السواحه والتميمي يرفعان الشكر للقيادة للموافقة على تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    استشهاد 18 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على منزلين شمال وجنوب قطاع غزة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة نابلس وقرية النبي صالح    الإعلان عن أسماء الفائزين بالمراكز الأولى بجائزة الملك عبدالعزيز لسباقات الهجن فئة "جذع"    "الرأي" توقّع شراكة مجتمعية مع جمعية يُسر بمكة لدعم العمل التنموي    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    ندوة "التدريب المسرحي في العالم العربي : التحديات والفرص" في مهرجان الرياض للمسرح    جهود دعوية وإنسانية لتوعية الجاليات وتخفيف معاناة الشتاء    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    نائب أمير تبوك يطلق حملة نثر البذور في مراعي المنطقة    NHC تنفذ عقود بيع ب 82 % في وجهة خيالا بجدة    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    المملكة تدعم أمن واستقرار سورية    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    رينارد: سنتجاوز الأيام الصعبة    اتركوا النقد وادعموا المنتخب    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    غارسيا: العصبية سبب خسارتنا    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    مجلس الوزراء يقر الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    عبد العزيز بن سعود يكرّم الفائزين بجوائز مهرجان الملك عبد العزيز للصقور    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    طريقة عمل سنو مان كوكيز    الموافقة على نشر البيانات في الصحة    جامعة ريادة الأعمال.. وسوق العمل!    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    نقاط على طرق السماء    حرب السودان تعمق من أزمة المجاعة    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسقاط الجنسية عن «الوطني من أصل أجنبي» يؤدي الى إشكالات دستورية معقدة
نشر في الحياة يوم 18 - 08 - 2010

الإجراء الذي اقترحه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والقاضي بنزع الجنسية عن فرنسيين من أصول أجنبية دينوا بقتل شرطيين، ينتهك حداً، ويُعمله إعمالاً سياسياً مباشراً فالحق في الجنسية أو التابعية صار، منذ إجراءات نزع الجنسية الجماهيرية بأوروبا في النصف الأول من القرن العشرين، حقاً مطلقاً وغير مقيد. فلا تسقط الجنسية عن مواطنين إلا في أحوال استثنائية، ولا تعود صلاحية الإسقاط الى السلطة التنفيذية. ومن يصغي الى نيكولا ساركوزي يخال أن في وسعه حرمان فرنسيين من جنسيتهم الوطنية. ومثل هذا الإجراء يقتضي، قانوناً ودستوراً، موافقة مجلس الدولة (أو المحكمة العليا). والإجراء، في حال إقراره، يقبل الاستئناف.
والفرنسيون المجنسون، وهم يملكون جنسية سابقة أجنبية ويتمتعون بها، وحدهم يجوز الرجوع في تابعيتهم المكتسبة والجديدة. وفي فرنسا إجراء سنوي واحد، أو إجراءان في هذا الباب. والمسوغ هو إما الحرب أو الإرهاب أو الإساءة الى مصالح الأمة الأساسية. وهذا نظير القنبلة الذرية، يقصد به الردع ولا يستعمل فعلاً. وثمة، على الدوام، إجراءات استثنائية في أحوال استثنائية. ومن بين الإجراءات القانونية الموجودة تلك التي تنص على إقالة رئيس الجمهورية، وإبطال ولايته. ولا يعمد أحد الى إعمالها، والمطالبة بذهاب نيكولا ساركوزي.
وفي عهد حكومة ليونيل جوسبان (1997 - 2002)، وقّعت فرنسا على اتفاق مجلس أوروبا، وهو يحظر خلع الجنسية بموجب الحق الجزائي العام. ويقيد الاتفاق الاوروبي نزع الجنسية بالأعمال التي تهدد مصلحة الدولة العليا، في أحوال الحرب والإرهاب والخيانة. وفرنسا لم تبرم الاتفاق هذا. وعلى المجلس الدستوري أن ينظر في احتمال الخطو الى الوراء. فهل يسع اقتراح نيكولا ساركوزي حيازة القبول؟ دائرة نفاذ الاقتراح أضيق من تلك التي نص عليها مرسوم 18 تشرين الأول (اكتوبر) 1945، واستمر مفعوله الى 1998، وكان يجيز إسقاط الجنسية عن مجرمين دينوا بعقوبة سجن تبلغ 5 أعوام أو أكثر.
وفي 1996، سوغ الجلس الدستوري نزع الجنسية عن المدانين بالإرهاب، ولم يبطل المسوغات الأخرى مثل الإساءة الى مصالح الأمة الأساسية. ولكن المجلس أوجب أصل المساواة بين الفرنسيين كلهم، ولم يقر نزع الجنسية عن الإرهابيين إلا بناء على فداحة أعمالهم. ولا يبدو أن مقترحات بريس هورتفو (وزير الداخلية الفرنسي) تدخل في هذا الباب. وتعدد الزوجات، وهو مسوغ إسقاط جنسية كذلك في مقترحات نيكولا ساركوزي ووزير الداخلية، ليس جريمة. وقد يدان متلبس بالختان بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ. وقد يرى المجلس الدستوري في إسقاط الجنسية، في مثل هذه الأحوال، انتهاكاً للمساواة بين المواطنين وعقوبة مضاعفة لا مبرر لها.
وإلى اليوم، نصت القوانين على إسقاط الجنسية عن أشخاص ولدوا أجانب وصاروا فرنسيين. وعلى نيكولا ساركوزي جلاء من يقصد اليوم بكلامه، وإجرائه المقترح. ففي فرنسا ملايين الفرنسيين من أصل أجنبي، يتحدرون من والد أجنبي أو والدة، أو ربما من جد أو جدة. والقانون ينهى، منذ 1998، عن التسبب في حال انعدام جنسية (أو «بدون») جراء نزعها أو إسقاطها. وعليه، ينبغي أن يقصد بالإجراء مزدوجي الجنسية. ورجوع نيكولا ساركوزي عن الأصل أو المبدأ هذا نكوص غير مقبول، ولا يلقى في الخارج إلا الاستنكار والاحتجاج. وينبغي التذكير بأن فرنسا وقعت على عهدين دوليين، الأول في 1961 وينص على محاربة حال انعدام الجنسية («البدونية») والثاني هو عهد مجلس أوروبا في 1997 ويحظر التسبب بانعدام الجنسية جراء إسقاطها. ولكنها لم تبرمهما.
واقتراح رئيس الدولة يناقض إبطاله العقوبة المضاعفة، أي طرد الأجانب في أعقاب خروجهم من السجن وقضائهم عقوبتهم الأولى. ويبدو نيكولا ساركوزي مزدوجاً. فمن 2002 الى 2005 أراد ألا يحمل على شارل باسكوا، وزير الداخلية الأسبق والمعروف بقمعه الشديد، ورغب في استمالة اليسار. فأنشأ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وقيّد العقوبة المزدوجة. ولما بدا له أنه لا يكسب تأييد الناخبين المسلمين، وأن الأصوات التي قد يكسبها في صف «الجبهة القومية» اليمينية يفوق عددها عدد اصوات الناخبين المسلمين، سعى في استمالة ناخبي «الجبهة القومية». ودعاه هذا الى إنشاء وزارة الهجرة والهوية الوطنية في 2007.
ولا أرى أن التوسل بمثل هذه السياسة مجز أو مثمر. فسياسة نيكولا ساركوزي تؤدي الى خسارة اليمين الجمهوري قيمه ومثالاته. وفي أثناء الأعوام 1977 - 1980، أراد فاليري جيسكار - ديستان، الرئيس الأسبق، إرجاع معظم المهاجرين المغاربة الذين دخلوا فرنسا وأقاموا بها من طرق غير مشروعة، الى بلادهم. فحال بينه وبين تنفيذ خطته الديغوليون والمسيحيون الديموقراطيون من غالبيته، وتجرأوا على معارضته. وأياً كان مصير المقترحات التي يلوح بها، ومآلها العملي الذي نجهله، فالأقوال هذه يترتب عليها ضرر كبير يلحق بالأشخاص الذين يرون أنهم مقصودون بها، ويسمعون على الدوام تنديداً حاداً ببعض شعائرهم الدينية غير المألوفة، وبالإجرام، وغير هذا.
ومنذ بعض الوقت، يجد نيكولا ساركوزي نفسه في موقع الأقلية في مناقشات تتناول الرواتب التقاعدية أو قضية ويرت - بيتانكور. وهو يأمل باستعادة الغالبية في مسائل مثل الغجر والجانحين والهجرة. ولكن نيكولا ساركوزي هو رئيس الفرنسيين كلهم، وواجبه جمعهم. وعلى هذا، فكلامه على «فرنسيين من أصل أجنبي» خطير.
ولا شك في أن الإجراء الأعمق والأعرق أثراً هو الإجراء الذي يبطل اكتساب الجنسية الفرنسية تلقائياً في سن ال18. وإقرار الإجراء هذا يلزم 30000 شاب باستخراج سجل عدلي، مرة في السنة، والبرهان على أنه لا حكم عليهم. ومن دينوا بحكم، تلغى جنسيتهم الفرنسية، ولا يحق للدولة طردهم لأنهم ولدوا على الأرض الفرنسية. وحالهم هي حال منفيي الداخل أو المجردين من الأهلية الوطنية، وموصومون بهذه الوصمة. فهل يؤاتي هذا الأمن العام ويقويه؟ أشك في ذلك. فمنذ 1989، يكتسب الولد المولود من والدين أجنبيين على الأرض الفرنسية الجنسية تلقائياً حال بلوغه رشده. ونص استثناء، بين 1993 و1998، على وجوب إعلان الشباب هؤلاء، بين عامهم السادس عشر وعامهم الواحد والعشرين، إرادتهم الحصول على الجنسية. ولم يقيد الاستثناء غير الراشدين. والذين لم يشهروا إرادتهم في عامهم الثامن عشر، ودينوا بجرائم تيسير البغاء وتجارة المخدرات، إلخ، قضى القانون بخسارتهم الجنسية. والحق أن علامات انعطاف سياسي تتواتر. فمنذ الأول من تموز (يوليو) يعود الى المحافظين (على رأس إدارة المحافظات)، وكثرتهم من جهاز الشرطة، البت في معاملات التجنيس، على خلاف سياسة مركزية انتهجت منذ 1944، وخلصت المداولة من تأثير النفوذ المحلي والبلدي.
* مؤرخ اختصاصي في قضايا الهجرة وصاحب كتاب «من هو الفرنسي؟ تاريخ الجنسية الفرنسية منذ الثورة الكبرى» (2005)، عن «لوموند» الفرنسية، 3/8/2010، إعداد وضاح شرارة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.