بعد بضعة أيام نستقبل شهر رمضان الكريم، فيحسن بنا نحن المسلمين أن نستعد لاستقباله خير استقبال، وينبغي علينا أن نستعد له أفضل استعداد، فما أسعد من استفاد من رمضان من أول يوم ومن أول لحظة. ندعو الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم، كما كان السلف يفعلون، فقد كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم الله رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أخرى حتى يتقبل منهم، ندعو الله أن يعيننا على أن نحسن استقبال الشهر، وأن نحسن العمل فيه، وأن يتقبل الله منا الأعمال في ذلك الشهر الكريم. يجب علينا أن نستقبله بسلامة صدر مع المسلمين كافة، وألا تكون بينك وبين أي مسلم شحناء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن»، «صحيح الترغيب والترهيب» 1016. كما هي السنة لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: «قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم»، «صحيح الترغيب والترهيب» 1012. كما يجب الاهتمام بآداء الفرائض كافة، مثل صلاة الجماعة في الفجر وغيرها من الصلوات حتى لا يفوتك أدنى أجر في رمضان، ولا تكتسب ما استطعت من الأوزار التي تعوق مسيرة الأجر، وبالتعود على صلاة الليل والدعاء واتخاذ ورد يومي من القرآن الكريم حتى لا نضعف في وسط الشهر، إضافة إلى ذلك اتخاذ أوقات خاصة لقراءة القرآن بعد الصلوات أو قبلها، أو بين المغرب والعشاء أو غيرها من الأوقات خلال شهري شعبان ورمضان وما بعدهما بإذن الله، وقراءة وتعلم أحكام الصيام من خلال كتب وأشرطة العلماء وطلاب العلم الموثوق بهم. الاستعداد للدعوة في رمضان يكون بالوسائل كافة، فالنفوس لها من القابلية للتقبل في رمضان ما ليس لها في غيره، ومن تلك الوسائل الكلمة الطيبة في المساجد أو المخصصة لفرد أو أكثر، والهدية من كتيب أو شريط نافع وإقامة حُلق الذكر وقراءة القرآن الكريم في المساجد والبيوت، وجمع فتاوى الصيام ونشرها، والتشجيع على فعل الخير عموماً وغير ذلك. من المهم أن نتمتع في هذا الشهر العظيم بالاستعداد السلوكي والأخلاق الحميدة وصفاء النفوس والقلوب والبعد عن الأخلاق الذميمة جميعها، ويمكن أيضاً القراءة في كتب السلوك، وسؤال أصحاب الأخلاق الحميدة أن ينصحوهم إن وجدوا عليهم ما يسوؤهم من الأخلاق، كما أنه من الممكن الاستعداد لاستغلال الأوقات في رمضان بعمل جدول لرمضان للقراءة والزيارات في الله وصلة الأرحام، وغيرها، وتشجيع أهل المسجد على إقامة إفطار جماعي متكرر، أو مرة واحدة على الأقل، خلال الشهر، وتشجيع أهل المسجد على التزاور في الله خلال الشهر واللقاء بعد صلاة العيد عند المسجد، أو في أحد البيوت، أو أي مكان آخر مناسب، فاستغلوا بركة هذا الشهر في فعل الخير ومساعدة المحتاجين الفقراء. نسأل الله أن يبلغنا رمضان، وأن يعيننا على حسن استقباله وعلى حسن العمل فيه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [email protected]