كان الهبوط في مطار ثالث محطة ضرورية لاكتشاف أهمية وصول طائرة «الإمارات» مباشرة الى داكار عاصمة السنغال، منطلقة من مقرها العام في مطار دبي المركز المالي والتجاري المتألق في دولة الإمارات والخليج العربي. كان الوقت صباحاً عندما تحركت ارباص A340 – 300 الفخمة من أمام المبنى رقم 3 الخاص بطيران «الإمارات» في مطار دبي الرحب. إنسابت الطائرة نحو المدرج مارة بمبنى النقل التجاري التابع للشركة ثم انعطفت منتظرة إقلاع زميلة لها وهبوط أخرى في سماء مزدحمة وأرض أكثر ازدحاماً، لتنطلق الى الجو في بداية رحلة ستقودنا الى داكار للاحتفال بالإعلان عن افتتاح خط مباشر مع هذه العاصمة الواقعة في أقصى غرب أفريقيا، سيشهد أولى رحلاته المنتظمة في الأول من أيلول (سبتمبر) المقبل. نحو ست ساعات أمضتها ال «ارباص» في الطريق الى مطار قرطاج الدولي في تونس، استمتع خلالها الركاب الذين يفوق عددهم ال 260 راكباً بضيافة طاقم «أممي» من المضيفين القادرين على التحدث الى كل بلغته، وعلى تقديم كل ما يطلبه الضيوف من مأكل ومشرب وخدمات تشمل إمكان الاتصال الهاتفي من الطائرة، ومشاهدة مئات الأفلام العربية والأجنبية أو الاستماع الى منوعات موسيقية، في وقت تنقل الشاشة خط سير الرحلة، وتصور كاميرا الطائرة ما تسمح به الرؤية من مساحات أرضية متصلة من الجزيرة العربية مروراً بالعقبة وسيناء فالبحر المتوسط والجزر اليونانية وصولاً الى تونس الخضراء. في مطار قرطاجالتونسي استراحة لبضع ساعات في ضيافة «الإمارات» وبحضور أعضاء من مكتبها النشيط في العاصمة التونسية، الذي لا ينسى تزويدنا ملفات عن تونس وعن عمل الشركة فيها ونمو التبادل الذي استثاره خط دبي - تونس وبالعكس. وفي صالة «الزوار المهمين» نمضي ساعات الانتظار وسط اهتمام القائمين عليه قبل أن نستقل طائرة الخطوط الجوية التونسية الى داكار. نحو خمس ساعات أخرى في الجو فوق غرب تونس وصحراء الجزائر مروراً بموريتانيا قبل الهبوط ليلاً في مطار ليوبولد سيدار سنغور L.S.S في داكار ثم إجراءات الدخول يقوم بها عسكري في دائرة الأمن العام عمل سابقاً مع كتيبة السنغال في إطار القوات الدولية في جنوب لبنان، طارحاً أسئلة عن صور وطيردبا وطيرفلسيه وقرى لبنانية جنوبية أخرى... تبدو قاعة الاستقبال في «L.S.S» متواضعة جداً مقارنة بقاعات مطارات أخرى، وتتحسن الصورة بعض الشيء في قاعة المغادرة التي تسمى في التعريب التونسي قاعة «الرحيل» وهو ما أثار اعتراض ركاب لا يودون أن تكون رحلتهم بمثابة «رحيل» على متن طائرة ما. غير أن ما يفاجئ في داكار هو أنك تخرج من المطار مباشرة الى ما يشبه ساحة قرية يكتظ فيها عارضو الخدمات من كل نوع، وغالباً ما لا ينجو القادم من «ضريبة» يفرضها عليه مستقبلو حرم المرفق السنغالي. بين دبي وداكار مروراً بتونس مرّ يوم كامل في الطائرة والمطارات، وربما هذا ما أرادت «الإمارات» إيضاحه من دون شرح لتظهر مدى أهمية الخط المباشر الذي سيبدأ العمل فيه في الأول من أيلول المقبل ويتضمن رحلات يومية بين دبي وداكار، خمسة أيام في الأسبوع، توفر كل منها على المسافر ثماني ساعات على الأقل، ما سيتيح لرجال الأعمال والسياح والزوار والمغتربين العرب (وبينهم عشرات الألوف من اللبنانيين) رحلات منتظمة ومريحة وسهلة. وتولى تيم كلارك رئيس «الإمارات» الإعلان عن الخط الجديد في مؤتمر صحافي عقده بمشاركة رئيس الخطوط السنغالية في فندق «ميريديان بريزيدان» الفخم الذي بناه الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز وقدمه هدية للسنغال، ورعى المؤتمر الصحافي ثم حفل الاستقبال الحاشد الذي أعقبه رئيس الدولة عبدالله واد ممثلاً بنجله كريم. وأوضح كلارك ان داكار ستصبح المحطة التاسعة عشرة ل «الإمارات» في افريقيا مشيراً الى ان الخدمة الجديدة ستكون الوحيدة بين الشرق الأوسط والسنغال وستلعب دوراً مهماً في تعزيز حركة التجارة والسياحة وتسهيل انتقال الركاب والبضائع بين السنغال ومختلف المحطات عبر شبكة خطوط طيران الإمارات. وأوضح ريتشارد فون النائب الأول لرئيس دائرة العمليات التجارية في الشركة ان التجارة بين السنغال ودبي شهدت نمواً متواصلاً طوال السنوات الماضية، حيث ارتفعت قيمة المبادلات التجارية غير النفطية من 504 ملايين درهم (137 مليون دولار أميركي) العام 2008 الى 676 مليون درهم (184 مليون دولار) العام 2009. ويقول حمد بوعميم مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي إن الغرفة «تدرك أهمية الأسواق الأفريقية وآفاق تطورها مستقبلاً، واحتلت السنغال مع نهاية 2009 المرتبة 76 ضمن شركاء دبي التجاريين، ونتوقع مع إطلاق خدمة طيران الإماراتالجديدة أن تشهد التجارة بين الجانبين طفرة كبيرة». ويضيف: «ستساهم رحلات طيران الإمارات من دون توقف بين دبي وداكار في خفض التكاليف وتسهيل انتقال التجارة وتعزيز العلاقات الثنائية، ونعتقد بأن الأثر الإيجابي لهذه الرحلات سيتسع ليشمل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين السنغال ودول منطقة الشرق الأوسط». ويعوّل السنغاليون، وهم الذين يرتبطون تجارياً بالدرجة الأولى بعدد محدد من دول الاتحاد الأوروبي في طليعتها فرنسا، على فتح أسواق جديدة لإنتاجهم من الزراعة والأسماك. وستساهم حمولة الشحن على الطائرة ارباص 340 - 300، وقدرها 18 طناً، في دعم الصادرات السنغالية الى الشرق الأوسط وأوروبا خصوصاً ميلانوومدريد وباريس وبيروت، كما تسهل نقل واردات السنغال من المنسوجات والأقمشة من آسيا والإلكترونيات من شرق آسيا وأوروبا والملابس الجاهزة من الهند. إلا ان ما يوازي كل ذلك في الأهمية هو ان افتتاح خط الإمارات في الأول من أيلول سيعزز التعاون القائم بين دبي والسنغال. فقد حصلت موانئ دبي العالمية حديثاً على امتياز تطوير وتشغيل محطة حاويات في ميناء داكار وتقوم المنطقة الحرة في جبل علي الآن بتطوير منطقة حرة خاصة لربطها بمطار بليز دياغني السنغالي الذي يُجرى بناؤه حالياً. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وقعت حكومة السنغال ومجموعة الإمارات اتفاقية تقوم بموجبها «طيران الإمارات» بمساعدة السنغال على تأسيس وتطوير ناقل جوي وطني، وسوف تشمل مساعدة «الإمارات» الدعم التجاري وتقديم الخبرة التقنية والتدريب على الخدمات المتعلقة بمختلف جوانب الطيران. قبل عامين قرأت تصريحات لسفير السنغال في البحرين يعرب فيها عن سعادته لاتساع التمثيل الديبلوماسي لبلاده ليشمل دول مجلس التعاون الخليجي الست بعد أن كان مقتصراً على السعودية والكويت، إلا انه في تلك التصريحات بدا مهموماً بصعوبة السفر الى بلاده إذ عليه أن يمر إما عبر تونس أو باريس أو الدارالبيضاء، الآن أصبح بإمكانه هو وغيره السفر مباشرة من دبي أيام السبت والأحد والثلثاء والأربعاء والجمعة بطائرة ارباص 340 – 300، فينطلق من دبي الساعة 9.55 صباحاً ليصل الى مطار ليوبولد سنغور الساعة السابعة بعد الظهر، وفي العودة يُقلع عند الساعة 5.40 مساء اليوم نفسه ليصل الى دبي الساعة 7.15 صباح اليوم التالي... ويبدأ عمله على الفور أو يتابع سفره في أوقات دائماً ملائمة. كان حاتم وجيني وغيرهما من حاملي رسالة «الإمارات» يحرصون على إيضاح كل شاردة وتفصيل، ووجد أحدنا من المناسب أن يقول لهما: كنا سابقاً نتحدث عن رالي باريس - داكار... الآن سنتحدث عن رالي دبي - داكار. الشركة الأسرع نمواً في العالم · تخدم طيران الإمارات حالياً 103 محطات في 63 دولة في ست قارات، بأسطول مكون من 149 طائرة حديثة (142 طائرة ركاب من طرازي ارباص وبوينغ و 7 طائرات شحن) وتستقبل طائرة جديدة كل أربعة أسابيع. أعلنت طيران الإمارات في اليوم الأول لمعرض فارنبره الجوي في 19 تموز (يوليو) الماضي عن صفقتين بقيمة 13.9 مليار دولار أميركي (نحو 51 مليار درهم). وتضمنت الصفقة الأولى طلبية جديدة لشراء 30 طائرة بوينغ 777 - 300 إي آر قيمتها 9.1 بليون دولار أميركي (33.4 بليون درهم). أما الثانية فشملت محركات جي بي 7200 وخدمات من اينجن ألاينس بقيمة 4.8 بليون دولار (17.6 مليار درهم) لتشغيل طائرات الإرباص ال 32 التي تعاقدت طيران الإمارات على شرائها خلال معرض برلين الجوي مطلع حزيران (يونيو) الماضي. · تضاف طلبية البوينغ الجديدة (30 طائرة) الى سابقتها المكونة من 71 طائرة من الطراز نفسه، التي تسلمت الناقلة منها 53 طائرة تعمل ضمن الأسطول حالياً. · يبلغ عدد الطلبيات المؤكدة لطيران الإمارات حالياً 204 طائرات، تصل قيمتها الدفترية الى 67 بليون دولار أميركي (نحو 246 بليون درهم). · أطلقت طيران الإمارات خلال عام 2010 خدمات جديدة الى طوكيو في اليابان اعتباراً من 28 آذار (مارس)، والى امستردام بدءاً من 1 أيار (مايو) وإلى براغ ابتداء من 1 تموز (يوليو). كما بدأت خدمة العاصمة الإسبانية مدريد اعتباراً من 1 آب وإلى داكار في السنغال اعتباراً من 1 أيلول المقبل. · أصبحت في تموز 2009 أكبر مشغل لطائرات البوينغ 777 في العالم مع انضمام الطائرة رقم 78 من هذا الطراز الى اسطولها بعد وصولها الى مطار دبي الدولي قادمة من قاعدة بوينغ في مدينة سياتل الأميركية. · افتتحت طيران الإمارات في تموز 2010 صالة خاصة بركاب الدرجتين الأولى ورجال الأعمال في مطار شنغهاي الدولي. وتشكل صالة شنغهاي الصالة 27 لطيران الإمارات عبر شبكة خطوطها العالمية والحادية عشرة للناقلة في منطقتي الشرق الأقصى وأستراليا. وتوفر طيران الإمارات صالات خاصة لركابها في كل من: بريسبن، سيدني، ملبورن، بيرث، أوكلاند، بانكوك، دوسلدورف، فرانكفورت، هونغ كونغ، كوالالمبور، لندن غاتويك، لندن هيثرو، ميونيخ، باريس شارل ديغول، نيويورك جيه إف كيه، سنغافورة، زوريخ، مانشستر وجوهانسبرغ. · تشغل طيران الإمارات أسطولها من طراز الإرباص أ380 المكون حالياً من 11 طائرة، لخدمة محطاتها الآتية: لندن - هيثرو وسيدني وأوكلاند وبانكوك وتورنتو وسيول وباريس وجدة . واعتباراً من 29 تشرين الأول المقبل سيعاد تشغيلها على خط دبي - نيويورك، كما ستنضم مانشستر وبكين الى شبكة محطات الطائرة العملاقة قريباً. · حققت طيران الإمارات ارباحاً عن السنة المالية 2009/2010 بلغت 3.5 بليون درهم (964 مليون دولار أميركي) بنمو قياسي نسبته 416 في المئة عن أرباح السنة المالية 2008/2009.