سعى وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف اليوم (الجمعة) إلى وضع التفاصيل النهائية لاتفاق تعاون في شأن محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية، في حين غادرت المجموعة الأولى ضاحية داريا المحاصرة في دمشق وفقاً لخطة أثارت قلق الأممالمتحدة. ويمكن أن يؤدي الاتفاق على محاربة المتشددين في سورية إلى المساعدة في وقف القتال بين الجيش والفصائل المتحالفة معه من جهة والجماعات غير المتشددة التي تعارض الرئيس بشار الأسد من جهة أخرى. وقد يمهد ذلك الطريق إلى إجراء محادثات في شأن عملية انتقال سياسي تنهي الصراع السوري المستمر منذ خمسة أعوام. وبينما عقد الاجتماع بين لافروف وكيري في فندق فاخر ببحيرة جنيف بعد الساعة العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي (0800 بتوقيت غرينتش) قال شهود ل «رويتر» إن سكاناً ومسلحين بدأوا في مغادرة داريا التي تخضع للحصار منذ العام 2012. واتفق مسلحون من المعارضة مع الجيش السوري على خطة أمس لإجلاء كافة السكان البالغ عددهم 4000 نسمة ونحو 700 مسلح من داريا خلال الأيام المقبلة لإنهاء واحدة من أطول المواجهات في الحرب الأهلية. لكن الطرفين لم يستشيرا الأممالمتحدة في شأن الخطة وعبر مبعوث المنظمة الدولية الخاص للسلام في سورية ستافان دي ميستورا ومنسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين عن قلقهما العميق من الخطة اليوم. وقال دي ميستورا في بيان بعد عقد محادثات مع كيري ولافروف إنه «من الضروري حماية الناس في داريا خلال تنفيذ أي عملية إخلاء وأن يتم ذلك طوعاً». من جهته أوضح أوبراين: «نواصل المطالبة بالوصول إلى داريا في حرية وأمان، وندعو جميع الأطراف إلى ضمان أن يكون أي تحرك للمدنيين آمناً وطوعياً ويتماشى مع المبادئ والقوانين الإنسانية الدولية». وانضم مسؤولون كبار من البيت الأبيض وتحديداً من مجلس الأمن القومي للمحادثات بين كيري ولافروف التي انفضت بعد أربع ساعات على أن تستأنف لاحقاً. كان كيري قال هذا الأسبوع إن فرقاً فنية من الجانبين توشك على اختتام مناقشاتها، لكن مسؤولين أميركيين أشاروا إلى أن من السابق لأوانه القول إن من المرجح إبرام اتفاق. وأشار مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية مع بداية المحادثات إلى أن «هناك قضايا كثيرة في حاجة إلى تسوية». وأضاف: «نأمل بأن نرى اليوم حلاً لبعض منها على الأقل وأن نتمكن من المضي قدماً بهذه الخطة، لكننا نعي التحديات». وعندما أطلق كيري محادثات التعاون في شأن سورية في تموز (يوليو) خلال زيارة لموسكو تضمن الاقتراح تبادل واشنطن وموسكو معلومات استخباراتية لتنسيق الضربات الجوية ضد «داعش»، وتحييد القوات الجوية السورية لمنعها من مهاجمة المعارضة السورية المعتدلة. ويعتقد كيري أن الخطة هي أفضل فرصة للحد من القتال الذي دفع آلاف السوريين للهجرة إلى أوروبا وحال دون وصول المساعدات الإنسانية إلى عشرات الآلاف الآخرين. وتأتي المحادثات بعد أيام من دخول مقاتلين من المعارضة السورية تدعمهم قوات خاصة ودبابات وطائرات حربية من تركيا مدينة جرابلس، وهي من آخر معاقل «داعش» على الحدود التركية-السورية. وقصف الجيش التركي المسلحين الأكراد من وحدات حماية الشعب الكردية السورية جنوبي جرابلس وطالب الوحدات بالتراجع إلى ما وراء نهر الفرات خلال أسبوع. وتقدمت وحدات حماية الشعب الكردية إلى غرب نهر الفرات في وقت سابق من هذا الشهر في إطار عملية تدعمها الولاياتالمتحدة لاستعادة مدينة منبج من يد التنظيم، وهي العملية التي اكتملت حالياً. ويضع الموقف التركي أنقرة على خلاف مع واشنطن التي تعتبر وحدات حماية الشعب حليفاً يعتمد عليه على الأرض في سورية.