بحثاً عن عالم خال من الاختناقات المرورية والحوادث الى جانب تخفيض استهلاك الوقود والحدّ من نسب الإنبعاثات الملوثة، اتحد عدد من صانعي السيارات وابتكروا وسيلة اتصال جديدة تخفّض إلى النصف أعداد ضحايا الحوادث على الطرق، وتعزز من الوضع المروري لتقليل الوقت المهدّر الى أقصاه، بحلول عام 2010. وتتلخّص وسيلة الاتصال الجديدة في إنشاء «لغة» مشتركة بين السيارات، تمكّنها من تبادل المعلومات والبيانات المختلفة في زمن قياسي وعلى السرعات العالية أيضاً. نجحت شركات للسيارات وموردون للأنظمة الإلكترونية، تحت مظلّة اتحاد الإتصالات بين السيارات في ألمانيا، في جعل نماذج حالية تخاطب بعضها بعضاً من خلال تبادل معلومات تتعلّق بالمواقع والسرعات ووجهات السير في محيط بضع مئات من الأمتار، ما يعني إبلاغ سائقي هذه السيارات وتحذيرهم، إذا ما توقفت مركبة أخرى على سبيل المثال في منطقة صعبة الرؤية، أو على وشك الدخول في مفترق معها. وتستند تقنية التبادل المعلوماتي بين السيارات وبعضها بعضاً على نظام تعاوني أكثر مرونة وأقل تعقيداً، يتيح تبادل المعلومات بين الأطراف المعنية على الطرق بدءاً من السيارات، مروراً بالمشاة والقطارات، وصولاً الى عناصر البنية التحتية في شأن إشارات المرور. كل ذلك من خلال شبكات اتصال متحركة تنقل إشارات راديوية تتفق والمعايير الدولية المتعارف عليها. كذلك يمكن لتقنية التبادل المعلوماتي بين السيارات وبعضها بعضاً، والموصّلة في ما بينها من خلال شبكة موضعية لاسلكية WLAN، إبلاغ السيارات القادمة في محيط دائرتها بتلك الظروف الطارئة على الطريق، علماً أن كل سيارة تؤدي دور «مُرسل» المعلومات وكذلك «مستقبلها»، ما يُتيح للسائقين قراءة أو سماع التعليمات المشيرة الى بداية الازدحام ومسافته، وغيرها من المعلومات التي تحول دون وقوع أي حوادث، بل وتقديم بدائل مقترحة لطرق أخرى لتجنّب منطقة الازدحام. وبالمثل، عندما تتحول إشارات المرور إلى اللون الأحمر، تبلّغ السيارات القادمة بالتحول الطارئ ايذاناً بخفض السرعة وبالتالي خفض استهلاك الوقود. اما اذا ما تعرضت احدى السيارات لخطر الانزلاق على الطرق الزلقة أو الرملية، أو حتى الموحلة، يتم تناقل تلك المعلومة تلقائياً بين السيارات الأخرى في دائرة بضع مئات من الأمتار. جانب ترفيهي أيضاً وتتيح الشبكات المحلية اللاسلكية الاتصال بشبكة الإنترنت عبر إشارات الراديو عوضاً عن الاتصال بالأسلاك، ما يوفر إمكان تصفّح رسائل البريد الإلكتروني وإرسال الرسائل الآنية إلى المعارف والأصدقاء، وكذلك مشاهدة الفيديوات على موقع «يوتيوب» الغني عن التعريف، بل وتوصيل منصّة الألعاب «سوني بي إس بي» بالشبكة العنكبوتية. لكن، وعلى رغم توافر تقنيات شأن «يو كونيكت» لدى سيارات «كرايسلر» و «دودج» و «جيب»، التي تقدّم نقاط «واي فاي» ساخنة تركّب عند الطلب في مقابل رسوم معينة، إلا أن اتّصال السيارات ببعضها بعضاً يُتيح كذلك إمكان تبادل الأفلام والملفّات الموسيقية المحببة وخرائط منطقة بعينها بين السائقين ضمن قطر يُقدر بمئات الأمتار، وإن تطلّب الأمر كذلك مزيداً من الحماية حتى لا تقع الملفات والصور الشخصية الخاصة في أيدي المتطفّلين. من خيال إلى واقع السيناريوات لتحويل تلك الأفكار والمفاهيم إلى واقع ملموس كثيرة، فمن خلال تزويد إحدى الطرز بتقنيات خاصة تتيح بث إشارات الراديو واستقبالها كان سهلاً للحؤول دون حصول حادث تصادم بين هذا الطراز ودراجة نارية عند تجاوزهما مفترق طرق عبر تبادل رسائل تحذيرية بين الدراجة النارية القادمة من وجهة غير مرئية وسائق السيارة. أما السيناريو الثاني فيتعلّق بإفساح المجال لعربات الإسعاف والشرطة لمزاولة مهماتها، وقد أُبلغ عن اقتراب تلك السيارات من الخلف، لإخلاء الطريق أمامها، حتى عند عدم الاستعانة بصافرة الصوت الخاصة بسيارات الشرطة أو الإسعاف. كذلك الأمر عند حصول حادث أو تعطّل إحدى السيارات تحديداً عند بداية أحد المنعطفات، ما قد يشكّل خطورة إذا لم تتفاداه السيارات البعيدة، لذا يتم تناقل المعلومات المتاحة عن ذلك الحادث بين السيارات في محيط المنطقة لخفض السرعة أو الاستعانة بطريق بديلة مختلفة تجنباً لإختناق مروري متوقع. وبحسب كل سيناريو، تكون تلك الرسائل التحذيرية المنقولة خلال نظام شبكي لاسلكي، إما رسائل مرئية أو سمعية، أو من خلال اهتزازات متكررة في مقعد السائق.