نيويورك - أ ف ب - ارتفعت أسعار القمح نحو أربعين في المئة في تموز (يوليو) الماضي في أسواق المال، نتيجة موجة الحرّ والجفاف التي تقضي على المزروعات في روسيا، ثالث أكبر دولة مصدرة للقمح، إذ تؤمن نحو 8 في المئة من إنتاجه العالمي. وبلغ سعر كيلو القمح في «بورصة المواد الأولية» في شيكاغو، التي تعتبر مرجعاً عالمياً، تسليم أيلول (سبتمبر) المقبل 27.72 سنت، بارتفاع نسبته 4.8 في المئة خلال يوم واحد. وبلغ خلال الجلسة 28.2 سنت، وهو سعر لم يسجل منذ أيلول 2008. وفي باريس، تجاوز سعر طن القمح في السوق الأوروبية «يورونيكست» 200 يورو، وبلغ أعلى مستوى منذ أكثر من سنتين. ولا ترى روسيا نهاية قريبة لموجة الحرّ التي تضربها منذ شهر وتسبب حرائق غابات في غرب البلاد. وتفاقم الوضع الى درجة دفعت الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الى إعلان «حالة الطوارئ» أول من أمس في سبع مناطق. وقال المحلل الخبير في الأسواق الزراعية في مجموعة «دوان ادفايزوري سرفيسز» بيل نلسون، إن «كل هذه الأخبار السلبية المرتبطة بالأحوال الجوّية وتأثيرها على روسيا بأكملها، وليس فقط على الزراعة، يعزز ارتفاع الأسعار». وأشار محللون في دار الوساطة «الينديل» الى أن «النقابة الروسية للزراعة» خفضت تقديراتها للمحاصيل التي تشمل كل المواد الأولية الزراعية، الى ما بين 72 مليون طن و78 مليوناً، وكانت بلغت 97 مليون طن العام الماضي و108 ملايين عام 2008، كما حذرت من أن صادرات البلاد ستتراجع بنسبة 50 في المئة. وكان «المجلس الدولي للمواد الأولية الزراعية» خفّض الى حد كبير تقديراته للإنتاج الزراعي العالمي في الموسم المقبل إلى 651 مليون طن. ولفت محللون في «كوميرسبانك» الى أن «انخفاض عرض القمح الأوروبي يعزز الطلب على القمح الأميركي»، لذلك ارتفعت الأسعار في شكل كبير في الأسواق الأميركية. والنتيجة في الأسواق الدولية، كما يرى محللون في مجموعة «باركليز كابيتال»، أن الأسعار «ارتفعت معززة بمخاوف من احتمال مراقبة صادرات القمح، أو الحد منها من قبل الدول المطلة على البحر الأسود، التي ما زالت تعاني من أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من قرن». ويمكن أن يتعرض الإنتاج الأميركي الذي يبدو غزيراً، إلى ضغوط الطلب المتزايد من أجل التعويض عن نقص الإنتاج في روسيا، وأوكرانيا وكازاخستان اللتين تواجهان موجة جفاف أيضاً. أما كندا، التي شهدت أمطاراً غزيرة في الربيع الماضي، فيفترض أن تشهد تراجعاً في إنتاجها. وقال المحللون في «كوميرسبنك»، نقلاً عن مسؤولين زراعيين، إن إنتاج القمح في كندا هذه السنة سيكون أقل بنسبة 17 في المئة عن العام الماضي، وهي شاركت روسيا في المرتبة الثالثة للدول المصدرة للقمح عالمياً في عام 2009. وما يزيد الأوضاع سوءاً أن الهند وباكستان اللتين تؤمنان نحو 15 في المئة من إنتاج القمح العالمي، تواجهان أمطاراً غزيرة وفيضانات. لكن العالم يبقى في منأى من الوقوع في فاقة. فبعد سنتين شهدتا إنتاجاً عالمياً قياسياً، يفترض أن تبقى مخزونات القمح في العام الحالي والعام المقبل في ثالث أعلى مستوى مسجل.