عزت مدربات في كرة السلة والطائرة ومهتمات بالرياضة النسائية عموماً، غياب ثقافة الرياضة النسائية في السعودية إلى الرفض الاجتماعي، على رغم عدم ورود نصوص واضحة لحظرها أو تحريمها.وأوضحت مجموعة «الرياضيات» في حديثهن إلى «الحياة» أن الفتاة السعودية تمارس الرياضة منذ فترة طويلة، «أصبح في مدينة جدة ما يقارب 20 فريقاً نسائياً لكرة السلة والطائرة، يمارس فيها النشاط الرياضي بالكامل وتنظم دوريات وبطولات بصفة مستمرة وبشكل ودي فيما بينها»، وطالبت الرياضيات بمظلة رسمية، وأنظمة وقوانين تضبط نشاطها وتقومه، في ظل انتشارها المطرد في الأوساط النسائية. وترى كابتن فريق «جدة يونايتيد» لينا المعينا، أن موانع ممارسة المرأة السعودية للرياضة اجتماعية بحتة تتمثل في ثقافة مجتمع، مشبهة ما يواجهها بما يواجه موضوع قيادتها للسيارة، إذ لا يوجد مانع ديني صريح يمنع قيادتها ولكن المعضلة الكبرى أضحت ثقافة معينة لمجتمع جعلت من الرياضة أمراً محظوراً على النساء. وأضافت: «إن للرياضة فوائد عدة بالنسبة للفتاة، منها قضاء وقت فراغها، واستثمار طاقتها الجسمية والعقلية، خصوصاً وأن ممارستها تسهم في حل عدد من المشكلات التي تعاني منها الفتاة السعودية اليوم، كارتفاع معدلات السمنة والتدخين بين أوساط الفتيات». وأكدت المعينا أن كرة السلة أصبحت الرياضة النسائية الأولى في السعودية، مرجعة ذلك لوجودها كرياضة معتمدة في غالبية مدارس البنات الخاصة منذ أجيال، وقالت: «بدأت في ممارسة رياضة كرة السلة منذ التحاقي بالمدرسة، و استمررت في ممارستها إلى اليوم». وبناء على هذه الخلفية، أشارت إلى أنها عملت على تأسيس أول ناد نسائي متخصص في رياضة كرة السلة بعد انتهائها من الدراسة. وعن ما دفعها إلى ذلك، قالت المعينا : «بعد تخرجنا في المدرسة والجامعة لم نجد مكاناً نمارس فيه رياضة السلة التي أصحبت جزءاً من حياتنا، وهذا دفعني لتأسيس نادي «جدة يونايتيد» بهدف الاستمرار في ممارسة هذه الرياضة»، مشيرة إلى أن ممارسة الرياضة في جدة تنقسم إلى ثلاثة أنواع، الأول خاص بفرق المدارس الخاصة، والثاني متخصص في الأندية الخاصة النسائية، وأما النوع الثالث فهو أندية خاصة بالجمعيات الخيرية. وزادت: «إن تنظيم البطولات يتم بشكل دوري ومستمر بين الفرق النسائية، وفي كثير من الأحيان يصل عدد الفرق المشاركة في البطولة الواحدة أكثر من عشرين فريقاً»، مؤكدة أن المجتمع الرياضي يعلم الفتاة معنى العمل الجماعي واكتساب الخبرات، فضلاً عن أن الرياضة تقي الفتاة مستقبلاً من أمراض عدة كهشاشة العظام والسمنة المفرطة والمشكلات النفسية، ودللت على ذلك بما أثبتته الدراسات من أن الرياضة هي علاج فعال لكثير من الأمراض النفسية كالقلق والاكتئاب وخلافهما. وطالبت المعينا بوجود رياضة نسائية مقننة، لها ضوابط ومعايير ومظلة رسمية، بقولها: «أنا مع الرياضة المقننة ذات الضوابط، ولا أفضل الرياضة العشوائية، خصوصاً للفتيات، وآمل أن يكون هناك اتحاد خاص بالرياضة النسائية تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب». وعلى رغم انتشار مزاولة الرياضة، خصوصاً كرة السلة أو كرة الطائرة في الأوساط النسائية السعودية في جدة وتنظيم أنديتها الكثير من البطولات في ما بينها، إلا أنها تتم في الغالبية بسرية، خوفاً من المنع وإيقاف البطولة، إذ ترى المدير العام لنادي جدة للأنشطة الترفيهية ومدربة كرة السلة نجلاء الحارثي، أن ممارسة الرياضة النسائية تعاني من عدد من الصعوبات خصوصاً في ما يتعلق بمكان مزاولتها، سواء كانت كرة سلة أو كرة طائرة. وأشارت الحارثي ل «الحياة» إلى أن في الغالبية تكون إيجارات الملاعب الخاصة بممارسة هذه الرياضات التي تتوافر فيها الخصوصية المطلوبة للسيدات باهظة الثمن، وإذا تمت ممارستها تكون في سرية تامة، بسبب الخوف من إيقاف البطولة أو المباراة. وأضافت: «انتشرت الفرق النسائية الرياضية في جدة بشكل كبير، خصوصاً الأندية الخاصة، بخلاف فرق الجامعات والمدارس الخاصة، إذ أصبح في جدة اليوم ما يقرب من أربعة أندية نسائية متخصصة في كرة السلة، في حين وصل عدد الأندية النسائية الخاصة بكرة الطائرة ستة أندية». وشددت على أن ممارسة الفتاة للرياضة في سن مبكرة تنمي لديها أهمية الرياضة في حياتها، والوعي بفوائدها الصحية بالنسبة لها، مشيرة إلى أن رفض المجتمع السعودي لفكرة الرياضة النسائية جاء لعدم حرص البعض على الظهور في وسائل الإعلام بالزى الرياضي من دون الالتزام بالحجاب، ما آثار حفيظة المجتمع، واستدركت بالقول: «إن مزاولة المرأة لرياضة كرة الطائرة وكرة السلة من خلال فرق نسائية ليست فيها مفسدة، طالما كانت في معزل عن الرجال وداخل مجتمعها النسائي». ونوهت إلى أن هناك مسعى من كثير من الأندية في جدة للحصول على اعتراف رسمي بها من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وقالت: «خاطبنا الرئاسة العامة لرعاية الشباب بهدف الحصول على مظلة رسمية لفرق رياضة نسائية، ومطالبنا تقتصر في وجود إدارة نسائية معنية بالرياضة النسائية في السعودية». مشيرة إلى أن وجود مظلة رسمية سيسهم في وجود أندية رسمية ومعتمدة من الرئاسة العامة للشباب. وعلى الصعيد ذاته، أوضحت مدربة كرة السلة رقية الزهراني، أن المجتمع السعودي أصبح اليوم أكثر تقبلاً لفكرة الرياضة النسائية بنسبة تصل إلى 50 في المئة عما كان علية قبل سبع سنوات من الآن. ومضت بالقول: «هناك انتشار كبير لممارسة الرياضة، خصوصاً كرتي الطائرة والسلة بين الأوساط النسائية، إذ ارتفع عدد الأندية في جدة، عما كانت عليه في السابق، فضلاً عن وجود مشاركة كبيرة ومنافسة فيما بينها في البطولات التي تقام في جدة»، مشيرة إلى أن قلة عدد الملاعب المخصصة لمزاولة الرياضة ككرة السلة والطائرة للسيدات من أكثر الصعوبات التي تواجههن، إضافة إلى ارتفاع أسعار إيجارها، مؤكدة أن الفتيات لم يعدن متحجرات على نوع رياضي بعينه، إذ أصبح هناك انتشار لكرة القدم بينهن، لافتة إلى أن انتشار الرياضة لاقى استحساناً كبيراً بين الفتيات في جميع مجالاتها المتاحة لنا، من كرة سلة وكرة الطائرة وكرة القدم، إذ وصل عدد فرق كرة القدم إلى ستة فرق في جدة، وأربعة في الرياض، وثلاثة فرق في الشرقية، فيما وصل عدد فرق كرة الطائرة إلى أربعة فرق فقط في جدة، في الوقت الذي بلغ فيه عدد فرق السلة 13 فريقاص تقريباً». وكشفت في ختام حديثها أن الرياضة النسائية بدأت بشكل منظم في جدة في عام 2001، من خلال أربعة فرق فقط في ذلك الوقت (فريق نادي جدة «بلاك تايقرز» حالياً الحائز على بطولة «ليبتون للباسكت بول ستريت» وفريق جدة «يونايتيد» و«الجاكورز» وفريق خاص بطالبات جامعة جامعة الملك عبدالعزيز).