية من كركوك وحذرت القائمة العربية من كارثة امنية. وشدد عضو «القائمة» في مجلس محافظة كركوك عبدالله سامي العاصي في تصريح الى «الحياة» على ضرورة «استثناء المدينة من قرار الانسحاب منعاً لمزيد من التردي الامني الذي يشهد تصاعداً ملحوظاً». ودعا «الحكومة الاتحادية الى مطالبة الادارة الاميركية بإبقاء قواتها العاملة في المدينة وإلا فسيؤدي هذا الانسحاب الى كارثة لا يمكن احتواؤها». وأكد زميله محمد خليل الجبوري في تصريح الى «الحياة» ضرورة «تدخل القوات الاميركية في اعادة التوازن الامني والاداري قبل الانسحاب»، متهماً اياها ب «الوقوف وراء هذا الخلل». الى ذلك، دعا عضو قائمة «التآخي» الكردية القيادي في حزب رئيس الإقليم مسعود بارزاني محمد كمال الى ان تحل قوات مشتركة من الجيش والشرطة والبيشمركة محل القوات الاميركية، فيما اعلنت الاحزاب العربية رفضها اضطلاع البيشمركة بأي دور باعتبارها قوات غير نظامية خاضعة لقرارات الحزبين الكرديين. ودعت الاحزاب التركمانية الى تولي قوات من الجيش النظامي الملف الامني في المدينة بعد اخراج كل التشكيلات المسلحة. وشدد رئيس الحزب الوطني التركماني جمال شان على ضرورة «ارسال قوات من الشرطة والجيش لحفظ الاستقرار في المدينة». وحذر من ان «يؤدي الفراغ الامني بعد انسحاب القوات الاميركية الى مزيد من أعمال العنف بعد ارتفاع وتيرة الهجمات وتزايد أعداد ضحايا الخطف وقتل منتسبي الاجهزة الامنية من القومية العربية والتركمانية».