كشفت مصادر فلسطينية ل «الحياة» أن الحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو ستنفذ خلال الأسابيع المقبلة عدداً من الخطوات في اطار اجراءات بناء الثقة مع السلطة الفلسطينية في أعقاب استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين. وأوضحت المصادر أن المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل أبلغ الرئيس محمود عباس خلال زيارته الاخيرة لرام الله قبل نحو اسبوعين، ببنود اتفاقه مع نتانياهو في حال وافقت السلطة على الدخول في مفاوضات مباشرة مع اسرائيل بديلاً من المفاوضات غير المباشرة التي استمرت شهوراً من دون أن تحقق أي تقدم يُذكر. وأشارت المصادر الى إن ميتشل قال لعباس إن «نتانياهو وعد باتخاذ أربع خطوات لبناء الثقة بين الطرفين» بناء على وعد من الرئيس باراك اوباما في رسالته التحذيرية الى الرئيس الفلسطيني اخيراً. وكشفت أن هذه الخطوات الأربع هي: «اعادة أجزاء من أراضي الضفة الغربية الى مسؤولية السلطة الفلسطينية، والحد من عدد عمليات اجتياح مدن الضفة وقراها، على أن يكون قرار الاقتحام أو الاجتياح من اختصاص ومسؤولية ضابط اسرائيلي برتبة بريغادير جنرال، والسماح بإدخال 65 صنفاً جديداً من البضائع الى قطاع غزة». واستناداً الى المصادر ذاتها، تتمثل الخطوة الرابعة ب «اطلاق أعداد من الأسرى الفلسطينيين كبادرة حسن نية تجاه الرئيس عباس في أعقاب اتمام صفقة تبادل الاسرى مع حركة حماس واطلاق الجندي الاسرائيلي الأسير غلعاد شاليت». ونقلت المصادر عن عباس قوله لميتشل إن ادارة اوباما «حددت مرجعية المفاوضات وأجندتها وسقفها الزمني المتمثل في عامين، على أن يتم خلالها التركيز على الأمن والحدود، من دون جدوى»، فضلاً عن أن «المفاوضات غير المباشرة التي وافق على الدخول فيها بناء على طلب الادارة الأميركية، وخلافاً لرغبته، لم تحقق شيئاً منذ انطلاقها»، مضيفا ان الادارة «أصدرت في ايار (مايو) الماضي بياناً أعلنت فيه اطلاق المفاوضات غير المباشرة، وأن الانتقال الى المباشرة سيتم في حال تحقيق تقدم فيها، الأمر الذي لم يحدث حتى الان». واضافت المصادر ان عباس طالب ميتشل بأن «يلتزم نتانياهو مرجعية المفاوضات القائمة على أساس حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، وفي حال تبادل الأراضي أن تكون الأراضي متساوية في المساحة والقيمة»، كما طالبه بأن «يكون تعهد ما سبق من نتانياهو، على أن تكون الضمانات من الادارة الأميركية، لكن ميتشل رد قائلاً إن حدود 1967 تعتبر نهاية المفاوضات». وكان ميتشل قال للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في أحد لقاءاته الاخيرة إن «نتانياهو لا يوافق على اعتبار حدود عام 1967 مرجعية للمفاوضات، فرد عليه موسى بالقول: اذن لنذهب الى مجلس الأمن ونحدد المرجعية»، وهو ما لا يقبله اوباما الذي رفض هذا الخيار في رسالته التحذيرية الى عباس. وما لم يقله ميتشل للرئيس عباس ولم تتضمنه رسالة اوباما، قاله صراحة نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل: «صبر الرئيس اوباما نفد». وبحسب المصادر، فإن تهديد هيل جاء قبل نحو اسبوع، أي في أعقاب الرسالة ولقاء ميتشل مع عباس. ونقلت عن هيل قوله إن «كل ما باستطاعة الادارة الأميركية تقديمه تم تضمينه في الرسالة (المذكورة انفاً) التي قدمت أفكاراً في هذا الشأن»، مضيفاً أن «بامكان الرئيس عباس اقناع الدول العربية بالانتقال الى المفاوضات المباشرة مطلع الشهر الجاري». وأشارت المصادر الى أن الادارة «تحرص على الانتقال الى المفاوضات المباشرة في آب (اغسطس) ارتباطاً بملفين آخرين هما: ملف المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري التي ستصدر قرارها الظني الشهر المقبل، والثاني هو الملف النووي الايراني» الذي قد تصدر قرارات حاسمة في شأنه الشهر المقبل ايضاً. وعلى ما يبدو، فإن السلطة الفلسطينية ليّنت مواقفها في أعقاب هذه التهديدات، إذ بحسب المصادر أبلغت السلطة المسؤولين الأميركيين أنها «ليست ضد المفاوضات المباشرة، وأنها تسعى الى احلال السلام في المنطقة، وأن الرئيس عباس سيشارك شخصياً في اجتماع لجنة المتابعة العربية لوضع العرب في الصورة»، الأمر الذي تم فعلاً الخميس الماضي، علماً ان الاجتماع وافق مبدئياً على الانتقال الى المفاوضات المباشرة عندما تتوافر متطلبات ذلك، وترك للرئيس عباس تحديد موعد اطلاقها.