الصيني على الزعامة الأولمبية في دورة ريو دي جانيرو لا يمكن لأحد مجاراته أو الدنو منه. غير أن وقائع يومية بعضها مرتبط بأبطال البلدين وأخرى بنجوم ومشاركين من بلدان عدة، «تؤطّر» شخصية هذه الألعاب المقامة للمرة الأولى في أميركا الجنوبية. وفي حين يمضي السباح الأميركي مايكل فيلبس، الذي يعالج تعب عضلاته بالحجامة، في تكديس الميداليات، مقدّماً نموذجاً مثالياً للعلاقة التي تربطه بمدربه بوب بوومان منذ 19 عاماً، تخطو مواطنتهما كاتي ليديكي خطوات راسخة لتكون نجمة الأحواض المطلقة في السنوات المقبلة، متابعة درب النجاح الذي عرفته خلال بطولة العالم في قازان (جمهورية تترستان) العام الماضي. غير أن فيلبس، الذي يخوض الألعاب الأولمبية للمرة الرابعة، شُبّه بليونيداس الرودوسي (من جزيرة رودوس)، نجم الألعاب الأولمبية أيام الإغريق، الذي برز في أربع دورات (بين 164 و152 قبل الميلاد) وحصد 12 ميدالية ذهبية في سباقات الجري المتنوّعة وقتذاك (الستاديون الشبيه بسباق ال200م، الديولوس الشبيه بال400م، والأوبتيلودروموس المخصص لمسافة 400م مع حمل ثقل خلال الجري). كما أن جانباً آخر من الفعاليات المثيرة في ألعاب «ريو 2016»، أي منافسات ألعاب القوى، تنطلق اليوم. وستبقي العداء الجامايكي أوساين بولت حديث الناس أكان أنهى مشاركته بحصده 3 ذهبيات جديدة في سباقات السرعة أو إخفاقه واكتفائه ب «جزء منها» بعد سطوته المطلقة في «بكين 2008» و»لندن 2012». وتكتمل عوامل الجذب الأولمبية بالجمباز، الضلع الثالث الأساسي (مع السباحة وألعاب القوى) من أضلاع منظومة التربية البدنية. وفي فصول المتعة المستمرة، تنسج الأميركية سيمون بايلز قصة ذهبية، هي فصل من الرواية التي بدأها الثنائي الروماني بيلا ومارتا كارولي، الذي ساهم في فوز منتخب بلاده ب 14 ميدالية بينها 5 ذهبيات في دورتي 1976 و1980 الأولمبيتين أيام «المعجزة الصغيرة» ناديا كومانتشي. ومنذ انتقاله إلى الولاياتالمتحدة وتسلّمه مقدرات اللعبة فاز الأميركيات والأميركيون ب 38 ميدالية بينها 11 ذهبية منذ دورة 1984. واللافت أن رومانيا لم تتأهل إلى مسابقة الفرق في ألعاب ريو. غير أن سيادة الجمباز الرجالي عنوانها الياباني كوهاي أوشيمورا الذي احتفظ ليل الأربعاء - الخميس بلقب المسابقة العامة، مكرراً إنجاز مواطنه ساواو كاتو بطل دورتي 1968 و1972. ويسيطر أوشيمورا على المنافسات منذ 8 أعوام، وفي جعبته 19 ميدالية (بينها 9 ذهبيات) في بطولة العالم. ويعتبره البيلاروسي فيتالي شيربو حامل 6 ذهبيات في ألعاب برشلونة عام 1992، «البطل المطلق. هو من طينة نيقولاي أندريانوف وبوريس شاختين وفيكتور تشوكارين، إلا أنه نموذج فريد لا يتعثّر وثباته الدائم يقتل المنافسين». وما حققه أخيراً جعل اليابان تحرز لقب المسابقة العامة 6 مرات على غرار الاتحاد السوفياتي السابق. ومن ريو دي جانيرو، يتطلّع «الجبل» الفرنسي تيدي رينر (27 سنة، 2.03م، 137 كلغ) للاحتفاظ بلقب الجودو للوزن الثقيل (فوق 100 كلغ)، حيث توّج للمرة الأولى باللقب العالمي في عام 2007 واحتكره بعدها 8 مرات، علماً أنه لم يُهزم منذ عام 2010. وإذ تبقى آمال عربية في ميداليات ملوّنة في أكثر من لعبة بينها السباحة وألعاب القوى والرماية والتايكواندو، ابتسم اليوم الخامس من المنافسات للعرب، فأحرزوا أولى الذهبيات بواسطة الرامي الكويتي فهيد الديحاني في الحفرة المزدوجة (دوبل تراب) و3 برونزيات عبر المبارزة التونسية إيناس البويكري (سلاح الشيش) والرباعين المصريين سارة سمير (وزن دون 69 كلغ) ومحمد إيهاب (وزن 77 كلغ)، فأعادا رفع الأثقال المصرية إلى منصة التتويج بعد غياب 68 عاماً (فوز كل من محمود فياض وإبراهيم شمس بذهبية وعطية حمودة بفضية في دورة «لندن 1948»). كما أن سمير، التي حققت 3 أرقام قياسية شخصية (112 كلغ خطفاً و143 كلغ نتراً و255 كلغ مجموعة) هي أول مصرية تعتلي منصة التتويج الأولمبي. وكان الإماراتي، المولدافي الأصل، توما سيرجيو افتتح الثلثاء الفوز العربي بميداليات، بتتويجه ببرونزية وزن دون 81 كلغ في الجودو. لكن الذهب لن يُسجّل للكويت «قانوناً»، لأن الديحاني خاض المنافسات تحت الراية الأولمبية بسبب قرار الإيقاف المتخذ بحق الرياضة الكويتية منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لتعارض القوانين المحلية مع المواثيق والقوانين الرياضية الدولية، وبالتالي فإن الذهبية لا تحتسب لبلاده وتخطى الديحاني الأجواء المناخية الصعبة والأمطار الغزيرة التي كانت تهطل في ريو دي جانيرو، وفاز في النهائي (26 نقطة) على الإيطالي ماركو إينوتشني والبريطاني ستيف سكوت. ولطالما رصد الذهبية الأولمبية لكنه ظفر ببرونزيتين فقط في «سيدني 2000» و»لندن 2012» (مسابقة الحفرة)، ولم يهنأ أول من أمس بمشاهدة علم الكويت يُرفع على السارية الأعلى ويُعزف نشيدها الوطني. وانضم الديحاني إلى الأسترالي راسل ماركن، إذ أصبحا الراميين الوحيدين اللذين يحرزان أكثر من ميدالية أولمبية في الحفرة المزدوجة. كما أصبح أول رامٍ مستقل تحت العلم الأولمبي يتوّج بالذهب، بعدما سبق لرماة مستقلين أن أحرزوا برونزيتين وفضية عام 1992.