بعد يوم على لقائه الرئيس رجب طيب أردوغان، شجب زعيم المعارضة في تركيا كمال كيلجدارأوغلو «صيد ساحرات» بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، ودعا إلى «نقد ذاتي»، فيما اتهم الداعية فتح الله غولن، الذي تعتبره أنقرة مدبّر الانقلاب، أردوغان ب «ابتزاز» الولاياتالمتحدة لتسليمه. تزامن ذلك مع استعجال أنقرة تطبيع علاقاتها مع موسكو واستئناف مشاريع اقتصادية مشتركة، قبل لقاء أردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبورغ في 9 آب (أغسطس) المقبل. ووسّعت السلطات التركية حملتها بعد الانقلاب الفاشل، إذ احتجزت صحافيَّين، بينهما الإعلامية المعروفة نازلي إليجاك، وأوقفت محافظاً سابقاً لمدينة إسطنبول، وأصدرت مذكرات باعتقال 29 محامياً، وعزلت أكثر من ألف موظف في مديرية الشؤون الدينية. كما أعلنت أنقرة أنها تسلّمت من دولة الإمارات جنرالَين تركيَّين يخدمان في أفغانستان، بينهما قائد القوات التركية هناك، للاشتباه بعلاقتهما بمحاولة الانقلاب. وأظهر استطلاع رأي أن الحكومة نجحت في حشد الأتراك ضد غولن، إذ إن حوالى ثلثَيهم يؤيّدون اتهامه بتدبير الانقلاب، كما أن ثلاثة أرباعهم يعتبرون أن الداعية وأنصاره يشكّلون تهديداً على النظام ومستقبل تركيا. لكن غولن دعا السلطات الأميركية إلى رفض تسليمه إلى تركيا، بسبب غياب «أدلة ذات صدقية» وشبه انعدام فرصة نيله «محاكمة عادلة». واتهم أردوغان ب «ابتزاز» واشنطن «من خلال التهديد بوقف دعم بلاده التحالف الدولي ضد تنظيم داعش». وكتب في صحيفة «نيويورك تايمز» أنه لا يريد أن تعاني تركيا مجدداً من «محنة» الانقلابات العسكرية، متهماً أردوغان بأنه «يسعى في شكل خطر إلى إرساء حكم الرجل الواحد». كما وصفه بأنه «مستبد يحوّل محاولة انقلاب فاشلة الى انقلاب بطيء على الحكومة الدستورية». وأضاف: «في تركيا، يؤدي النزوع الديكتاتوري لحكومة أردوغان إلى استقطاب الشعب طائفياً وسياسياً ودينياً وعرقياً، ما يعزّز المتعصبين». في المقابل، أيّد كيلجدارأوغلو طلب أنقرة تسليم غولن، مشيراًَ إلى إعلان الحكومة التركية امتلاكها «أدلة» تدينه، لكنه انتقد اعتقال صحافيين «عبّروا عن آرائهم»، وحضّ السلطات على التزام القانون، إذ سأل في حديث لوكالة «أسوشييتد برس»: «هل أن منفذي محاولة الانقلاب مذنبون؟ نعم. يجب العثور على الجناة الحقيقيين، وإذا خرجنا عن معايير القانون فإننا لا نختلف عن المتآمرين». وتابع: «يجب الامتناع عن إلقاء الأبرياء في النار مع المذنبين. إن إطلاق صيد ساحرات سيطغى على النضال من أجل الديموقراطية». ودعا الأحزاب في تركيا إلى التعلّم من أخطائها، وتجاوز عداء بعضها لبعض، قائلاً: «نحتاج جميعاً إلى نقد ذاتي» بعد الانقلاب. في غضون ذلك، أعلن الكرملين أن بوتين سيجري مع أردوغان محادثات «شاملة وموسّعة» في سان بطرسبورغ في 9 آب، بعد اتفاق لتطبيع العلاقات إثر أزمة تلت إسقاط أنقرة مقاتلة روسية فوق الحدود السورية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن الجانبين «ينسّقان» جدول الأعمال، لافتاً إلى أن المحادثات «ستشمل العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية». وأضاف: «سيكون أول لقاء بعد انهيار علاقاتنا، والأول بعدما طوى زعيما الدولتين الصفحة. لذلك لن يكون لديهما نقص في الملفات المطروحة». وأعلن وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي في ختام أعمال اللجنة الحكومية الروسية - التركية أمس، أن المسائل التي لن يتمكن خبراء البلدين من تسويتها قبل القمة، ستُعرض على الرئيسين. واعتبر محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء التركي، أن أنقرةوموسكو «تحتاجان إلى تطبيع العلاقات في أسرع وقت»، مشيراً إلى اتفاقات على استئناف السياحة الروسية في تركيا وعودة الأغذية التركية إلى أسواق روسيا قريباً. وأكد أن أردوغان سيزور سان بطرسبورغ في 9 آب، وأضاف خلال لقائه نظيره الروسي أركادي دفوركوفيتش في موسكو: «نحن هنا لتحسين علاقاتنا، بل للوصول بها إلى مستويات أفضل مما كانت عليه قبل» إسقاط المقاتلة الروسية. وأعلن الجانبان استعدادهما لاستئناف مشروع خط «تركستريم» لأنابيب الغاز من روسيا إلى تركيا، علماً أن البيرق اعتبر أن محاولة الانقلاب أثارت أسئلة في شأن سلاح الجوّ، لافتاً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى إعادة التحقيق في أحداث سابقة، بينها إسقاط الجيش التركي المقاتلة الروسية.