«مسافة فلكية تفصل بين «سانا» قبل 20 سنة و «سانا» اليوم، من حيث المهنية والتحرير والتنوّع والقرب من المجتمع السوري»، يقول الصحافي عصام داري الذي يعمل في قسم التحرير السياسي في صحيفة «تشرين» الحكومية منذ سبعينات القرن الماضي. وللمقارنة بين حال «الوكالة السورية للأنباء» (سانا) منذ السبعينات حتى التسعينات، يوضح داري: «التحرير لم يكن دقيقاً. وكان الخبر يأتينا موجهاً أشبه ما يكون بالتعليق السياسي ضمن الخبر، والخروج عنه ممنوع. أما من حيث المضامين فكانت الأخبار الاقتصادية والرياضية والتقارير غائبة في شكل كامل». وهو يضع كل ذلك في سياق ما كان موجوداً اعلامياً في العالم على صعيد النظريات والتطبيق. الحوادث والموضوعات الاجتماعية كانت أيضاً خارج اهتمام «سانا». هي اختصاص الصحف فقط، حتى إنها كانت تأخذ عن الصحف المحلية بعض الأخبار المهمة. أما الأخبار المحلية فكانت تدور في شكل رئيسي حول «تحركات المسؤولين»، يقول داري. وهذا ما تؤكده الصحافية راما نجمة التي تعمل محررة في القسم السياسي في صحيفة «الوطن» منذ انطلاقها عام 2006. تشير نجمة إلى أن التغيير في الأخبار المحلية «ملحوظ. إذ كانت سابقاً مقتصرة على الأخبار الرسمية. أما الآن، فأصبحت تحمل طابعاً سورياً أكثر، وتخصّ السوريين أكثر». يوافق مدير تحرير «سانا» أحمد ضوا الصحافية نجمة على ان الوكالة كانت «مقصّرة في الأخبار التي تقرّبها من السوريين. أما الآن فأصبحت أولويات اختيار الأخبار المحلية قريبة من أولويات السوريين، وازداد البحث في جوانب الخبر كي يعرف السوري أخبار بلده من وسائل إعلامه، إذ حققت الوكالة توازناً من حيث الاهتمام بشرائح الجمهور المختلفة والنشاط المجتمعي». تبث «سانا» 600 خبر يوميّاً بين سياسي واقتصادي وثقافي ومنوّع وغيرها، 70-80 في المئة منها أخبار محليّة. و «طموح» الإدارة ان يصل العدد الى ألف مستقبلاً. وتبث الوكالة اخبارها باللغات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والتركية، إضافة إلى العربية. ولزيادة التقرّب من المجتمع السوري، يعمل المدير العام للوكالة عدنان محمود، الذي درس الإعلام في دمشق ونال الدكتوراه في القاهرة بالنظريات الاعلامية الحديثة ولديه خبرة في ممارسة العمل الصحافي، على مواكبة الاتجاهات الحديثة بالتغطية الإخبارية وتحقيق المنافسة بجدوى المادة الإخباربة. و «الرؤية» التي تنطلق منها إدارة الوكالة هي «تلبية حاجات المعرفة للجمهور في داخل سورية أولاً كي تنطلق للتأثير خارجياً». وتشير إحصاءات الى ان موقع الوكالة، هو الأكثر تصفحاً بين كل المواقع السورية. دم جديد ومهنية أكثر أدخلت المسابقة التي أقامتها وكالة «سانا» العام الماضي 108 صحافيين جدد إلى طاقهما المؤلف من 70 صحافياً. فازداد تنوّع الأخبار ووُجد التخصص، فهناك صحافيون متخصّصون في المسرح والموسيقى... والاقتصاد. التنوّع هو أحد نتائج دخول العناصر الجديدة إلى فريق «سانا». أما النتيجة الأبرز، فبدت في التقنيات التحريرية. «خلفيات الأخبار المحلية إغناء مهم جداً للمواد الصحافيّة، و «سانا» تستطيع الحصول على أرقام وإحصاءات ليس من السهل على الصحافيين الوصول إليها، وأصبحت مرجعية للصحافيين»، كما تقول آنا البني التي تعمل في قسم المحليّات في صحيفة «بلدنا» منذ تأسيسها قبل أربع سنوات. في حين، تشير نجمة إلى أن «بعض الأخبار السياسية تستخدم الخلفيات، وهو التغيير الوحيد الذي طرأ عليها». مراسل «وكالة الأنباء الكويتية» (كونا) عقاب الرشيدي يشير إلى أن «سانا» أصبحت «تواكب الشأن المحلي والعربي، إضافة إلى التطورات الاقتصادية والاستثمارية في سورية أولاً بأول». كما تحدث الرشيدي عن دور خدمة «سانا موبايل» في تسهيل عمل المراسلين. و «كونا» هي آخر الوكالات التي وقعت معها «سانا» اتفاقاً لبث نشرات مشتركة. وهي في صدد تنفيذ رؤية سياسية للتعاون مع الوكالات الاقليمية مثل «أناضول» التركية و «ارنا» الايرانية. تغيير آخر تشير إليه نجمة في «سانا»، هو التقارير الصحافية والتحقيقات التي كانت «بعيدة عما تنشره «سانا» قبل سنوات»، أما اليوم فيمكن قراءة تقارير اقتصادية وآثار وتراث وتاريخ على موقعها. تقول آنا : «على رغم عدم حصول تغيير بارز في الشكل والتوزيع، فإنني اليوم قد أقرأ تقريراً جذّابّاً ومهمّاً على موقع «سانا»، وهذا كان مستبعداً في السابق». الصور «الجميلة والإنسانية» والاهتمام «الكبير» بها، لفتت نظر آنا أيضاً. فمنذ خمس سنوات تقريباً دخلت الصورة إلى العملية التحريرية في الوكالة السورية كعضو أساسي. بين 60 و70 صورة في اليوم، ازداد عدد الصور التي تحمّلها الوكالة بين 150 و200 صورة يومياً. والطموح ان يصل الى 400 صورة. وبمجموعة صور عن تعليم وتمكين المرأة، فازت «سانا» العام الماضي بالمركز الأول في المسابقة التي نظمتها وزارة الاعلام بالتعاون مع صندوق الاممالمتحدة للسكان. كما منح اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا) وكالة «سانا» جائزة أفضل صورة لعام 2007. وكانت «الحوافز ونظام الاستكتاب الحالي» مهمة في التغير الذي شهدته الوكالة خلال السنوات الماضية إلى جانب المنافسة، كما يؤكد محررو «سانا». فبينما كان سقف المستكتب 50 دولاراً اميركياً في الشهر ارتفع إلى 500 دولار.