تبادلت حركتا «فتح» و»حماس» المسؤولية عن قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية أمس تأجيل الانتخابات المحلية والبلدية التي كان مقرراً إجراؤها في 8 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وفي حين رفضت «حماس» قرار التأجيل باعتباره «مسيّساً»، فإن «فتح» حمّلتها المسؤولية القانونية للقرار. وقال الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري إن «قرار المحكمة العليا في رام الله هو قرار مسيس جاء لإنقاذ فتح بعد سقوط قوائمها في عدد من المواقع الانتخابية»، مضيفاً أنه «قرار مرفوض». كما صرح القيادي في «حماس» صلاح البردويل: «نرفض بشكل قاطع إلغاء الانتخابات، وندعو الجميع إلى رفض ذلك». من جهته، قال الناطق باسم «فتح» أسامة القواسمي: «نحمل حماس المسؤولية الكاملة عن إفشال الانتخابات ابتداء من الطعونات غير المبررة التي قدمتها، وصولاً إلى إسقاطها لأربع قوائم من محاكمها الخاصة التابعة لحماس بقرار مسبق وإيعاز مسبق من قيادتها لمحاكمها وعناصرها في المحكمة إسقاط القوائم الانتخابية التابعة لفتح بهدف إفشال الانتخابات». وكانت محكمة العدل العليا في رام الله قررت أمس إرجاء الانتخابات المحلية في الضفة وقطاع غزة حتى إشعار آخر. وقال رئيس المحكمة القاضي هشام الحتو إن المحكمة نظرت في القضية في جلسة عقدت أمس، بعد تلقي طعن الثلثاء في 6 أيلول (سبتمبر) في إجراء الانتخابات، ما حملها على «إصدار قرارها القطعي بوقف إجراء الانتخابات وتأجيلها حتى إشعار آخر». وأضاف: «بما أنه لا يمكن إجراء الانتخابات في جزء من الوطن... وبما أن الانتخابات لا يمكن إجراؤها في القدس وضواحيها وغيرها من المناطق حيث هناك إشكالات في تشكيل المحاكم في مدينة غزة، فإن المحكمة تقرر وقف الانتخابات ورفع الجلسة إلى يوم الأربعاء الموافق 21 الشهر». ويأتي حكم أمس بعد طعون تقدمت بها «حماس» في غزة على القوائم الحزبية التي وضعتها «فتح». ويسلط الخلاف الضوء على الانقسامات القانونية والسياسية بين السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة عباس التي تدير الضفة، وبين «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007. وسبق قرار محكمة العدل العليا قرار أعلنته محكمة تديرها «حماس» في قطاع غزة صباح أمس بإلغاء قوائم مرشحين تابعة لحركة «فتح» في عدد من البلديات ل»مخالفتها قانون الانتخابات»، وفق مصدر قضائي وناطق باسم «فتح». وقال المصدر القضائي إن «محكمة بداية خان يونس (جنوب) قررت في جلستها المنعقدة اليوم (الخميس) إلغاء خمس قوائم (تابعة لفتح) لمخالفتها القانون وعدم استيفاء الشروط اللازمة». وتابع أن هذه القوائم في بلديات «مدينة خان يونس وبلدتي عبسان الكبيرة والفخاري (بمحافظة حان يونس) وبلدة الشوكة (رفح)». واعتبر الناطق باسم «فتح» فايز أبو عيطة أن «حماس أفشلت الانتخابات وعطلتها لأنها ذهبت إلى محاكم تابعة لها بطعون واهية». وكانت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية أعلنت الاثنين الماضي رفضها خمسة قوائم تابعة ل «فتح» في بلديات بيت حانون وأم النصر (شمال) والنصيرات والزهراء (وسط) والقرارة جنوب القطاع. وقالت في بيان على موقعها الإلكتروني إن رفضها ترشح هذه القوائم «بسبب عدم توافر الشروط القانونية في أحد المرشحين أو أكثر وفق قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية الرقم 10 للعام 2005». ويقول خبراء قانونيون إن من غير المرجح أن تغير المحكمة قرارها، بما يعني أنه بات من شبه المؤكد أن الانتخابات البلدية لن تجرى كما كان مخططاً لها. وقالت لجنة الانتخابات المركزية إنها علقت التحضيرات للانتخابات بعد حكم المحكمة. وكان التصويت سيصبح أول مشاركة ل«حماس» مع «فتح» في انتخابات منذ عام 2006، وهو العام الذي حققت فيه «حماس» فوزاً غير متوقع في الانتخابات التشريعية، ما أدى إلى انقسامات عميقة على الساحة السياسة الفلسطينية تقف وراء الأزمة الحالية. وعلى رغم أن انتخابات محلية أجريت عام 2012، إلا أنه لم يجر التصويت إلا في جزء صغير من الضفة التي تضم 350 دائرة انتخابية، ولم تعترف «حماس» بالنتائج. في هذه الأثناء، أعرب حزب «الشعب» في بيان أمس عن «الأسف العميق للأجواء السلبية التي سادت ورافقت مراحل التحضير للانتخابات المحلية وما لازمها من تعقيدات وتشابكات مختلفة سببها المباشر استمرار الانقسام والذهاب لمعالجة القضايا الخلافية بروح انقسامية تقطع الطرق على إمكان مساهمة الانتخابات المحلية في إنهاء الانقسام الفلسطيني». وأضاف أنه كان «يتطلع أن تسهم الانتخابات المحلية في الخروج من حال الانقسام وتفتح الطريق نحو إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية»، معتبراً أن «ما جرى خلال عملية التحضير للانتخابات المحلية، كشف عن الآثار الوخيمة لهذا الانقسام الذي طاول أيضاً السلطة القضائية بين الضفة وقطاع وغزة، كما أكد عمق الأزمة في مجمل النظام السياسي الفلسطيني، الأمر الذي يستوجب التوجه بجدية ومسؤولية عالية لتركيز كل الجهود الوطنية لإنهاء هذا الانقسام، والعمل الفوري على تطبيق اتفاقات المصالحة». كما طالب الرئيس عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالدعوة العاجلة إلى عقد المجلس المركزي الفلسطيني من أجل بحث الأزمة السياسية الراهنة، وإيجاد المعالجات الضرورية والمناسبة لها. من جانبها، دعت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» إلى معالجة ما يترتب على قرار التأجيل بمسؤولية وطنية لا تقطع الطريق على المسار الديموقراطي الذي عملت الجبهة على أن تشكّل الانتخابات المحلية بداية ناجحة له وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلسين الوطني والتشريعي. ورأت في قرار التأجيل ما يفتح المجال لتواصل الجهود السياسية بين القوى والهيئات المعنية من أجل إجراء الانتخابات بالاستناد إلى القانون والاتفاقات الوطنية الجماعية التي أعقبت إعلان الحكومة بإجراء الانتخابات المحلية، وعدم تكريس الانقسام بمصادرته لحق المواطن الفلسطيني في انتخاب هيئاته القيادية على المستويات المختلفة.