كشفت معلومات أن دولاً وجهات نصحت الخرطوم بتقديم تنازلات إلى شركائها في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم إقليمجنوب السودان في شأن علاقة الدين بالدولة من أجل اقناعها بتأسيس علاقة جديدة بين الشمال والجنوب ومنح وحدة البلاد فرصة عبر الاستفتاء المقرر العام المقبل. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن عواصم عربية يهمها مستقبل السودان ويؤثر على أمنها القومي إن تمسك حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالتشريعات الإسلامية ظل مصدر قلق لدى الجنوبيين الذين يعتقدون انهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في شمال البلاد وتُفرض عليهم تشريعات اسلامية حتى وإن كانت هذه التشريعات غير مطبقة عملياً. وأضافت أن هناك فرصة لوحدة البلاد في حال اقتنع الجنوبيون أن هناك علاقة جديدة بين الشمال والجنوب تسمح بوحدة على أسس جديدة. لكن جهات في الحزب الحاكم ترى أن من الصعب تقديم تنازلات كبيرة في علاقة الدين بالدولة لأن مشروعية الحكم تستند على التوجه الإسلامي وأن أي حديث عن العلمانية سيؤدي إلى شرخ في بنية نظام الحكم، قائلة إنه لا أحد يجرؤ على تقديم تنازلات في هذا الشأن. وأكد وزير الدولة في رئاسة الجمهورية أمين حسن عمر رفض حزبه مطالب «الحركة الشعبية» بعلمانية الدولة، وقال: «لن نقبل ب «بوصة» واحدة لتطبيق العلمانية حتى وإن وقع انفصال الجنوب». وأكّد أنّ شعار العلمانية لا يجوز شرعاً ولا قانوناً، ولن تتم الموافقة عليه، معتبراً أن الغرض من طرح هذا الشعار هو الدفاع عن الموقف الأصلي ل «الحركة الشعبية» وهو الانفصال. وفي شأن آخر، قال عمر الذي يرأس وفد الحكومة الى مفاوضات الدوحة للسلام مع متمردي دارفور، إن المكتب القيادي لحزب لمؤتمر الوطني الحاكم أقر في اجتماعه الأخير استراتيجية جديدة لتسوية أزمة دارفور، تمهيداً لعرضها أمام مجلس الوزراء والبرلمان للمصادقة عليها قبل طرحها على زعماء الاحزاب. وكشف عمر أن وفد الحكومة سيتوجه الى الدوحة خلال اليومين المقبلين للقاء الوسطاء لمناقشة قضايا المصالحات والنازحين، وسيتبعه وفد آخر لمناقشة الترتيبات الأمنية. وبدا رئيس الوفد الحكومي متفائلاً بالتوصل الى اتفاق سلام نهائي قبل موعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، مؤكداً حرص حكومته على توقيع اتفاق سلام مع «حركة التحرير والعدالة» برئاسة التجاني السيسي، لافتاً الى ان الفصائل الرافضة «ستعزل نفسها». وقال عمر ان الموقف الرسمي للقيادة الليبية من عملية السلام في دارفور لا غبار عليه، عدا استضافة طرابلس زعيم «حركة العدل والمساواة» خليل ابراهيم. وقال ان القيادة الليبية أبلغت الخرطوم أن خليل لا يملك وثيقة سفر لذا لا يمكنه مغادرة طرابلس. وشدد عمر على ان السلطات لن تمنح خليل وثيقة سفر، مبيناً أن الحل يكمن في ان يذهب الى الدوحة و «الوسطاء مستعدون لاخراج وثيقة سفر له إذا وافق على ذلك». وأكد أن الخرطوم لن تقبل استضافة خليل من قبل أي دولة. وفي مونتريال (أ ف ب)، أعلنت الحكومة الكندية لوكالة «فرانس برس» أن كندا التي كادت تتفكك في استفتاء حول استقلال كيبيك في العام 1995، عرضت تقديم مساعدتها إلى السودان في تنظيم استفتاء حول انفصال الجنوب. ويرى محللون إن الاستفتاء في جنوب السودان الذي يشكل المسيحيون والاحيائيون غالبية سكانه وسينظم في كانون الثاني (يناير) المقبل، سيؤدي إلى تقسيم البلاد. وقالت ناطقة باسم الخارجية الكندية ليزا مونيت في رسالة بالبريد الإلكتروني لوكالة فرانس برس إن «كندا عرضت تقديم دعم تقني لانجاز الاستفتاء السوداني إثر طلب تقدمت به السلطات السودانية في الشمال والجنوب إلى الأسرة الدولية». وأكدت الناطقة بذلك جولة يقوم بها في كنداوكيبيك المقاطعة الوحيدة الناطقة بالفرنسية في كندا، ممثلون لحزب الرئيس السوداني عمر البشير وللمتمردين السابقين الجنوبيين. ويريد هذا الوفد الاطلاع على تفاصيل الاستفتاءين حول استقلال كيبيك اللذين أجريا في 1980 و1995. وهُزم دعاة انفصال كيبيك بفارق ضئيل جداً في الاستفتاء الأخير. وفي جوبا (عاصمة جنوب السودان)، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن موجة أعمال عنف وقعت أخيراً في ولاية جونغلي الجنوبية أرغمتها على تعليق نشاطاتها في هذه الولاية. وأعلن روب مولدر مدير عمليات المنظمة في جنوب السودان أن «هجمات تعرض لها موظفونا ومركزنا الصحي تمنعنا من توفير المساعدة الطبية الأساسية» لسكان المنطقة. وفي نيويورك (رويترز)، مدّد مجلس الأمن الجمعة مدة بقاء قوات حفظ السلام في إقليم دارفور (غرب السودان) لسنة أخرى وطلب من القوة التركيز في شكل أساس على حماية المدنيين وتأمين عمليات توزيع المساعدات. ووافق المجلس بالاجماع على تمديد تفويض قوة الاممالمتحدة في قرار انتقد أيضاً التصاعد الذي حدث أخيراً في العنف في دارفور ودعا الخرطوم إلى التوقف عن تعطيل عمل القوة المشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي. وتضم القوة حالياً حوالى 21700 جندي وشرطي وتكافح منذ ثلاث سنوات وسط أزمة دارفور التي اندلعت عندما حمل متمردون غالبيتهم من غير العرب السلاح في أوائل عام 2003 ضد الخرطوم متهمين اياها بتهميشهم. وردت الحكومة السودانية بحشد ميليشيات يتكون أكثرها من العرب يتهمون بارتكاب حملة اغتصاب وقتل ونهب مما تسبب في واحدة من اسوأ الكوارث الانسانية في العالم. ويقول مسؤولون في الأممالمتحدة إن الصراع تسبب في مقتل 300 ألف شخص في حين تقول الخرطوم إن عدد القتلى في دارفور لا يزيد على عشرة الاف شخص. ويمتد تفويض القوة المشتركة من الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي لحفظ السلام في دارفور الى 31 تموز (يوليو) 2011. ودعا مجلس الأمن القوة الى اعطاء الاولوية لحماية المدنيين وضمان وصول ما يقرب من مليوني نازح الى المساعدة الانسانية بسلام وفي الوقت المناسب ومن دون عوائق.