احتجزت الشرطة الأوكرانية 70 «انفصالياً» موالين لروسيا احتلوا مبنى الإدارة الإقليمية في مدينة خاركيف (شرق)، فيما صمد محتجون آخرون في مدينتين أخريين، في إطار ما تصفه كييف بأنه «مخطط وضعته موسكو لتكرار ما حصل في شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود التي ضمتها روسيا إلى أراضيها الشهر الماضي، تمهيداً لتقسيم أوكرانيا. ولم تقدم كييف تفاصيل كثيرة عن عملية «محاربة الإرهاب» في خاركيف التي أغلق وسطها على غرار محطات المترو. وأشارت إلى جرح 3 شرطيين اثر إلقاء قنبلة يدوية، فيما عرضت وسائل إعلام صوراً للمبنى الإداري في خاركيف الذي تحطمت نوافذه. وقال الرئيس الأوكراني الموقت ألكسندر تورتشينوف أمام البرلمان: «تحاول موسكو تكرار سيناريو القرم، وسنطبق إجراءات محاربة الإرهاب على من يحمل سلاح، علماً أن السلطات تصدت أيضاً لمحاولات استفزاز نفذها انفصاليون في منطقتي دنيبروبتروفسك ونيكولايفسك». وزاد: «لن توجه قوات الأمن سلاحها ضد متظاهرين سلميين، ونأمل باستعادة السيطرة قريباً على مباني أجهزة الأمن في لوغانسك والإدارة المحلية في دونيتسك». وشهدت جلسة البرلمان شجاراً بين نواب، اثر اتهام زعيم الشيوعيين بيترو سيمونينكو القوميين بخدمة مصالح روسيا، عبر تبني أساليب متطرفة في بداية الأزمة الأوكرانية. وقال سيمونينكو، في إشارة إلى سيطرة محتجين مؤيدين لروسيا على مبانٍ شرق أوكرانيا الناطق بالروسية: «وفر القوميون سابقة في وقت سابق من السنة الحالية باستيلائهم على مبانٍ عامة خلال الاحتجاجات ضد حكم الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش. واليوم تهاجم جماعات مسلحة الناس الذين يريدون الدفاع عن حقوقهم بوسائل سلمية. وقال قبل أن يجره نائبان من حزب «سفودوبا» القومي اليميني المتطرف من فوق المنصة: «تفعلون كل شيء اليوم لتخويف الناس. تعتقلونهم وتقاتلون من يختلف معكم في الرأي». وتجمع أنصار حزب سيمونينكو للدفاع عنه، فنشب شجار مع نواب من أحزاب أخرى، وتبادلوا اللكمات، علماً أن الشيوعيين كانوا أيدوا يانوكوفيتش وحزب «الأقاليم» الذي تزعمه طوال الثلاثة أشهر التي سبقت هروبه إلى خارج البلاد في 22 شباط (فبراير)، بعد قتل أكثر من مئة شخص برصاص قناصة الشرطة في كييف. موسكو و «الأطلسي» وردت موسكو على عملية «مكافحة الإرهاب» الأوكرانية بدعوة كييف إلى وقف كل استعدادات للتدخل في المناطق الشرقية، محذرة من خطر اندلاع حرب أهلية. وأفادت وزارة الخارجية الروسية بأن «وحدات من قوات وزارة الداخلية والحرس الجمهوري الأوكراني تتدفق إلى مناطق جنوب شرقي البلاد خصوصاً دونتسك، إلى جانب مقاتلين من مجموعة برافي سيكتور (القطاع الأيمن) المسلحة غير الشرعية. كما يشارك 150 عنصراً من شركة غري ستون الأميركية الخاصة للأمن في العملية، مرتدين زي وحدة سوكول الأوكرانية». وأضافت: «كلّف هؤلاء مهمة سحق احتجاجات سكان جنوب شرقي البلاد على سياسة السلطات في كييف». في باريس، دعا الأمين العام للحلف الأطلسي (ناتو) أنديس فوغ راسموسن روسيا إلى «سحب قواتها من حدود أوكرانيا، وعدم استخدام ورقة التصعيد»، محذراً من «عواقب خطرة لأي تدخل، بينها مواجهة عزلة دولية، وصولاً إلى جعله خطأ تاريخياً». واعتبر راسموسن أن «تعدي روسيا غير الشرعي على أوكرانيا هو التحدي الأكبر للأمن في أوروبا خلال جيل، ما دفع الحلف إلى مراجعة خططه الدفاعية، وكذلك اتفاقاً للتعاون مبرماً مع روسيا عام 1997 مع روسيا، وإعلان روما عام 2002 الذي يمنع الحلف من إنشاء قواعد شرق أوروبا ووسطها. وسيبت وزراء خارجية الحلف في هذه المراجعات بحلول حزيران (يونيو) المقبل، استناداً إلى الوضع في أوكرانيا وسلوك روسيا». إلى ذلك، أبلغ وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ برلمان بلاده أن «استيلاء محتجين موالين لروسيا على مبان حكومية يحمل بصمات استراتيجية تنفذها موسكو لزعزعة استقرار أوكرانيا، والإضرار بصدقية الانتخابات الرئاسية المقبلة في هذا البلد»، والمقررة في 26 أيار (مايو) المقبل. في واشنطن، حذر البيت الأبيض روسيا من التحرك «في شكل معلن أو مستتر» شرق أوكرانيا، مشيرة إلى رصد أدلة على دفع مبالغ مالية لمتظاهرين مؤيدين لروسيا، علماً أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أبلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي أن «موسكو يجب أن تتنصل علناً من أفعال الانفصاليين والمخربين والمستفزين»، محذرة من أن تنفيذ روسيا خطوات أخرى لزعزعة الوضع «ستكلفها ثمناً إضافياً».