يبدو أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات اكتفت ببيانها التوضيحي الليلة قبل الماضية حول إيقاف خدمة بلاكبيري، ورفض مسؤولوها وعلى رأسهم المحافظ التعليق على البيان، وتوضيح بعض النقاط الواردة فيه، في حين أغلق آخرون هواتفهم النقالة منعاً للإحراج مع الصحافيين.وتحفظ محافظ الهيئة الدكتور عبدالرحمن الجعفري على التعليق على الإجراءات التي ستتبعها الهيئة بشأن تطبيق قرار منع خدمة «ماسنجر بلاكبيري» التي أبلغت الهيئة الشركات الثلاث المشغلة أنه سيبدأ إيقافها اعتباراً من غد (الجمعة). واكتفى المحافظ في اتصال هاتفي مع «الحياة» أمس بالقول: «أنا في إجازة». كما رفض كبير فنيي التشغيل في هيئة الاتصالات طارق الجنيد في اتصال هاتفي مع «الحياة» الحديث عن القرار، وألقى المسؤولية على المتحدث باسم الهيئة سلطان المالك، الذي واصل إغلاق هاتفه منذ يوم (الأحد) الماضي، في حين تجاوب مع وكالة «رويترز» وأدلى لها بتصريح تضمن أنه سيتم فقط إيقاف خدمة «ماسنجر بلاكبيري». وقال الجنيد إن «الهيئة أصدرت بياناً أوضحت فيه ما لديها، وأوكلت المتحدث الرسمي للرد على التساؤلات، وانه بإمكان أي شخص أن يستفسر بالاتصال على هواتف الهيئة». كما رفض المستشار القانوني للهيئة ضيف الله الزهراني التصريح، وقال إنه لن يصرح إلا لأشخاص معينين يثق بهم!. وانتقل الصمت وغلق الهواتف النقالة من مسؤولي هيئة الاتصالات إلى نظرائهم في شركات الاتصالات الثلاث المقدمة للخدمة، فهواتفهم إما مغقلة، أو يرفض المسؤولون الرد على اتصالات «الحياة»، لاستيضاح رأيهم بخصوص وقف الخدمة، وما إذا كانوا سيلتزمون بالقرار أم لا. وأجرت شركة ريسيرش ان موشن (ار.اي.ام) المنتجة لهواتف بلاكبيري الذكية محادثات مع السعودية أمس، في محاولة لتفادي تهديدات بقطع خدمة رئيسة، وذلك في الوقت الذي اتخذت فيه الهند نهجاً صارماً مع الشركة الكندية. وتواجه «ار.اي.ام» مطالب متزايدة من حكومات في شتى أنحاء العالم بأن تتيح لها الوصول لنظام تشفير البيانات لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وأفادت صحيفة «ايكونوميك تايمز» بأن مسؤولين أمنيين في الهند -وهي سوق نمو ضخمة للاتصالات المحمولة- حذروا من أنه سيجري تعليق الخدمة إذا أخفقت الشركة في إزالة مخاوفهم. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني لم تكشف هويته قوله: «أوضحنا للغاية أن أي خدمة من خدمات بلاكبيري لا تستطيع وكالاتنا رصدها بشكل كامل يجب وقفها». ونقلت وكالة «رويترز» عن «ار.اي.ام ان» أن تأمين بيانات بلاكبيري يستند إلى نظام ينشئ المستخدم من خلاله مفتاحاً خاصاً به من دون أن يكون لدى الشركة مفتاح رئيس أو أي وسيلة أخرى تمكنها أو أي طرف ثالث من الوصول إلى بيانات الشركات المهمة. وأوضحت الشركة أنها لم تقدم أبداً أي ميزة بخاصة لحكومة من دون أخرى، ولا يمكنها تلبية أي طلب للحصول على نسخة من مفتاح التشفير الخاص بالمستخدم. والتقت هيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السعودية مع مسؤولين كبار من «ار.اي.ام» قبيل دخول الحظر على خدمة «بلاكبيري مسنجر» للتراسل الفوري في المملكة حيز التنفيذ غداً (الجمعة). وقال المتحدث باسم الهيئة سلطان المالك، إن الحظر سيقتصر على خدمة المسنجر، وان المفاوضات ما زالت جارية، لكن موعد فرض الحظر نهائي. وأوضح مسؤول آخر بالهيئة (اشترط عدم نشر اسمه): «هناك توجيهات عليا بهذا الحظر.. ليس مثل أي قرار أصدرته الهيئة من قبل.. سيكون عليهم وقفها.. هذا نهائي». وفي المقابل، انتقد رئيس دار الدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالعزيز الداغستاني بيان هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التوضيحي بخصوص إيقاف خدمة البلاكبيري في المملكة بداية من غد (الجمعة)، وقال إن البيان يثير أكثر من سؤال. وقال الداغستاني ل «الحياة» إن البيان أثار علامات استفهام حول قدرة الهيئة على إلزام مقدمي الخدمة بالأنظمة، «ويبدو أن قدرة الهيئة على إلزام مقدمي خدمة الاتصالات في المملكة بأنظمتها ضعيفة.. هذا واضح من عدم استجابة شركات الاتصالات لطلب الهيئة بالوفاء بالمتطلبات التنظيمية لخدمة البلاكبيري كما جاء في بيان الهيئة». وتابع: «هذا أمر غير طبيعي يؤثر بالضرورة في هيبة هيئة الاتصالات وقدرتها على تنظيم السوق، ويكون الضحية في النهاية هو المستهلك الذي يقع بين سندان شركات الاتصالات ومطرقة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، كما حصل من قبل في رسوم التجوال الدولي». وأضاف: «ما حدث من تطورات في تقديم هذه الخدمة وانتهى بإيقافها فوراً يعكس خللاً تنظيمياً وإدارياً في إدارة هذه الخدمة، وهي خدمة تقنية تخدم قطاع الأعمال والأفراد على حد سواء، وهو بالضرورة ينعكس على إدارة الأعمال وخدمة الأفراد، ويثير أكثر من تساؤل حول قدرتنا عموماً على إدارة الأعمال». وأشار إلى أن تقديم خدمة البلاكبيري تمس شريحة من المواطنين قد تتجاوز مليون مشترك، يضخون لشركات الاتصالات نحو بليون ريال سنوياً، «ما ذنب هؤلاء إذا كانت إدارة هذه الخدمة غير منضبطة؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ هل شركات الاتصالات أم هيئة الاتصالات؟،ولماذا لم يتم أخذ كل التدابير والاحتياطات اللازمة بما فيها الجوانب الأمنية، قبل الموافقة على تقديم الخدمة». واستطرد الداغستاني قائلاً: «الذي أخشاه هو أن تكون حالة البلاكبيري حالة نمطية لتعاملنا مع التقنية الحديثة، والتي تمثل عصب الاستثمار في الاقتصاد العالمي الجديد، ونحن في مرحلة تنموية نوعية تتطلب أن يكون مناخ الاستثمار أكثر استقراراً وتنظيماً، وألا تكون هناك عوائق أمام استفادة المواطن عموماً من التقنية الحديثة أسوة بغيره في العالم المتحضر، ونحن الآن دولة فاعلة على الساحة الاقتصادية الدولية، ومن الضروري أن نواكب العالم وأن نكون أكثر تفهماً لمتطلبات الحياة واستجابة الناس لها».