رفع الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله التحدي في وجه قوى 14 آذار والأكثرية في خطاب ألقاه عصر أمس تناول فيه عدداً من المواضيع، تجاوز فيها الانتخابات النيابية الى ما بعدها، مؤكداً أن «العقول والنفوس والإرادات التي هزمت أقوى جيش في هذه المنطقة (حرب تموز 2006) يدعمها أقوى جيش في العالم، قادرة على إدارة بلد أكبر مئة مرة من لبنان»، ومشدداً على أننا «الأقدر على أن نبني وطننا وأن نعلي البنيان». وذهب الى حد اعتبار «يوم 7 أيار (الصدامات الدموية في بيروت وغيرها العام الماضي حين اجتاحت قوات «حزب الله» وحلفائه العاصمة) يوماً مجيداً من أيام المقاومة» رداً على تصريحات قوى الأكثرية لمناسبة ذكرى 7 أيار التي اعتبرتها اعتداء على العاصمة، ولا سيما تصريحات زعيم «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري الذي اعتبر أنه «كان يوماً مجنوناً». كما رد نصر الله على مواقف قوى الأكثرية التي اعتبرت ان تجربة الثلث المعطل في الحكومة الحالية تجربة فاشلة أدت الى تعطيل الدولة، كما قال الحريري أيضاً فقال: «نحن دعاة شراكة في السلطة ومن دعاة حكومة الوحدة الوطنية وهي تجربة ليست فاشلة وهم يقدمونها كذلك لأنه اما أن تخضع لإرادتهم أما أن تكون فاشلة». وجاء كلام نصر الله هذا في ظل سجال محتدم حول النظام اللبناني المقبل، خصوصاً أن أحد أركان المعارضة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون طرح شعار الجمهورية الثالثة. وقال نصر الله: «نعم نحن معنيون بمرحلة جديدة ويجب أن نتحمل فيها المسؤولية كاملة وليس من بعيد». وتحدث عن لبنان الذي نريد فأكد «أننا شعب لبناني واحد»، داعياً الى «التخلص مما يقال في السر والعلن من أننا شعوب لبنانية»، محذراً من أن «بعض الجهات السياسية والذين يتهموننا بالمثالثة يعملون من أجل الفيديرالية وهي صيغة من صيغ التقسيم»، ومؤكداً وقوف الحزب ضده. ودعا الأمين العام ل «حزب الله» الى تشكيل الهيئة العليا لإلغاء الطائفية السياسية وفق اتفاق الطائف، مطمئناً الى «أننا لم نقل بإلغاء الطائفية السياسية، بل ان يتم البحث في هذه المسألة ولتأخذ وقتاً»، مؤكداً أن «الاستعجال في هذه القضية أخطر من بقاء النظام بصيغته الحالية». ونفى نصرالله رداً على الاتهامات ضد الحزب بأنه يقيم دولة له، وقال: «لم نعرض أنفسنا لا دولة ولا سلطة». واتهم «من يزايد علينا» بأنه «مارس في العقود الماضية الدولة والكانتون والسلطة المحلية»، مؤكداً وقوفه «مع الدولة الواحدة بحكومة ومجلس نيابي قويين وسلطة قضائية وجيش وأجهزة أمنية قوية»، ومشيراً الى ان «نقطة الخلاف هي حول المقاومة والاستراتيجية الدفاعية وما زلنا نناقش (في الحوار)». لكن نصر الله هاجم القضاء اللبناني مجدداً رابطاً بين الأحكام التي أصدرها في شأن المتهمين بالتعامل مع اسرائيل بعد الانسحاب الإسرائيلي العام 2000 وبين سجن القضاء للضباط الأربعة «من دون تحقيق ولا دليل». وقال: «ما هو هذا القضاء الذي يسجن عملاء اسرائيل 6 أشهر وسنة ليعود بعضهم الى التعامل مع الصهاينة؟ وما هو هذا القضاء الذي يسجن الضباط الأربعة هل هذا قضاء؟ عيب. عيب». ودعا نصر الله «الأخوة في تيار المستقبل الى ان يراجعوا تجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، مشيراً الى انه كان قال له قبل أشهر من اغتياله أنه لن يشكل حكومة اذا لم يكن لي ثلث الوزراء فيها، مستنتجاً بأن «أي أحد يريد أن يكون شريكاً حقيقياً عليه أن يفتش على الثلث الضامن والرئيس الحريري كان يعمل على هذا الأساس». ونفى نصر الله ان تكون المعارضة طرحت المثالثة في السلطة، متهماً الأكثرية بذلك من دون ان يسميها، وقال: «هم اخترعوها وباضوها حتى أصبحت ديكاً يصيح على المنابر». واعتبر أن الهدف من ذلك «التصويب على مسيحيي المعارضة وخصوصاً العماد عون، بأنه قام بصفقة مع «حزب الله» وبأنه يخفّض حصة المسيحيين من النصف الى الثلث». وأثار نصر الله قضية توقيع اتفاق 7 أيار (العام 1983 وسقوطه العام 1984) قائلاً: «الذين وقعوا الاتفاق هم رموز السيادة والحرية والذين قدموا دمهم هم عناوين للعمالة والتبعية أليس هذا ظلماً؟». وعن ذكرى 7 أيار قال: «أذكر الذين يتحدثون عنها بأن يذكروا ماذا فعلوا في 5 أيار». وأشار الى القرارات التي أخذتها «الحكومة اللاشرعية» آنذاك ضد شبكة «حزب الله» الهاتفية والتي هي «أهم سلاح للمقاومة ولم يستطع العدو أن يخترقها» في حرب تموز. وسأل: «من جاء بآلاف المقاتلين قبل 5 أيار من خارج بيروت اليها؟». واعتبر ان «المخطط كان بأن تحصل فتنة سنية شيعية يتم على أساسها استدعاء قوات أجنبية لتساعدنا على وقف الحرب». ورأى نصر الله ان ما حصل في 7 أيار «وضع حداً سريعاً لحرب مذهبية ووضع لبنان على طريق الحل». ورأت مصادر قيادية في قوى 14 آذار أن كلام الأمين العام ل «حزب الله» عن اعتبار 7 أيار يوماً مجيداً «سيلقى رد فعل من الجمهور المتردد في الانتخابات بحيث يزيد من وقوف هذا الجمهور الى جانب لوائح الأكثرية الحالية». وكان السجال الذي يشهده لبنان دفع رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى القول قبل ظهر أمس، أي قبل خطاب نصر الله، إن «النبرة المرتفعة التي تصدر من هنا ومن هناك هي جزء من الحملة الدعائية الانتخابية لهذا الطرف أو ذاك». وأشار الى ان «التهديد واستغلال السلطة للضغط على المواطن ممنوع». كما ان البطريرك الماروني نصرالله صفير اعتبر «ان حكم الموالاة والمعارضة معاً بدعة».