هذه شاشات لا تعمل باللمس. على عكس الميل السائد راهناً لصنع شاشات ذكية تتفاعل مع اللمسات، هذه الشاشات لا تحتاج حتى الى اللمس. ثمة عبارة شهيرة تقول: «إن اللبيب من الإشارة يفهم». وتسير هذه الشاشات الذكية التي باتت متأهبة للانطلاق، على خطى هذا القول. إذ تفهم إشارات الأصابع والوجوه والجسم. لننس أمر لوحة المفاتيح وأنواعها. لم يعد لها لزوم في إدخال المعلومات الى الأدوات الذكية، ولا في إيصال التعليمات لها. تكفي الإشارة. يكفي الإيماء. لا لزوم للشاشات التي تعمل بلمس الأصابع، كتلك التي عوّلت عليها كثيراً أجهزة مثل «أي باد» و «أي فون» وغيرهما. ويعكف علماء ألمان في «معهد فرانهوفر للتقنية» على صنع شاشات ذكية، تلاحظ حركات الأصابع والجسم والوجه، وتتجاوب معها. وبذا، يصبح مستطاعاً تحريكها بالإشارة من بُعد، من دون الاضطرار الى الاقتراب منها وملامستها، ولا استعمال لوحة مفاتيح (سواء حقيقية أو افتراضية أو بالليزر)، لتشغيل الأدوات التي تحتوي هذه الشاشات. ويعتقد هؤلاء العلماء ان الشاشات التي لا تعمل باللمس، هي الموجة المقبلة من الشاشات الرقمية التي تعمل بنظامين، أحدهما للتعرّف الى حركة الأصابع والتفاعل معها، والآخر للتجاوب مع الإيماءات التي يصنعها الوجه أو الجسم. واللافت أنها لا تحتاج الى لبس قفازات إلكترونية خاصة، كالحال راهناً مع الأنظمة الافتراضية المُجسّمَة، وأنها تستطيع التعامل مع الإيماءات الآتية من مستخدمين عديدين، في الوقت عينه. هل لك ان تتخيّل شخصاً يستعمل حاسوباً محمولاً تعلوه شاشة من هذا النوع؟ إنه لا يقترب من الكومبيوتر، بل يحرّك يديه وأصابعه في الهواء، وإذا بالحاسوب يطيع ويعمل وينفّذ الأوامر! ألا يبدو كالسحرة القدماء؟ سؤال ليس اعتباطياً كلياً. إذ يرى عالِم كبير مثل البريطاني ستيفن هوكنغز، أحد أبرز علماء الفيزياء النظرية المعاصرين، أنه لو اكتُشِفت الأرض من قِبل حضارة كونية متقدّمة، فسيدهش البشر من شدّة تقدمها علمياً، بل أن تقنياتها ربما بدت كالسحر في عيونهم. والأرجح ان تفكير هوكنغز، المُقعَد الذي يسافر عقله بين النجوم والأكوان بلا انقطاع، سيجد في شاشات تشغّلها أصابع تتحرك في الهواء، نموذجاً ل «السحر» التقني الذي قصده بكلامه عن حضارات كونية متقدمة. لمزيد من المعلومات، يمكن الرجوع الى موقع «معهد فرانهوفر للتقنية» fit.fraunhofe r.de