وسّعت أنقرة حملتها على مشبوهين بالتورط بمحاولة الانقلاب الفاشلة، لتشمل ديبلوماسيين وعسكريين أتراك يعملون في دول أخرى. وأقرّت بفرار بعضهم بعد استدعائهم إلى أنقرة، وحضّت الأطراف المعنيين على إعادة «الخونة». تزامن ذلك مع إعلان السلطات التركية أنها احتجزت 35022 شخصاً بعد المحاولة الانقلابية منتصف الشهر الماضي، مشيرة إلى أن 17740 منهم اعتُقلوا رسمياً، معظمهم عسكريون، فيما أُفرج عن 11597 شخصاً، وما زال 5685 محتجزين. وذكر وزير الداخلية إفكان ألا، أن 76100 مشبوه بالانتماء إلى جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الفاشلة، أوقفوا عن العمل أو طردوا من وظائفهم في القضاء والإعلام والرعاية الصحية والجيش والحكومة. وأوردت صحيفة «حرييت» أن مدعين في أنقرة أمروا باحتجاز 648 قاضياً ومدعياً كانوا أوقفوا عن العمل الأربعاء. ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جماعة غولن بأنها «أسوأ تنظيم إرهابي» في العالم، معتبراً أن الولاياتالمتحدة «ستُضطر، عاجلاً أم آجلاً، إلى الاختيار» بين الجماعة و «تركيا الديموقراطية». وعزّزت محاولة الانقلاب شعبية أردوغان، إذ أظهر استطلاع رأي أعدّته مؤسسة «ميتروبول» أن 68 في المئة من الأتراك يدعمون سياسته، بزيادة مقدارها 21 نقطة مقارنة بحزيران (يونيو) الماضي. في المقابل، أبدى 27 في المئة تحفظاً على سياسته، بتراجع 20 نقطة عن حزيران. إلى ذلك، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن ملحقين عسكريين أتراكاً في سفارات ساندوا المحاولة الانقلابية، مشيراً إلى أن بعضهم أبلغ سفاراته ليلة المحاولة الفاشلة بأنهم باتوا «المسؤولين الآن» عن البعثة. وأضاف أن أنقرة أمرت الموظفين العسكريين المشبوهين بالتورط بالمحاولة، بالعودة إلى تركيا، مشيراً إلى بدء «تدابير قانونية» ضد الذين لم يعودوا. وذكر أن أثينا أبلغت أنقرة أن ملحقَين عسكريَّين يعملان في السفارة التركية لدى اليونان، واستُدعيا إلى أنقرة بعد المحاولة الانقلابية، فرّا مع عائلتيهما إلى إيطاليا في 6 الشهر الجاري. ولفت إلى أن أحدهما قد يكون لجأ إلى هولندا حيث يقيم شقيقه، مضيفاً أن تركيا أبلغت إيطالياوهولندا ودولاً أوروبية أخرى بالأمر، وتابع: «نسعى إلى إعادة هذين الخائنين إلى تركيا». وأعلن مصدر حكومي يوناني أن بلاده على علم بالقضية، مستدركاً أن «الملحقَين غادرا قبل أن تبدأ السلطات التركية البحث عنهما، وقبل سحب جوازَي سفرهما الديبلوماسيَّين». وأشار جاويش أوغلو إلى أن ملحقاً عسكرياً في الكويت حاول الفرار عبر المملكة العربية السعودية، لكنه أُعيد إلى بلاده. وأضاف أن جنرالَين كانا متمركزين في أفغانستان اعتُقِلا في دولة الإمارات وأُعيدا إلى تركيا. وتابع: «بعضهم هرب، وهناك فارون بين ديبلوماسيينا أيضاً. نفدت مهلة الذين استُدعوا للعودة، وسنتخذ تدابير قانونية في حق الذين لم يعودوا». وذكر أن مسؤولَين في بنغلادش فرّا إلى نيويورك، فيما فرّ ثالث إلى اليابان عبر موسكو. وتعهد «إعادة الخونة إلى تركيا». وأعلن تجميد عمل حوالى 300 موظف في وزارة الخارجية، بينهم سفيران، منذ المحاولة الانقلابية. وكانت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء أفادت بأن الأميرال التركي مصطفى أوغورلو الذي يعمل في قاعدة للحلف الأطلسي في الولاياتالمتحدة، طلب اللجوء في هذا البلد. وأشار جاويش أوغلو إلى أن أنقرة طلبت معلومات من واشنطن في هذا الصدد. إلى ذلك، دعا الوزير التركي إسرائيل إلى تطبيع سريع للعلاقات مع إسرائيل، بعدما «استجابت لشروطنا». وبرّر تأخير ذلك بالمحاولة الانقلابية، مرجّحاً مصادقة البرلمان على اتفاق التطبيع المُبرم بين الجانبين في حزيران الماضي، «قبل عطلته الصيفية» نهاية الشهر، ثم يلي ذلك تعيين سفيرين لدى عاصمتَي الدولتين. في غضون ذلك، أعلن المبعوث التركي لدى الاتحاد الأوروبي سليم ينيل، أن بلاده «لا تغلق الباب» على تعديل قانون مكافحة الإرهاب «طالما لا يمسّ كفاحنا ضد الإرهاب بكل أشكاله»، وإذا ضمنت بروكسيل استثناء الأتراك من التأشيرة لدخول دوله. وبعد ثلاثة أيام على لقاء أردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبورغ، أعلنت وزارة الخارجية التركية أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سيلتقي في أنقرة اليوم، جاويش أوغلو والرئيس التركي. ورجّحت أن يناقش الجانبان «العلاقات الثنائية ومشكلات إقليمية ودولية، في مقدمّها الأزمة السورية». وكانت طهران أعلنت مساندتها أردوغان خلال المحاولة الانقلابية.