تواجه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عاصفة انتقادات جمهورية، بعد إقرارها بأن 400 مليون دولار دفعتها نقداً لطهران مطلع السنة، كانت مشروطة بإطلاق أميركيين محتجزين في إيران، وإن نفت اعتبار الأمر فدية. وكان أوباما ووزير الخارجية جون كيري أكدا أن دفع المبلغ لم يكن فدية لإطلاق السجناء، ولا مرتبطاً بالاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست. وأعلن البيت الأبيض أن المبلغ يتعلّق بصفقة أسلحة لم تُنجز وتعود إلى ما قبل الثورة في إيران عام 1979، وقطع العلاقات الديبلوماسية مع الولاياتالمتحدة عام 1980. وأمرت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي، التي نظرت طيلة عقود في الخلاف الأميركي - الإيراني، بإعادة ال400 مليون دولار إلى طهران، إضافة إلى فوائد مستحقة قيمتها 1.3 بليون دولار. وكان الناطق باسم الخارجية الأميركية جون كيربي أكد قبل أسابيع أن «الربط بين إطلاق السجناء ودفع المبلغ خاطئ تماماً». لكنه أقرّ الخميس بأن المسألتين «مترابطتان»، قائلاً: «الأحداث جرت في وقت واحد. عندما تكون قلقاً في شأن النتيجة، وكيف سيتدبّر الأميركيون الأمر، من الغباء واللامسؤولية ألا تحتفظ بأكبر قدر ممكن من القدرة على الضغط. لذلك إذا كنتم تسألون هل هناك صلة (بين المسألتين)، لا يمكنني نفي الأمر». وأضاف: «بعدما ساورنا قلق من أن تخلف إيران بوعدها حيال إطلاق السجناء، ولنكن صادقين، بسبب انعدام الثقة بين إيرانوالولاياتالمتحدة، سعينا إلى الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من القدرة على الضغط، إلى حين الإفراج عن الأميركيين وإعادتهم بسلام. كان ذلك أولويتنا الكبرى. دفع ال400 مليون دولار لم يحدث إلا بعد إطلاق السجناء». وذكّر كيربي بأن «هذا مال إيران، وكانت ستستعيده في أي حال». وأشار إلى «مسار منفصل» لإطلاق الأميركيين المحتجزين، مستدركاً: «مع الاتفاق النووي، تداخل المساران، واستفدنا من ذلك في شكل كامل. ولا نعتذر عن ذلك». تصريحات كيربي أتت بعد يوم على نشر صحيفة «وول ستريت جورنال» تفاصيل جديدة عن الصفقة، لافتة إلى رفض المسؤولين الأميركيين أن تجلب إيران المبلغ النقدي (باليورو والفرنك السويسري) بطائرة شحن من مطار في جنيف، إلى بعد أن غادرت طائرة تابعة لسلاح الجوّ السويسري طهران، وهي تقلّ ثلاثة من الأميركيين المفرج عنهم، فيما غادر الرابع على متن رحلة تجارية. وأغضبت الرواية الجديدة للإدارة، الجمهوريين، إذ اتهم المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب أوباما بالكذب، قائلاً: «علمنا الآن أن الرئيس أوباما كذب بخصوص 400 مليون دولار نقداً أُرسلت إلى إيران. قال إن المبلغ ليس من أجل الرهائن، ولكن هذا ما حصل. قال إننا لا ندفع فدية، لكنه دفع. كذب في شأن الرهائن، علناً وفي شكل فاضح، تماماً كما كذب حول قانون أوباماكير» للتأمين الصحي. وهاجم ناطق باسم ترامب المرشحة الديموقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون، معتبراً أن «إقرار وزارة الخارجية بدفع فدية قيمتها 400 مليون دولار لتحرير رهائن أميركيين في إيران، يشير إلى دور هيلاري كلينتون في رسم السياسات الكارثية» للإدارة. وعلّق السيناتور الجمهوري بن ساسّ: «إذا كان الدفع نقداً مشروطاً بإطلاق رهائن، يكون فدية. الحقيقة مهمة والرئيس مدين للشعب الأميركي بتفسير». ورأى السيناتور ريتشارد بور، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، أن «قرارات مثل هذه تضع أمّتنا وحلفاءنا في خطر»، فيما دعا النائب جيب هنسارلينغ، رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، الإدارة إلى «شرح» ما حدث، مشدداً على وجوب أن يجري الكونغرس «تحقيقاً كاملاً في هذا العمل المشين». في غضون ذلك، أعلن كيربي أن وزارة الخارجية تعجز عن معرفة مَن أمر بحذف دقائق من تسجيل مصوّر من مؤتمر صحافي عن المفاوضات النووية مع إيران، ولا سبب ذلك، مضيفاً: «لا دليل يشير إلى حدوث ذلك بنية إخفاء معلومات عن الشعب». والجزء المحذوف طاول مؤتمراً صحافياً للناطقة السابقة باسم الوزارة يان بساكي، في 2 كانون الأول (ديسمبر) 2013، ردّت خلاله على سؤال عن احتمال تضليل الإعلاميين في شأن محادثات سرية بين واشنطنوطهران حول الملف النووي الإيراني، قائلة: «تحتاج الديبلوماسية أحياناً إلى السرية».