قضى الحجاج ليلة أمس في مشعر مزدلفة، بعد أن منّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات، وقضاء ركن الحج الأعظم، في يوم اجتمعوا فيه على توحيد الله وابتغاء مرضاته وعفوه ومغفرته. واتسمت تحركات قوافل حجاج بيت الله الحرام بالانسيابية باستخدام قطار المشاعر والحافلات، في حين سلك المشاة من الحجاج المسارات التي خصصت لهم، المزودة بجميع حاجاتهم. وشوهدت الطائرات العمودية تحلق فوق الطرق المؤدية إلى مزدلفة، وتتابع الطائرات حركة سير مركبات الحجيج والمشاة في نفرتهم إلى مزدلفة، لتزويد الأجهزة المختصة بحال ضيوف الرحمن، حتى يتسنى تقديم المساعدة والإرشاد لمن يحتاج ذلك. وأشار وزير الحج والعمرة الدكتور محمد بنتن إلى أن أكثر مرحلتين حرجاً في السيطرة على الحجيج بعد العودة من عرفات، هي مرحلة العودة إلى الخيام بعد المبيت في مزدلفة ورمي جمرة العقبة يوم العيد، ومرحلة يوم النفرة من منى في ال12 من ذي الحجة، نهاية النسك للمستعجلين. وأرجع بنتن نجاح خطط التصعيد بعد فضل الله إلى الإمكانات والجهود التي سخرتها الحكومة في خدمة ضيوف الرحمن والمتابعة المستمرة من ولي العهد رئيس لجنة الحج العليا، ومستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، وأمير منطقة المدينةالمنورة رئيس لجنة الحج في المدينة، ورجال الأمن، ومنظومة القطاعات الحكومية والأهلية المشاركة في إدارة الحشود. ولفت وزير الحج أمس إلى استكمال التصعيد يوم التروية إلى منى، ومنها إلى عرفات، إضافة للحجاج القادمين إلى عرفات مباشرة. وقال: «جهود وزارة الحج هي العمل وفق منظومة متكاملة تضم مجموعة من القطاعات تتكاتف بعمل دؤوب لإنجاز هذا العمل، والاستراتيجية التي تعمل بها جميع الجهات على تنفيذها والتنسيق فيما بينها لأن العمل الذي يقومون به ليس سهلاً، فتصعيد أكثر من مليون ونصف من الحجاج وإدارة أكبر أسطول من النقل (حوالى 20 ألف حافلة) لنقل هؤلاء الحجاج من منازلهم إلى خيامهم في مشعر عرفات، ولكن تضافر الجهود مع رجال الأمن والقطاعات الخاصة لتقديم هذه الخدمات بدعم ومتابعة مستمرة من ولاة الأمر هو الذي يمكننا ولله الحمد من استكمال هذه المسيرة». وأضاف: «إدارة التجمع البشري الكبير وتقديم الخدمات لهم بهذا العدد لا يمكن ضبطه ومتابعته إلا باستخدام التقنية، فتقنية المسار الإلكتروني لحجاج الخارج على سبيل المثال, منهجية لمساعدة الحاج وتسهيل إجراءاته بدءاً من بلده وحصوله على التأشيرة بطريقة إلكترونية ثم شراؤه وتحديده للخدمات التي يحتاجها في المملكة وأيضاً يمكن وزارة الحج والعمرة والجهات الأخرى متابعة توفر تلك الخدمات لهذا الحاج بشفافية كاملة وبعدالة وبحفظ للحقوق، وبالتالي هناك تسجيل لجميع الخدمات التي يحتاجها الحاج». واستطرد: «المسار الإلكتروني لحجاج الداخل هو وسيلة مساعدة المواطنين في داخل المملكة على اختيار الخدمة التي يرغبون بها بدلاً من الانتقال بين المكاتب، وقد يكونون ضحية مكاتب وهمية لأن الحجز والدفع والحصول على التصريح يوفر الوقت والجهد على المواطنين، بعد ذلك يأتي لأداء المناسك ثم تقوم الوزارة بمتابعة حصولهم على الخدمات الإلكترونية، مبيناً أنها منهجية لتبسيط الإجراءات ومساعدة الحجاج سواء في الداخل أم الخارج». وأوضح بنتن أن هناك مراحل عدة يتم بها التفويج، تبدأ من المطار والميناء البحري أو الجوي، الذي يصل إليه الحجاج، ومن ثم مراحل التفويج الأخرى (التصعيد) وفي أوقات معينة حتى والوصول إلى عرفات، وأن هناك مرحلة النفرة ومرحلة رمي الجمرات وهي أهم مرحلتين، إذ تمر بمرحلتين حرجتين، الأولى وقت نزول الحجاج من مزدلفة إلى منى، إذ يحرص عدد من الحجاج على الرمي وبالتالي الطاقة الاستيعابية للطرق المؤدية إلى الجمرات في منى لن تكون كافية للاستيعاب، لذلك هناك دراسات محصلة إحصائية تحصر الطاقة الاستيعابية التي تمكن الحجاج من المرور في مثل هذه الطرقات بأمان من دون التعرض إلى مضايقات أو مزاحمات، وهي خطط تفصيلية قد تصل في بعض الأحيان ليس فقط للمجموعات بل تصل حتى للأفراد. وأشار إلى أنه يتم مراقبة خطة التفويج بطرق عدة منها الطرق الإلكترونية وعبر الكاميرات الحرارية، للتأكد من أن الأعداد التي تسير في الطرق المؤدية إلى الجمرات ليس فيها ازدحام الذي يشكل خطورة على الحجاج، كما يتم كذلك متابعتها ميدانياً بواسطة مراقبين موجودين في أماكن الحجاج ومخيماتهم، إضافة إلى المراقبة الإلكترونية بقراءة أساور الحجاج. وقال: «إن شاء الله ستكون في العام القادم شرائح في هذه الأساور في مرحلة دقيقة للتأكد من أن الحاج لا يخرج إلى الجمرات إلا والطريق آمن ويستطيع رمي الجمرات». وأفاد بأن المرحلة الحرجة الأخرى، هي يوم 12، إذ يحرص كثير من الحجاج على رمي الجمرات بعد الزوال مباشرة ليتمكن من التعجل والخروج من منى، إذ يتم جدولة جميع الحجاج بجميع الجنسيات والمكاتب بعملية تفصيلية وعلمية بواسطة باحثين وخبراء لتحديد الأعداد المناسبة الذين يحق لهم الخروج لرمي الجمرات، وذلك حفاظاً على حياتهم وسلامتهم.