دبي - رويترز - يبدو أن بريق الصكوك بدأ يخفت بالنسبة إلى المقترضين التقليديين في دول الخليج العربي، على رغم نمو القطاع على مستوى العالم، إذ تكبح حالات تعثر لمؤسسات كبيرة وارتفاع التكاليف، شهيتهم. وتواصل ماليزيا على الصعيد العالمي، هيمنتها على سوق التمويل الإسلامي، وتقود إصدار الصكوك هذا العام. وقدر استطلاع أجرته وكالة «رويترز» في تموز (يوليو) الجاري، المبيعات العالمية للصكوك بما بين 23 و25 بليون دولار المعدّل ذاته في 2009 لكن بانخفاض عن تقديرات سابقة. وقال المحلل لدى «ستاندرد اند بورز» محمد داماك في تقرير: «في تقديرنا أن التعامل مع حالات التخلف عن تسديد الصكوك، ووضع معايير لتفسيرات الشريعة، وزيادة سيولة الصكوك، عوامل أساسية يمكن أن تكبح النمو في المستقبل». واعتبر أن «حل هذه المسائل، الذي نعتقد أنه لن يكون سهلاً أو سريعاً، يحدد الاتجاه الذي تتخذه السوق». وفي الشرق الأوسط سعت دبي إلى تقديم ذاتها منافساً عالمياً لكوالالمبور في أنشطة التمويل التي يقدر حجمها بنحو تريليون دولار والآخذة في النمو. وبعد بداية قوية لإصدار السندات من المنطقة التي تضررت من أزمة ديون دبي في تشرين الثاني (نوفمبر) وتقلب سوق الائتمان العالمية، عاودت مبيعات السندات العالمية من المنطقة الارتفاع مع إصدار سندات سيادية وشبه سيادية وتجارية. ووفقاً لخدمة «اس.دي.سي»، وهي قاعدة بيانات ل «تومسون رويترز»، أصدرت منطقة الشرق الأوسط 15 سنداً عالمياً في مقابل 15.2 بليون دولار حتى تموز، من بينها سندات بقيمة 5.5 بليون في الشهر الجاري لوحده. وحتى الآن لم تصدر سوى شركة دار الأركان العقارية السعودية صكوكاً عالمية، ولم يبع مقترضون تقليديون صكوكاً خلال العام. والإصدارات المعلن عنها متعثرة، منها صكوك يعتزم مصرف قطر الإسلامي طرحها. ويرجّح رئيس وحدة بحوث الائتمان في بنك أبو ظبي الوطني تشافان بهوجايتا، «وجود أسباب وراء عزوف المقترضين عن إصدار الصكوك، مثل الجدل حول هياكل الصكوك وتوثيق عمليات الإصدار». وكان التمويل الإسلامي سوقاً جاذبة في المنطقة وللمستثمرين الأجانب الذين اعتبروا الصكوك وسيلة للاستفادة من السيولة الوفيرة في الشرق الأوسط. وكان الطلب العالمي مرتفعاً لا سيما من قبل صناديق التحوط الأوروبية والأميركية، لما كان يُعتبر إصدارات عالية الجودة مثل صكوك طرحتها حكومة دبي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بقيمة 2.5 بليون دولار. لكن اقتراب شركة نخيل العقارية التابعة لمجموعة «دبي العالمية» في كانون الأول (ديسمبر) من التخلف عن تسديد صكوك مقومة بالدولار، دق ناقوس الخطر. كما تخلفت المجموعة الدولية للاستثمار الكويتية عن تسديد إصدارين من الصكوك هذا العام، وتخلفت دار الاستثمار التي تمتلك نصف شركة السيارات البريطانية «أستون مارتن» عن تسديد صكوك في أيار (مايو) من العام الماضي. ولم يقتصر التأثير على الإضرار بسمعة هذا القطاع، لكنه امتد الى التركيز بصورة أكبر على الهيكلة والتكاليف والالتزام والتبعات القانونية للتخلف عن التسديد. ويقول مصرفيون اسلاميون إن عدداً من اصدارات الصكوك المصرّح بها، يجرى سحبها الآن من السوق في المنطقة أو تخضع لإعادة هيكلة كسندات تقليدية. وعادة ما تكون هياكل الصكوك أكثر تكلفة، نظراً إلى التكاليف المرتبطة بموافقة مجلس الشريعة والرسوم القانونية الإضافية والرسوم الخاصة بالهياكل المعقدة غالباً. وبينما تُقبل المؤسسات الاسلامية التكاليف الاضافية، يحتاج مصدرون آخرون إلى سبب وجيه لاختيار عملية أطول وأكثر تكلفة. يقول رئيس أسواق الديون الاقليمية لدى «بي.ان.بي باريبا» سيمون بت: «الشعور السائد أن السندات التقليدية أفضل من حيث الحجم والأجل والتكاليف وتنوع المستثمرين». علاوة على ذلك، ارتفعت التكاليف في أعقاب أزمة المال العالمية بسبب فرض مزيد من اجراءات الالتزام، بعد تنامي الاعتقاد بين المستثمرين الإسلاميين بأن الصكوك السابقة لم تلتزم بأكثر المعايير صرامة. وفي بعض الأنظمة القضائية، كما في دولة الإمارات العربية المتحدة، تدفع رسوم اضافية خاصة بنقل ملكية الأراضي. يقول مصرفي في بنك اسلامي في الخليج: «تحدث عملاء عن انهم كانوا سيختارون المعاملات الاسلامية لو كانت أرخص، أو لو استطاعوا الحصول على قدر أكبر من السيولة. لكنهم لا يرون سبباً تجارياً جوهرياً للجوء الى الصكوك إلا في حالات الضرورة».