كان والدي يعيش في دولة الكويت الشقيقة، وتزوج أمي ذات الجنسية المصرية، وأنجبا ولدين، أنا وشقيقي، إلا أن مشيئة الله أرادت أن يفترقا ونحن صغار، وبعدها انتقلت للعيش بين مصر والكويت والسعودية. في هذه الظروف وهذا الوضع غير المستقر، نشأت قصة حب بريئة بيني وبين ابنة خالتي المصرية، وكبرت معنا القصة، حتى أصبحنا لا نقدر على البعد أو الفراق، ومثل نهاية أي حب صادق، قررنا الزواج ومحاربة كل من يقف في طريقنا، وكان لنا ما أردنا واستطعنا إقناع الجميع بأن نكون لبعضنا، وحينها رسمنا أحلامنا الوردية وخططنا لمستقبلنا، حتى اننا بدأنا في اختيار أسماء أبنائنا قبل أن نتزوج. ذهبت إلى مصر وكتبت كتابي عليها عام 2000، تذكروا هذا التاريخ جيداً، ورجعت إلى السعودية وأخذت الأوراق المطلوبة للموافقة على الزواج من الجهات الرسمية، وذهبت إلى الإمارة وقرأت الشروط، التي كان من أهمها، أن تكون الزوجة قريبة للزوج، وهذا ما أراحني. بدأت في إنهاء المعاملة، وتكبدت عناء مراجعات الإدارات الحكومية، وجلست ما يقارب السنة، وبعدها فوجئت بعدم الموافقة على الزواج. ذهلت وكدت افقد عقلي، ولكن نصحني بعض أهل الخير بأن أحضر ما يثبت القرابة بيني وبين زوجة المستقبل، حتى يسهل استخراج صك من المحكمة. قررت أن أتوكل على الله وأتزوج بابنة خالتي، حتى تنتهي الإجراءات، كان العرس جميلاً، وكان ذلك اليوم أجمل يوم في حياتي، ولكن الأيام الحلوة واللحظات الجميلة تذهب بسرعة. فسرعان ما انتهت إجازتي وعدت إلى دياري، وكلي أمل بأن أنهي الأوراق، واحضر زوجتي لكي تعيش معي. شاء الله أن تحمل زوجتي، وصار بعدي عن زوجتي أصعب، لأنها تحمل أول طفل لي، وزادت مسؤولياتي تجاهها، وزاد الضغط علي وعليها وأنجبت ابني الأول، وفي خضم انشغالي بمتابعة المعاملة التي أرهقتني، اضطررت للعودة إلى مصر مرة أخرى وشاهدت ابني للمرة الاولى وعمره ثمانية أشهر، آه لو تشعرون بما أشعر به وابني وزوجتي بعيدان عني كل هذه الأميال، وأنا عاجز عن جلبهما معي إلى وطني! كنت أصبّرها وأقنعها بأن جميع أوراقنا سليمة، وأؤكد لها أن الموافقة على اجتماع شملنا ستكون قريباً، ومن المضحك أن صديقاً عزيزاً أحب فتاة من الأردن وكان يعاني مثلي، ولكن عندما تزوج فوجئ الجميع وأولهم أنا، بأنه احضرها معه بعد شهر من زواجه، بينما حفيت قدمي منذ أكثر من سبع سنوات، ولم تتقدم المعاملة خطوة واحدة إلى الأمام. أنهيت جميع الإجراءات، وانتظرت شهوراً عدة على أحر من الجمر، وفي الأخير جاءت الأوراق من الرياض من دون قبول أو رفض، وعندما اذهب اليهم يطلبون مني العودة للمراجعة بعد شهرين، فأعود إليهم بعد شهرين، ليكرروا علي الطلب مرة أخرى «راجعنا بعد شهرين أو سنتصل بك»، وهذا الوضع مستمر منذ نحو عام كامل. حقيقة لا أعلم ما أفعل، فقد ضاقت بي السبل، وسيطر علي الحزن، ولفتني الحيرة من كل صوب، فمهما كانت المعاملة في حاجة إلى مراجعات، أعتقد جازماً أن استمرارها ثمانية أعوام هو تعجيز في غير محله، إضافة إلى أنني أدفع ثمن هذه السنوات من عمري وسعادتي واستقرار زوجتي وأبنائي. باختصار أنا أدور في حلقة مفرغة، ولا أرى بصيص أمل يمكن التعلق به. وأمام ضغوط الحياة وحاجتي إلى الاستقرار، أشار علي أحد الأصدقاء بأن أتزوج من السعودية، وفعلاً كان ذلك، والحمد لله أن زوجتي الجديدة تفهمت معاناتي بعد أن أخبرتها بكل شيء، بما في ذلك زوجتي وابني البعيدان عني في مصر، بل وشجعتني على المضي قدماً في متابعة معاملتي، والإصرار على جلب زوجتي الأولى. لكن ما يقتلني أن أم ولدي تشك في أنني لا أريدها، خصوصاً وهي ترى جميع من يتزوج يحضر زوجته في اقل من شهر. صدقوني بت أخاف على زوجتي من سوء حالها النفسية، فلا حل لها سوى البكاء، وما يؤرقني أنني أشعر بأنها نادمة على الزواج بي. عمري ضاع وكذلك زوجتي والخوف من ضياع مستقبل ابني ذي سنوات التسع، ولا أعلم الى متى سنظل هكذا. ولله لو كنت أعلم أن هذا سيكون لما تزوجت، ولا فكرت في الزواج من خارج بلدي، ولكن ماذا أفعل الآن؟ هل أطلق زوجتي واترك ابني؟ أم أحضر ابني وأحرمه من حضن والدته الدافئ؟ أم أنتظر إلى ما لا نهاية.