نفت أنقرة أمس، قبولها بأي اتفاق لوقف النار مع المقاتلين الأكراد شمال سورية، كما أعلنت الولاياتالمتحدة الثلثاء، مؤكدة أنه لا يمكنها أن تقبل «في أي ظرف» بتسوية مع «منظمة إرهابية» وأن عمليات فصائل «الجيش السوري الحر» ستستمر إلى حين «تطهير» شريط حدودي من «داعش» وزوال التهديد على الأمن القومي التركي، في وقت أعلن أن الأزمة السورية ستكون حاضرةً في لقاءات ثنائية بين القادة الأميركي والروسي والتركي على هامش قمة العشرين في الصين. وقال الناطق باسم الرئيس رجب طيب إردوغان، ابراهيم كالين الأربعاء إن التوغل التركي الذي بدأ قبل أسبوع في شمال سورية يهدف إلى تطهير شريط طوله 90 كيلومتراً على الحدود التركية من متشددي تنظيم «داعش». وأضاف كالين في مؤتمر صحفي، أن من المتوقع أن يجري أردوغان محادثات مع الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال قمة مجموعة العشرين في الشهر الجاري، لبحث طلب أنقرة من واشنطن تسليم رجل الدين المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله كولن والذي تتهمه بالتخطيط لمحاولة الانقلاب الشهر الماضي. كما أعلن الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتبادل وجهات النظر مع أوباما في شأن سورية على هامش قمة العشرين التي تنعقد في مدينة هانغتشو بالصين. وذكر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي عبر الهاتف: «يمكننا أن نعتقد أنه بطريقة أو بأخرى سيحدث تبادل سريع أو مفصل لوجهات النظر في شأن الأزمة السورية بالتأكيد». وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن أنقرة ستواصل عمليتها العسكرية شمال سورية إلى حين زوال جميع التهديدات، بما يكفل تحقيق الأمن القومي التركي. وقال يلدريم في مؤتمر صحفي في أنقرة: «عبرت قواتنا المسلحة إلى جرابلس السورية لدعم حركة الجيش السوري الحر، وإلى أن تزول الجماعات الإرهابية والتهديدات لحدودنا ومواطنينا ستستمر عمليتنا». وقال وزير الداخلية التركي إفكان ألا أن بلاده اعتقلت 850 شخصاً، منذ بداية 2016 خلال قتالها ضد «داعش» أكثر من نصفهم من الأجانب. وأضاف الوزير أن تركيا ألقت القبض على 5800 شخص بينهم نحو 2200 أجنبي منذ بداية حملة شنتها قبل ثلاث سنوات على شبكات مساعدة الأجانب على الوصول إلى المناطق التي سيطر عليها تنظيم «داعش» في سورية والعراق. أكد وزير الشؤون الأوروبية التركي عمر تشيليك «لا نقبل في أي ظرف (...) تسويةً أو وقفاً لاطلاق النار بين تركيا والعناصر الكردية» خلافاً لما «يقوله بعض المتحدثين باسم دول أجنبية» في إشارة إلى ما أعلنته الولاياتالمتحدة بالأمس. وقال الوزير التركي لوكالة أنباء الاناضول «إن الجمهورية التركية دولة شرعية وذات سيادة» ولا يمكن وضعها على قدم المساواة مع «منظمة إرهابية» في إشارة إلى حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سورية. لكن فيما أعلنت أنقرة الأحد أنها قتلت «25 إرهابياً» من وحدات حماية الشعب الكردي، الذراع المسلحة لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، لم تسجل أي ضربة تركية للمقاتلين الأكراد منذ بعد ظهر الاثنين. وكان الاتفاق الموقت لوقف إطلاق النار نص على تهدئة اعتباراً من الساعة 21,00 بتوقيت غرينتش من الاثنين، وفق مقاتلين معارضين سوريين. في المقابل، واصلت القوات التركية هجومها على تنظيم «داعش» في الشمال السوري. وشنت انقرة هجوما غير مسبوق منذ بدء النزاع في سورية في 2011، بإرسال طائراتها من طراز اف-16 ودباباتها إلى سوريا المجاورة. والهدف من العملية التي دخلت الأربعاء أسبوعها الثاني، كما أعلن رسمياً صد «داعش» وأيضاً المقاتلين الأكراد. لكنها تركزت على الأكراد التي تخشى أنقرة أن يقيموا منطقة حكم ذاتي على طول حدودها. بعد أن دعت إلى إنهاء المعارك، أعلنت الولاياتالمتحدة مساء الثلثاء قبول تركيا والمقاتلين الأكراد بهدنة موقتة وأعلن الناطق باسم القيادة الأميركية الوسطى الكولونيل جون توماس لوكالة فرانس برس أنه «خلال الساعات الماضية تلقينا تاكيداً بأن جميع الأطراف المعنية ستتوقف عن إطلاق النار على بعضها بعضاً وستركز على تهديد داعش». وأوضح أن «هذا الاتفاق غير رسمي يشمل اليومين المقبلين على الأقل، ونأمل بأن يترسخ». وأشار إلى أن «الأتراك وقوات سورية الديموقراطية (وهي تحالف لفصائل عربية وكردية تعد وحدات حماية الشعب الكردي عمودها الفقري) فتحوا اتصالات مع الولاياتالمتحدة وبين بعضهم بعضاً بهدف وقف الأعمال القتالية». أما تركيا فبقيت صامتة الثلثاء كما لم يصدر أي رد فعل مباشر من القوات الكردية السورية على الإعلان الأميركي. لكن التدخل التركي في سوريا يضع العلاقات بين أنقرةوواشنطن، الحليف على الأرض لوحدات حماية الشعب الكردي التي صدت تنظيم «داعش»، على المحك. ونفت تركيا الأربعاء معلومات مفادها أنها استدعت سفير الولاياتالمتحدة جون باس للاحتجاج على الانتقادات الأميركية الشديدة أمس بصدد تدخلها في سورية. وأكد ناطق باسم وزارة الخارجية التركية لوكالة فرانس برس أنه خلافاً لما تقوله صحف تركية لم يتم استدعاء السفير جون باس، لكنه تلقى «اتصالاً هاتفياً» الثلثاء. وأكدت السفارة الأميركية هذه المعلومة. وأبدت تركيا استياءها الشديد الثلثاء غداة انتقادات وصفتها بأنها «غير مقبولة» لتدخلها في سورية بلسان المبعوث الرئاسي الاميركي لدى التحالف الدولي لمحاربة المتطرفين برت ماكغورك. وكررت أنقرة مطلبها الثلثاء بانسحاب المقاتلين الأكراد إلى شرق نهر الفرات وفقاً لتعهد أميركي. وعلى جبهة العمليات، أصيب ثلاثة جنود أتراك بجروح الثلثاء في هجوم بالصاروخ لتنظيم «داعش» على دبابة قرب جرابلس، البلدة التي تمكنت الفصائل المدعومة من أنقرة من طرد التنظيم منها خلال ساعات من اليوم الأول للهجوم التركي، كما ذكرت وسائل الإعلام التركية. وشنت طائرات تركية ضربات على أهداف «إرهابية» قرب بلدة الكلية المجاورة كما أوردت وكالة أنباء الأناضول من دون تقديم إيضاحات عن هذه الأهداف. وتبنى تنظيم «داعش» في بيان، هجوماً انتحارياً بسيارة مفخخة على مقاتلين معارضين مدعومين من أنقرة في الكلية. وقال التنظيم المتطرف أيضاً أنه دمر «دبابتين تركيتين» بصاروخين قرب البلدة نفسها. أما إيران الحليف الرئيسي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد فطالبت أنقرة بوقف عمليتها في سورية «بسرعة» لأنها «تزيد في تعقيد الوضع» على الأرض حيث تتدخل دول عديدة بصورة مباشرة أو عبر مقاتلين.