تتلقى الساحة الوعظية ضربات هجومية من بعض المعنيين بالجوانب الفكرية طوال أيام السنة لكنها في شهر رمضان تبدو مغايرة نوعاً ما، إذ تشهد نوعاً من الانفراج والترحيب ببعض المعنيين بالجوانب الفكرية. يقول الإعلامي المعني بالشؤون الدينية نواف القديمي: «أختلف مع الذين يُهوّنون من أمر «الوعظ والوعّاظ» ويتعاملون مع المُمارسة الوعظية بتعالٍ وازدراء»، معللاً ذلك بأن «الوعظ الإيماني الصادق ينقل المؤمن من حال الاحتكاك المادي والخشونة الفكرية والفقهيّة التي قد تورث الجفاف والغِلظة وطلب الانتصار، ليضعه أمام حقيقة الدين والإيمان والروح، ليقول له إن الدين ليس (مُمحاكة عقلية ونصيّة)». مؤكداً أن الوعظ بحثٌ صادق في المعقول والمنقول يورث الإيمان واليقين. وأضاف: «أثمّن كثيراً الدعاة الذين يتفرغون للوعظ، من دون أن تجرّهم الصراعات للدخول في حمّى السجال الفكري والفقهي، وكنت ومازلت أقدّر كثيراً بعض الدعاة من أمثال علي القرني ونبيل العوضي وعمرو خالد ومصطفى حسني وسواهم كثير». وأوضح أن البعض ربما يُفرّط في الحديث عن سطحية الخطاب الوعظي، وتساءل: لا أدري ما هو المطلوب، هل تعميق لغة الخطاب وإدخال المتلقي في مسارب الآراء والأفكار؟!... الوعظ يجب أن يبقى بلغة بسيطة وواضحة ومُباشرة من دون تعقيد... لغة بعيدة عن السجال والمُماحكة... دوره المُهم هو في نقل المسلم من حال الخشونة العلمية والفكرية إلى تسامي الروح والإيمان... وهو دور ضروري في حياتنا الماديّة الخشنة، وفعلٌ مشكور. من جهته، علّق الباحث الفكري رائد السمهوري على ذلك قائلاً: «كثيرون من الذين يزدرون الوعظ هم أنفسهم يمارسونه .. أي أنهم لا يزدرون الوعظ من حيث هو وعظ، وليست المشكلة في سهولة أو وعورة الخطاب الوعظي، ولكن المشكلة هي في حمولاته الخرافية حيناً والتبنيجية أحياناً، والتسطيحية المقيتة أحياناً أخرى».