في اختتام مؤتمري الجمهوريين والديموقراطيين هذا الأسبوع، انتقل السباق الرئاسي الى مواجهة بين رؤيتين في السياسة الخارجية والداخلية عنوانيهما «الانفتاح» الديموقراطي و «التشدد» الجمهوري. وسلط مؤتمرا الجمهوريين والديموقراطيين في كليفلاند وفيلاديلفيا الضوء على خلاف بين النهجين في الشكل والمضمون، إذ ذهب المرشح الجمهوري دونالد ترامب الى أقصى حد في إظهار نبرة متشددة حيال «التطرف الإسلامي» في حين تفادى الديموقراطيون ومرشحتهم هيلاري كلينتون استخدام هذه العبارة. وفي وقت اتفق المعسكران على التعهد بالقضاء على «داعش» وهزيمته، فإن الديموقراطيين حاولوا التوفيق من جهة بين التشدد في الأمن القومي ووضع أميركا في المقام الأول، وبين المحفاظة على الانفتاح والتحالفات الخارجية من جهة أخرى. وكان لافتاً انه في مقابل انتقاد ترامب حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ركزت كلينتون على رص صفوف الحلف وتعزيز التحالف مع «من وقف معنا بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001» كما قال الرئيس باراك أوباما في خطابه. وكان رد المرشحة الديموقراطية على تشدد ترامب، بإحياء النبرة الوطنية والتذكير مرات عدة، برصيد إدارة أوباما في القضاء على أسامة بن لادن، ومواصلة الضربات الجوية ضد «داعش». وغابت تفاصيل أزمات المنطقة عن المؤتمرين، ولم تحظَ سورية باهتمام واسع سوى من باب انتقاد كلينتون في مؤتمر الجمهوريين، ولم يأتِ الديموقراطيون على ذكرها. وفيما هاجم المؤتمر الجمهوري استعداد أوباما وكلينتون لاستضافة المزيد من اللاجئين، تجنب الديموقراطيون الحديث عن هذا الملف أيضاً وبسبب حال القلق لدى الرأي العام الأميركي بعد اعتداءات تركيا وفرنسا وألمانيا. وركز الديموقراطيون على رسالة التعددية في المجتمع الأميركي ودوى تصفيق الحضور عندما رفع المسلم خيزر خان الذي فقد ابنه المجند في حرب العراق، نسخة من الدستور الأميركي وقال إنه يريد أن يريها لترامب. وزاد: «هيلاري كلينتون كانت على حق عندما وصفت ابني بأنه أفضل من أنجبت أميركا. ولو كان الأمر بيد دونالد ترامب لما أمكنه قط أن يعيش في أميركا، دونالد ترامب دأب على تلطيخ صورة المسلمين». وحاول الجمهوريون في مؤتمرهم التراجع عن تعهد ترامب بمنع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة، وتصوير ترامب بأنه عارض حرب العراق والتدخل العسكري في ليبيا. وفي الملف الإيراني، وضع الديموقراطيون الاتفاق في صلب إنجازاتهم، وذكرت كلينتون انتصار الديبلوماسية في المفاوضات مع إيران «من دون إطلاق رصاصة واحدة»، فيما علت صيحات «كفانا حروباً» وسط الحضور في المؤتمر. وتهدف استراتيجية الجمهوريين وأجندة ترامب الخارجية، الى الانعطاف بعيداً من السياسة التقليدية للجمهوريين، برفض التدخلات في الشرق الأوسط، والابتعاد عن الالتزامات تجاه الحلف الأطلسي والاقتراب أكثر من روسيا. أما كلينتون فتعد استراتيجيتها باستمرارية المدرسة الواقعية في السياسة الخارجية الأميركية الأقرب الى جورج بوش الأب وباراك أوباما وزوجها بيل كلينتون. ويحرص الخطاب الانتخابي للديموقراطيين على تفادي الوعود الكبيرة مثل السلام في الشرق الأوسط، أو الاستثمار في قوة أميركا الخارجية، بسبب مزاج الرأي العام المعارض لهذه التدخلات والمنهك من أزمات الشرق الأوسط. وبعد المؤتمرات، تقوم كلينتون و «نائبها» تيم كاين بجولة انتخابية في باص من ولاية بنسلفانيا الى أوهايو. وتعكس الاستطلاعات سباقاً حامياً، وتقدماً طفيفاً لكلينتون في الولايات الحاسمة التي ستقرر اسم الرئيس المقبل في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.