تتزايد حفلات الزفاف في الأراضي الفلسطينية في الصيف وتشجعها عادة «النقوط» التي تخفف الأعباء عن المتزوجين، ولكنها باتت تثقل كاهل المدعوين للأعراس. وبحسب العادات السارية في غالبية الأراضي الفلسطينية، يقيم أصحاب العرس مأدبة غداء قبل حفل العرس بيوم واحد، ويترتب على المدعو خلالها دفع مبلغ مالي يعرف باسم «النقوط» يقدم للعريس. ومع انتعاش موسم الزواج في الصيف يبدي البعض عجزهم عن تلبية كل الدعوات التي يتلقونها. ويقول مراد شريتح (46 عاماً) خلال حضوره عرساً في قرية أبو قش شمال رام الله في الضفة الغربيةالمحتلة: «دفعت ما يقارب 400 دولار خلال أسبوعين فقط، ولدي دعوات مكدسة للشهر المقبل... بت أفكر في تلبية بعضها وتناسي الأخرى». وتتراوح قيمة «النقوط» التي يقدمها المدعو (غالباً لوالد العريس) بين 15 إلى 25 دولاراً. وينفق الفلسطينيون الميسورون مبالغ طائلة على حفل العرس تتجاوز في بعض الأحيان 30 ألف دولار، وتشمل مأدبة الغداء وإيجار مغن ومصورين، ومنهم من يوزع هدايا على الحضور ليلة السهرة، مثل الكوفية أو مسبحات بلون العلم الفلسطيني. أما بالنسبة لذوو الدخل المتوسط، فإن «النقوط» يساعدهم إلى حد كبير في تغطية مصاريف الزفاف التي قد تبلغ عشرة آلاف دولار في قرية صغيرة. ويقول خالد عبد الله (50 عاماً) الذي زوج ابنه قبل أيام أن كلفة العرس بلغت 10 آلاف دولار، وأن «النقوط» التي تلقاها غطت التكاليف كافة. وأضاف أن «النقوط ووليمة الغداء هي العادة الأصيلة المهمة التي بقيت في ثقافتنا الفلسطينية، كونها تعبر عن التضامن». ومن أصحاب العرس من يسجل اسم من قدموا مبالغ مالية عند مأدبة الغداء ليرد الهدية حين يتزوج أقرباؤهم. ويقول والد العريس: «صحيح أنني تلقيت هذا المبلغ عند زواج ابني، لكني كنت دفعت مثله للمدعويين في حفلاتهم خلال السنوات الماضية». ولا يجبر المدعوون على تقديم أي مبلغ، لكن الإحراج سيكون من نصيب من لا يفعل ذلك ولا سيما وهم يمرون إلى جانب صندوق خشبي وضعه أصحاب العرس عند المدخل وإلى جانبه مجموعة مغلفات لوضع المال فيها وكتابة الاسم. ويلجأ البعض إلى الاحتيال على هذه العادة، فيضعون المغلف في الصندوق فارغاً من دون اسم. ويقول رجل زوج ابنه حديثاً رافضاً ذكر اسمه: «وجدت بالفعل أكثر من مغلف فارغ، ولكي أعرف من وضعها قمت بمشاهدة شريط الفيديو وتمكنت من معرفتهم، وهؤلاء لن أساهم في زواج أي من أقاربهم مستقبلاً». ويقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة «بيرزيت» مجدي المالكي إن عادة النقوط أو الهدايا في الأعراس «إنما هي تعبير عن حالة تضامنية عاشتها قبائل قديمة». وأضاف أنه «في المجتمع الفلسطيني تخفف النقوط من أعباء العرس وهي نوع من التكافل الاجتماعي، على رغم أنها في الشكل الظاهر تبدو نوعاً من المجاملة لكنها مفيدة في تحمل كلفة العرس في شكل جماعي، ويتم تدويرها بين الناس كأنها قرض أجل». وفي بعض القرى يتم إشهار «النقوط» بأن توضع الأموال التي جمعت من المدعوين على شكل إكليل وتعلق على رقبة العريس ومن ثم يحمل على أكتاف أقاربه. ويقول المالكي أن هذه العادة «يراد منها إظهار أهل العريس مدى الحظوة التي يتمتع بها ابنهم بين أقاربه ومعارفة». وترتفع نسبة حفلات الزواج في الأراضي الفلسطينية في الصيف حين يعود الكثيرون من الخارج، وعادة ما تكون حفلات زواج الأقارب والأصدقاء أكثر ما يشغل أوقات إجازتهم.