نجا عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة من محاولة اغتيال استهدفته على أبواب مسجد قرب منزله في ضاحية السادس من أكتوبر، عند أطراف القاهرة. وأطلق مسلحون ملثمون النار صوب جمعة لدى دخوله المسجد لأداء صلاة الجمعة، لكن الطلقات لم تصبه، وجرحت واحداً من حراسه. وجمعة من أبرز علماء مصر، ومن أشد منتقدي جماعة «الإخوان المسلمين»، وغالباً ما يوجّه هجوماً لاذعاً لفكرهم ودعوتهم. وقالت وزارة الداخلية في بيان: «أثناء خروج الدكتور علي جمعة من منزله في منطقة 6 أكتوبر، مترجلاً للتوجه إلى مسجد فاضل القريب من محل إقامته لإلقاء خطبة صلاة الجمعة، قام مجهولون كانوا يختبئون في إحدى الحدائق بخط سيره بإطلاق النار تجاهه، إلا أن القوة المرافقة له والمكلفة بتأمينه بادلتهم إطلاق النيران ما دفعهم للفرار». وأضاف البيان: «لم يصب فضيلة المفتي من جراء الحادث الآثم، وأسفر إطلاق النيران عن إصابة طفيفة بقدم أحد أفراد القوة المكلفة بالتأمين، وتكثف الأجهزة الأمنية جهودها لضبط مرتكبي الواقعة». وقال جمعة في بيان صادر عن مكتبه: «على عادة الخوارج كلاب أهل النار، وحبهم للعيش على الدماء، حاولت شرذمة من الفئات الضالة الاعتداء على الدكتور علي جمعة أمام باب المسجد وهو في طريقه لأداء صلاة الجمعة، ولكن عناية الله عز وجل حفظت الشيخ من كل مكروه وسوء». وأضاف البيان: «تعودنا من كلاب النار مثل هذه الأحداث الصبيانية، والحمد لله لم تمنعنا تلك الخزعبلات من تعطيل شعيرة الجمعة، فخطبنا الجمعة وأقمنا الصلاة، لأن منهجنا عمارة المسجد وعمارة الكون وليس خراب الدنيا والآخرة، وعقيدتنا التعمير لا التكفير والتدمير، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون». وقال جمعة في تصريح للتلفزيون الرسمي إن أربعة «إرهابيين» حاولوا اغتياله اختفوا خلف الشجر الموجود أمام حديقة في محيط المسجد، لافتاً إلى أن المسافة بين منزله والمسجد تبلغ نحو 40 متراً، وعندما وصل إلى سلالم المسجد وجد طلقات تستهدفه، فاحتمى بسور المسجد حتى دخله. وأوضح أنه أصر على أداء خطبة الجمعة في «رسالة إلى الإرهابيين أنني لن أتوانى عن حربهم حتى أموت ودعوت الله في شبابي في الكعبة أن أموت شهيداً، ولكن ليس على يد هؤلاء إن شاء الله بل سيهزم الجمع ويولون الدبر. سيهزمون فكرياً، فهم أضل الناس وحرّفوا معنى النصوص وأساؤوا تطبيقها». واتهم جماعة الإخوان بالتورط في عملية الاغتيال. وقال: «أعرف عن الإخوان ما لا يعرفونه عن أنفسهم... من عشرتي مع الإخوان وقيادتهم وأفرداهم أقول: «إنهم أناس سفلة»، مضيفاً: «أحفادي رأوا منفذي الهجوم الإرهابي، واعتقدوا أنهم قوات شرطة لأنهم كانوا ملثمين وفي أيديهم سلاح، ولكن حينما شاهدوا تصويبهم البنادق على المسجد تبين لهم أنهم مجرمون. الهجوم حركة مذبوح، وسيأتي بعدها الضياع للجماعة الإرهابية»، معتبراً أن محاولة اغتياله «محاولة لترهيب المصريين». وأعلنت حركة تدعم جماعة «الإخوان» تطلق على نفسها اسم «سواعد مصر – حسم»، مسؤوليتها عن محاولة اغتيال المفتي السابق. وقالت في بيان على حسابها على موقع «تويتر»: «إن ظهور عموم المدنيين وهرولتهم نحو المسجد منعنا من الإجهاز عليه... غير أن القادم لن يفلت منه». و «حسم» حركة مسلحة ليست معروفة على الساحة تبنت عملية اغتيال ضابط شرطة كبير في محافظة الفيومجنوب مصر الشهر الماضي. وخرج الشيخ علي جمعة بعد أداء صلاة الجمعة، التي أكد في خطبتها أن تلك الفئة الضالة لن تنجح في تنفيذ مخططاتها، وسط حراسة أمنية مشددة، رافقته إلى منزله، الذي اكتظ بالقيادات الأمنية والسياسية والدينية. وزارت قيادة وزارة الداخلية موقع الهجوم، وطلبوا تشديد الحراسة على الدكتور علي جمعة، كما تم تشديد الحراسات على مختلف القيادات الدينية والسياسية في أعقاب الهجوم الفاشل. واستنكر الأزهر محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت علي جمعة. واتصل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بالمفتي السابق للاطمئنان على سلامته. وقال الأزهر إنه «إذ يستنكر بشدة هذا الحادث الإجرامي، فإنه يحمد الله عز وجل على سلامة فضيلة الدكتور علي جمعة، سائلاً المولى عز وجل أن يحفظ مصر وشعبها وجيشها ورجال أمنها وعلماءها من كل مكروه وسوء». كما استنكر مجلس الوزراء في بيان «الحادث المؤسف». وقال في بيان إن «هذا الحادث الخسيس حاول النيل بمنتهى الغدر، من إحدى قامات هذا الوطن ورموزه المضيئة، التي تضع على عاتقها دوماً مسؤولية كشف جهل دعاة التطرف والعنف، والتأكيد عن حقيقة الدين الإسلامي الذي يدعو إلى غرس مبادئ السماحة والوسطية». وعلي جمعة أول شخصية قيادية دينية بارزة تتعرض لمحاولة اغتيال بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) من العام 2013. وكان اسم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ورد ضمن قائمة اغتيالات قالت سلطات التحقيق إن خلية إرهابية مرتبطة بجماعة الإخوان لاستهداف قيادات الدولة، هي التي اغتالت العام الماضي النائب العام الراحل المستشار هشام بركات. وشدد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة من جانبه، على أن خطر الإخوان ما زال قائماً ويزداد، وأعوانهم يقاتلون من أجل العودة إلى المشهد السياسي عبر تقسيم الأدوار. وقال جمعة في بيان أمس إن «الإخوان وأعوانهم يقاتلون من أجل العودة إلى المشهد السياسي عبر تقسيم الأدوار، ما بين عملاء خونة يتطاولون علناً على أوطانهم، ويشهرون بها عبر بعض الفضائيات التي تستضيفها دول راعية للإرهاب، وأخرى مستخدمة للإخوان كشوكة في ظهر أوطانهم وسلاح لتفتيت دولهم وتمزيقها». وأضاف: «أن العملاء يغيرون جلودهم كالحيات، ويعملون على اختراق المؤسسات والسيطرة عليها من خلال خلاياهم النائمة، ومن يستطيعون استقطابهم من المخدوعين والمغرر بهم وأصحاب المطامع والأهواء». ودعا وزير الأوقاف إلى ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر والتنبه «لمؤامرات هذه الجماعة الإرهابية وعناصرها وخلاياها الحية والنائمة». من جهة أخرى، عقد وزير الداخلية مجدي عبدالغفار مساء أول من أمس، اجتماعاً مع عدد من مساعديه «لمتابعة تنفيد السياسات الأمنية والتوجهات العامة للوزارة وتقييم الأداء الأمني واستعراض المهمات والأهداف الحالية والمرتقبة». وأشاد عبدالغفار وفق بيان لوزارة الداخلية ب «الضربات الاستباقية ضد العناصر الإرهابية»، مستعرضاً عدداً من التقارير حول التحديات الأمنية المطروحة في مجال مكافحة الإرهاب خلال المرحلة الراهنة، والتي تتطلب أقصى قدر من اليقظة والجاهزية.