المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «المرأة السعودية».. كفاءة في العمل ومناصب قيادية عليا    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    فعل لا رد فعل    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    رسالة إنسانية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير التركي ل«الحياة»: لا يوجد انقلابيون أتراك في السعودية
نشر في الحياة يوم 10 - 08 - 2016

{ فتح الانقلاب الفاشل في تركيا الوضع الداخلي على العالم، وأصبح ما يجري فيها موضع اهتمام وتحليل، خصوصاً مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الطوارئ في البلاد ثلاثة أشهر، واستمرار حملات الاعتقال التي طاولت الكثيرين من مكونات المجتمع التركي، الأمر الذي فسره السفير التركي لدى السعودية يونس دميرار - خلال حوار مع «الحياة» - أنه بسبب تغلغل المعارض التركي المتهم بتدبير الانقلاب فتح الله غولن في البلاد منذ سنوات طويلة، ووصولهم إلى مناصب كبيرة في الدولة منذ 1980، خصوصاً في الشرطة والجيش.
وأكد السفير التركي كذلك عدم وجود انقلابيين أتراك في المملكة، لافتاً إلى أن السعودية من أوائل الدول التي تضامنت مع الشرعية، وتعاونت من خلال تسليم الانقلابي الذي كان يعمل ملحقاً عسكرياً في سفارة تركيا بالكويت أثناء مروره بأراضيها، وقال: «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز شدد - خلال اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان - على أنه مع الشرعية والحكومة المنتخبة في تركيا».
كما تناول السفير التركي استراتيجية ما بعد الانقلاب، مؤكداً أن سياسة تركيا الإقليمية لن تتغير، خصوصاً في ما يتعلق بمواقفها من ملفات المنطقة، ولن تغير استراتيجيتها في ما يخص الملف السوري واليمني والعراقي، مشيراً إلى أن الحكومة التركية قدمت الوثائق والأدلة كافة التي تدين «غولن» في محاولة الانقلاب الفاشلة، وطلبت من أميركا تسليمه، مشيراً إلى أن عدم تسليم «غولن» سيؤثر في العلاقات التركية - الأميركية.
كما تطرق السفير التركي - خلال حديثه إلى «الحياة» - عن التقارب التركي - الروسي، إضافة إلى وضع الاستثمارات الأجنبية في تركيا، إلى جانب القضايا الراهنة والأحداث التي تزامنت مع المحاولة الانقلابية، وهنا نص الحوار:
ما مدى تأثير المحاولة الانقلابية في السياحة بتركيا، على صعيد السياح الخليجين عموماً والسعوديين خصوصاً؟
- المشكلات التي حدثت في تركيا، سواء أحداث ما قبل الانقلاب أم بعده، لم تؤثر في قطاع السياحة بشكل كبير، وحتى وقت الانقلاب انحصرت الإشكالات في المطارات لساعات عدة ومن ثم عادت لوضعها الطبيعي، إضافة إلى عودة الحياة إلى المدن التركية منذ اليوم الثاني من الانقلاب الفاشل بشكل كامل.
وفي ليلة الانقلاب، بذلت كل من الخطوط الجوية التركية والخطوط الجوية السعودية جهوداً كبيرة لتفادي إحداث مشكلات للسياح في تركيا، من خلال عملها على تغيير حجوزات التذاكر وتسهيل الإجراءات اللازمة لذلك. وفي اعتقادي مثل هذا الإشكال لم يؤثر في السياحة، ولم يكن هناك أي تأثير في الأجانب الموجودين على الأراضي التركية. كما أن السياح الذين ذهبوا إلى تركيا بعد حادثة الانقلاب الفاشلة شاهدوا بأم أعينهم كيف عادت الحياة بشكل طبيعي إلى المدن التركية، كما أنهم نشروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل الحياة في تركيا، وكيف عادت إلى طبيعتها.
كيف ترون ردود الأفعال في دول الخليج والسعودية بعد الانقلاب، سواء على الصعيد الرسمي أم عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟
- أولاً بالنسبة إلى ردود الأفعال الرسمية، خصوصاً دول الخليج العربي والسعودية تحديداً، كان هناك تضامن كامل مع الشرعية، ومع تركيا بشكل قوى وكبير، ونحن فرحنا بهذا التضامن، إذ أكدت دول الخليج العربي أنها مع الشرعية والديموقراطية، خصوصاً السعودية. إذ أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالاً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤكداً أنه مع الشرعية والحكومة الشرعية في تركيا.
أما بالنسبة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، فنحن تابعنا بإعجاب الدعم القوي الذي أتى من مواقع التواصل الاجتماعي للشعب التركي والحكومة التركية التي اختارها الشعب، ورأينا الكثير من حسابات التواصل الاجتماعي للمواطنين من دول الخليج العربي والسعودية، أكدوا خلالها أنهم مع الشرعية والحكومة التي اختارها الشعب التركي، وهذا يؤكد التضامن القوي لدول الخليج العربي مع الحكومة المنتخبة.
نشرت مواقع تواصل اجتماعي (إيرانية) اتهامات للسعودية في حادثة الانقلاب، فما تعليقكم عليها؟
- نحن تابعنا تلك الأخبار التي انتشرت في دول عدة، ومن بينها إيران، تتهم السعودية، وشاهدنا كل ما نشر عبر تلك الحسابات، والتي اتضح أنها حسابات شخصية تدار من أناس لهم أجندة معينة، يريدون الضغط على الشعب التركي عبر أفكار ومعتقدات، الهدف منها تنفيذ أجندتهم الخاصة، ونحن في تركيا لا نهتم بما ينشر في تلك المواقع، لأنها استهدفت العلاقات السعودية - التركية.
هل يوجد انقلابيون في السعودية؟ وهل طلبت الحكومة التركية تسليم عناصر انقلابية موجودة داخل السعودية؟
- لا يوجد أي شخص تركي في السعودية مشارك في الانقلاب الفاشل، ولكن كان هنالك موظف في السفارة التركية بالكويت حاول الهرب من طريق السعودية إلى دولة أجنبية، ونحن طلبنا من الحكومة السعودية اعتقاله وإعادته إلى تركيا، وعملت الحكومة السعودية على اعتقال الملحق العسكري في سفاراتنا بالكويت، والذي كان أحد العناصر المباشرة في المحاولة، وسلمته للسلطات التركية، والتواصل الذي تم والسرعة في الاستجابة للطلب التركي يدل على العلاقة الوطيدة بين البلدين.
تغلغل «جماعة غولن»
كان عدد الانقلابيين كبيراً ومفاجأة، خصوصاً وأنهم منتشرون في مؤسسات الدولة التركية المدنية منها والعسكرية، فما تعليقكم؟
- إذا تحدثنا عن الانقلابيين، فنحن نتحدث عن أشخاص دخلوا المؤسسات الحكومية التركية منذ 1980، خصوصاً الجيش والشرطة.
وهؤلاء الانقلابيون هم من أتباع «غولن» الذي يعيش في أميركا منذ 16 عاماً، وكانوا يعملون منذ ذلك الوقت لتنفيذ هذا الانقلاب. إذ غادر تركيا بعد أن بدأت الشكاوى ضده ترفع في المحاكم التركية، وبعد أن ثبت أن لديه الرغبة في تغير نظام الدولة التركية، ومطلبه بنظام جديد للحكومة. واستطاع أتباع «غولن» التغلغل في المؤسسات الحكومية التركية، المدنية منها والعسكرية، وكانوا يستخدمون مبدأ «التقية» في عملية انتشارهم، وهذا أسهم في عدم إظهار نواياهم بشكل واضح وصريح للعلن، إضافة إلى أن «غولن» كان يأمر أتباعه بالسكوت وعدم إظهار أهدافهم، لحين الوصول إلى درجة القوة التي تمكّنهم من عمل الانقلاب وتغيير نظام الدولة.
متى كانت أول مواجهة مع أتباع «غولن»؟
- أول مواجهة للحكومة التركية مع هؤلاء الإرهابيين كانت في 2013، حينما قام عدد من أفراد الشرطة بموجة اعتقالات لمسؤولين في الحكومة التركية، وبعد تلك الحادثة قامت الحكومة بالتحقيق، وعملت على تنظيف جزء كبير منهم كان يعمل في الشرطة، وكان تغلغل أتباع غولن في المؤسسات الحكومية التركية كبيراً للغاية، وكشف الانقلاب الفاشل الأخير وجود أربعة من حراس رئيس الدولة التركية من أتباع غولن.
وتوغلوا منذ فترة طويلة، ولكن وصولهم إلى المركز كان تحديداً في 2007-2008، إذ تم فتح قضايا في تلك الفترة على عدد كبير من جنرالات الجيش التركي، وثم اتهامهم بالتخطيط للانقلاب، وكان الهدف إبعادهم عن مراكزهم، وإحلال أتباع غولن. وفي 2010 حدث ما كان يخططون له، إذ تم إبعاد عدد كبير من الجنرالات، واستطاعوا التغلغل بشكل واسع في المؤسسات الحكومية، خصوصاً العسكرية، وحتى قبل المحاولة الانقلابية لم يتم اكتشافهم، لأنهم كانوا يتّبعون «السرية» كما ذكرت في جميع تصرفاتهم، ولكن كشفت التحقيقات بعد حادثة الانقلاب الفاشلة أسماء جديدة تم اعتقالهم.
وفي اعتقادي أن الأعداد التي تم اعتقالها ليست كبيرة، قياساً بالمدة الزمنية الطويلة التي تغلغلوا خلالها في المؤسسات الحكومية كافة والتي تبلغ 36 عاماً، كما أنهم يعتبرون غولن «المهدى المنتظر»، ولا يرفضون له أمراً!
«المهدي المنتظر»
ما هو مصير الذين تم اعتقالهم؟ وكيف ستتم محاكمتهم؟
- الاعتقالات والتوقيف والتحقيقات تجري بحسب المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتي يضمنها القانون التركي، ويستطيع هؤلاء المعتقلون توكيل محامين للدفاع عنهم في المحاكم، وفي حال عدم ثبوت إدانتهم سيتم الإفراج عنهم.
وهذه الاعتقالات والتغيرات لا تتم بحسب طلب الحكومة التركية، بل لا بد من أخذ موافقة جميع الأحزاب السياسية، وحتى المعارضة منها، وتتم خطوات الاعتقال والمحاكمة بالاتفاق بين جميع الأحزاب، والتي اتفقت على اعتقالهم، لا سيما وأن الهدف الرئيس من هذا الانقلاب هو تغير نظام الدولة التركية.
هل يعتبر «غولن» نفسه المهدي المنتظر؟
- لا، أبداً لم يعتبر نفسه «المهدي المنتظر»، ولم يصرح بذلك، ولكن أتباعه يعتبرونه «المهدي المنتظر»، وأصبحوا يتعاملون معه على هذا الأساس، ويطبقون كلامه بالحرف.
لماذا أراد غولن تغيّر نظام الدولة التركية، خصوصاً في ظل نجاح الدولة على الصعيد الاقتصادي ونجاحات عدة في مختلف المناحي؟
- حينما أنظر إلى هذه العصابة، أرى أنها لا تريد السلام لتركيا وللشعب التركي. هم يستخدمون الإسلام قناعاً لأفعالهم المشينة، لا سيما وأنهم يستخدمون أساليب الكذب والمراوغة. فعلى سبيل المثال عندما دخلوا المؤسسة الدينية أظهروا أنفسهم أنهم جماعة إسلامية للوصول إلى السلطة، فغولن كان يريد تغيّراً شاملاً للنظام التركي والنظام الخاص في الدولة، ويهدف مشروعه إلى أن يكون مصير الدولة في يد شخص واحد، وهدفهم البعيد ليس تركيا، بل حكم الدول، بحيث يصبح هو المرجع والمرشد الأول.
وحينما تنظر إلى الأهداف وطريقة العمل التي يقوم بها ستعرف مستوى التفكير غير المنطقي لهذه الجماعة.
لم تكن جماعة «غولن» معروفة كثيراً قبل حادثة الانقلاب، ما تعليقكم؟
- بحكم أنكم بعيدون عن تركيا ومشكلاتها المحلية ولا تعرفون «غولن». محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة أوضحت للعالم الصورة الحقيقية لهذه الجماعة، فهو من أمر الجنود بالخروج بالدبابات والطائرات ليقصفوا الشعب التركي، ولا بد لي من أن أذكر بعض التفاصيل عن حادثة الانقلاب التي حدث في 2010، والسبب وراء اعتقال الوطنيين العاملين في الجيش التركي، إذ كتب أحد الجنرالات الوطنيين تقريراً في 2009 عن وضع أتباع «غولن» في الجيش التركي، ومدى جاهزيتهم لعمل انقلاب على الحكومة التركية، ورغبته في تغيّر النظام، وحينما اكتُشف أمر هذا التقرير حدثت موجة الاعتقالات للشرفاء في الجيش التركي، ومنهم هذا الجنرال بتهمة التخطيط لانقلاب.
وجود هذه المعلومات منذ 2009، ألم يشعر الحكومة التركية بالخطر الذي يهدد كيانها؟
- في الحقيقة عملت الحكومة التركية منذ ذلك الوقت في البحث والتحري عن الجماعة، ولكن المشكلة الوحيدة التي لم تكن تتوقعها هو توغلهم في المؤسسة العدلية، فعندما تم اعتقال عدد كبير منهم، تم الإفراج عنهم بواسطة القضاة من أتباعه أيضاً، والذين يعملون في المجال العدلي، إضافة إلى أنهم يعملون في القضاء، وهم من فتحوا الاعتقالات على الوطنيين الأتراك.
وفي 2012 بدأت الحكومة التركية تتنبه إلى وجودهم في المؤسسة العدلية، ومع تضييق الخناق عليهم حدث الانقلاب الأول في 2013، والذي قام به أفراد «غولن» الذين يعملون في الجيش، وبعد أن فشل الانقلاب الأول تلاه الانقلاب الفاشل الأخير، والذي قام به أتباعه في الجيش، ولا بد من أن يكون هنالك تنظيف قوي لجميع المؤسسات الحكومية، المدنية منها والعسكرية، للقضاء على هذه العصابة الإرهابية.
عدّ كثيرون، خصوصاً دول أجنبية، أن موجة الاعتقالات التي تقوم بها الحكومية التركية استغلالاً للموقف، للتخلص من المعارضين لها والمخالفين لآرائها، فما تعليقكم؟
- الدولة التركية تعمل وفقاً للأنظمة والقوانين الدولية والتركية كذلك، وجميع المعتقلين تتم معاملتهم وفقاً للأنظمة الدولية والتركية، وفي حال وجود أبرياء فإن القانون والمحاكم تضمن براءتهم، كما أن الأحزاب المعارضة تدعم الحكومة التركية في جميع خطوات الاعتقالات، وهذا يؤكد أن الاعتقالات بعيدة كل البعد عما يراه البعض من أنها تهدف إلى التخلص من معارضين للحكومة، بل إن الهدف الرئيس لها هو التخلص من التنظيم الإرهابي المتوغل في المؤسسات الحكومة التركية.
هل تتوقعون من أميركا تسليم غولن؟
- قدمت الحكومة التركية لأميركا الأدلة والوثائق والإثباتات كافة التي تدينه، والمتعلقة بالانقلاب الفاشل، وفي اعتقادي أن أميركا تعمل على البحث والتأكد من تورطه في المحاولة الانقلابية الفاشلة، ومن المتوقع أن تسلم أميركا غولن لتركيا، وفي حال عدم تسليمه فإن العلاقات التركية - الأميركية ستتعرض لبعض المشكلات.
هل وجود غولن في أميركا، واعتقاد البعض أن أميركا تدعم «غولن» هو سبب التقارب الروسي - التركي؟
- تركيا حليف قوي لأميركا، وحليف كذلك في حلف الأطلسي (الناتو)، والعلاقات التركية - الروسية تحسنت قبل الانقلاب وليس بعده، ولا توجد علاقة مباشرة تربط بين علاقة تركيا بالدولتين، إذ لا نستطيع أن نضع العلاقة التركية - الأميركية في مقابل العلاقة التركية - الروسية، فلا يوجد رابط بينهما.
وتركيا لها علاقة جيدة بأميركا، وتريد في الوقت ذاته أن تحسن علاقتها بروسيا، وتسعى إلى أن تكون لها علاقة جيدة معها.
هل سينعكس التقارب التركي - الروسي على الملف السوري وموقف تركيا من نظام الأسد؟
- بالتأكيد لا، فسياستنا تجاه سورية لم تختلف ولن تختلف مستقبلاً، لأن الموقف التركي قائم على مبادئ، وعلاقتنا بروسيا هو شيء آخر منفصل تماماً عن الملف السوري ونظام بشار الأسد، وموقف تركيا من الملف السوري هو نفس موقف السعودية من القضية السورية.
ماذا تغير في تركيا بعد الانقلاب على صعيد علاقاتها الاستراتيجية؟
- العلاقات الاستراتيجية لتركيا تنقسم على الصعيد الإقليمي وأخرى على الصعيد العالمي، وفي ما يخص علاقاتها بالصعيد الإقليمي فإن استراتيجية تركيا لن تتغير، إذ ستبقى الاستراتيجية ذاتها التي كانت عليها قبل الانقلاب، ومواقفها واستراتيجيتها ذاتها من الملفات الموجودة في المنطقة، سواء أكان الملف السوري أم اليمني أم العراقي.
أما في ما يخص استراتيجيتها الدولية مع الدول الأجنبية، فهذه يمكن أن يطرأ عليها تصحيح في بعض الاستراتيجيات مع الدول، بناء على مواقفها من الانقلاب أو تغير تعاملها مع تركيا بعد الانقلاب، ولكن عموماً سياسة تركيا واستراتيجيتها لن تتغير.
إقرار الإعدام
في ظل اتجاه تركيا إلى قرار الإعدام، والأزمة التي ستحصل مع الاتحاد الأوروبي جراء هذا القرار، لا سيما وأن هنالك تصريحات من بعض دول الاتحاد الأوروبي أن هذا القرار سيبعد تركيا من الاتحاد، فما تعليقكم؟
- قرار الإعدام هو مطلب من الشعب التركي، وهذا الطلب سيأتي إلى مجلس النواب الذي سيعمل على مناقشته، وحالياً صعب الحكم في هذا الموضوع، خصوصاً وأنه مطلب شعبي. أما في ما يتعلق بقضية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، قدمت تركيا جميع ما طلب منها منذ 2004، وعندما ننظر إلى العلاقات بين الاتحاد وتركيا، سنلاحظ أن الطرف الذي لم يقم بواجبه هو الاتحاد وليست تركيا.
ظهر الرئيس رجب طيب أردوغان بعد انتهاء الانقلاب وسط الحشود وهو يشير برمز «رابعة العدوية»، والذي أثار جدلاً في الأوساط السعودية والمصرية على حد سواء، فما تعليقكم؟
- هذا الرمز يشير إلى أمر آخر في تركيا وليس إلى المعنى ذاته المستخدم في مصر، فهنالك اختلاف في المعنى بين البلدين، واستخدامه في تركيا مختلف، ويعني دولة واحدة علم واحد وشعب واحد ووطن واحد، لذا فإن الرئيس التركي استخدمه وأشار بأصابعه الأربعة إلى هذه النقاط الأربع، (الدولة والعلم والشعب والوطن الواحد).
التجربة التركية من حيث نزول الشعب للشوارع شبيه بالتجربة المصرية على رغم اختلاف الظروف، كيف تنظرون إلى ذلك؟
- تجربة خروج الشعب التركي إلى الشوارع ليلة الانقلاب مختلفة تماماً عما حدث في مصر، كما أن الظروف مختلفة لكلا الحادثتين. ففي تركيا نزل جميع أفراد الشعب التركي من جميع الأحزاب السياسية والتوجهات ومختلف المناصب، لا فرق بينهم، والجميع كان يحمل علم تركيا، إذ لم نشاهد وجود أعلام أو شعارات لأحزاب سياسية، الجميع خرج من منزله دفاعاً عن الديموقراطية وعن الحكومة المنتخبة، وهم ينزلون كل يوم إلى الشوارع يحملون علم تركيا فقط.
هل هنالك تأثير في الاستثمارات الأجنبية في تركيا نتيجة الانقلاب؟
- لم تؤثر الحادثة الفاشلة في القطاع الاقتصادي بتركيا نهائياً، إذ لم تُغلق أية شركة أجنبية، وعلى العكس زادت الاستثمارات الأجنبية في تركيا بعد الانقلاب الفاشل، وباعتقادي فإن الاستثمار الأجنبي في تركيا سيكون أقوى مستقبلاً. صباح الانقلاب ذهب الجميع إلى عمله، ولم تتوقف المشاريع في تركيا جراء الحادثة، إذ عادت الحياة إلى طبيعتها في اليوم التالي.
هل تلقيتم اتصالات من مستثمرين سعوديين أثناء الانقلاب وبعده؟
- تلقيت الكثير من الرسائل والاتصالات من مستثمرين سعوديين، ولم يتخللها أي سؤال عن وضع استثماراتهم، بل كانت جميع الاتصالات تظهر الدعم للشعب التركي والحكومة التركية، وتبارك فشل الانقلاب.
قرأنا تقريراً عن وصول حجم الخسائر في تركيا جراء الانقلاب إلى بليون دولار، فما هي التقديرات الحقيقية لحجم الأضرار؟
- حالياً لم نصل إلى رقم محدد يوضح حجم الأضرار المالية، ولكن يمكن أن تعوض، ولكن الخسائر الحقيقية لتركيا هو العنصر البشري الذي لا يعوض، إذ استشهد 248 تركياً ليلة الانقلاب، وجرح 2500 آخرين، وهذه هي خسائر تركيا الحقيقية.
نمت بعد خطاب أردوغان معلناً «فشل الانقلاب»
عاش السفير التركي ليلة الانقلاب، مثل سائر أفراد الشعب التركي، يتنقل بين القنوات التلفزيونية التركية لمتابعة ما يحدث، وقال ل«الحياة»: «وصلت إلى أنقرة ليلة الانقلاب في زيارة لعائلتي، وعندما بدأ الجيش بالنزول إلى جسر مضيق البوسفور وإغلاقه كنت في المنزل، ولم أتوقع أنها كانت محاولة انقلاب، إذ توقعت كما توقع جميع أفراد الشعب التركي أن نزول الجيش للشارع لوجود عمل إرهابي في الجسر».
وتابع: «ولكن بعد فترة فهمنا أن نزول الجيش لجسر البوسفور وإغلاقه هو محاولة انقلاب، وتوقعت منذ البداية فشل هذه المحاولة، لأن الشعب التركي لن يسمح لهذا الانقلاب أن يتم أو ينجح».
ولفت السفير التركي إلى أنه استمر في متابعة الأحداث إلى أن تم القضاء نهائياً على الانقلاب، وأعلن فشله، وزاد: «بعد أن استمعت إلى خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخطاب رئيس مجلس الوزراء، واللذين أعلنا فيهما فشل محاولة الانقلاب، استطعت النوم».
وأوضح أن أول اتصال تلقاه أثناء حادثة الانقلاب كان من صحافي سعودي، يسأل عن صحة المعلومات، وعن الأوضاع في تركيا. وأكد السفير التركي أن تركيا استطاعت خلال 15 عاماً الماضية أن تظهر للعالم أجمع تقدمها في المجالات كافة، سواء النواحي الاقتصادية أم الاجتماعية أم الديموقراطية، مشيراً إلى أن تركيا ستعود أقوى بكثير مما كانت عليه قبل الانقلاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.