أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإرلندي ايندا كيني في دبلن أمس، أن على لندن أن تبلغ «في أسرع وقت ممكن» بقرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي، قبل أن يستقبل هولاند رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في باريس. وقال هولاند خلال مؤتمر صحافي مشترك مع كيني: «يجب أن تبدأ المفاوضات بسرعة» حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأضاف: «لا يمكن إجراء محادثات تسبق المفاوضات»، مؤكداً أنه يتقاسم مع المستشارة الألمانية انغيلا مركل «الفكرة نفسها، يجب أن تبدأ المفاوضات في أسرع وقت ممكن». غير أن ماي ومركل اتفقتا في ختام لقاء بينهما الأربعاء في برلين، على أن بريطانيا في حاجة الى بعض الوقت لتقديم طلب الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقالت ماي أن هذه المرحلة لن تأتي «قبل نهاية العام الحالي». وقال هولاند قبل لقائه ماي في باريس، أنه يأمل ب «الاستماع لحججها» وينتظر «تبريرات» لهذا الجدول الزمني. وقال: «إذا كان ذلك يهدف الى كسب بعض الوقت قبل المفاوضات من أجل أن تكون المفاوضات بحد ذاتها أقصر، فهذا أمر يمكن مناقشته». وبالرغم من مواقف القادة الأوروبيين، تبقى لندن صاحبة القرار في شأن توقيت عملية خروجها من الاتحاد الأوروبي، إذ يعود لها تفعيل المادة 50 من المعاهدات الأوروبية الخاصة بآلية الخروج من الكتلة. وينبغي إنجاز المفاوضات في مهلة سنتين بعد تقديم الطلب، ما يجعل من الممكن خروج بريطانيا بحلول 2019. كما أبدى الرئيس الفرنسي حزماً في شأن نقطة أخرى هي إمكان وصول بريطانيا الى السوق الموحدة، فأكد انه لن يكون بوسع لندن الاستفادة من هذه السوق بعد «بريكست» ما لم تحترم مبدأ حرية تنقل الأشخاص. وقال هولاند بهذا الصدد: «لا يمكن أن يكون للمملكة المتحدة منفذ الى السوق الداخلية إذا لم يتم احترام مبادئ التنقل الحر». وتعتزم فرنسا توجيه رسالة حازمة في شأن شق آخر من المفاوضات، اذ ترفض منح «وضع خاص» يتطلب مفاوضات مطولة. وقال في هذا الشأن «لا يمكن للمملكة المتحدة أن تقول هذا ما يهمني في العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وهذا لا أريده، وبالتالي سنحاول وضع اتفاق جديد، هذا غير ممكن». وتابع: «سيتعين الاختيار من بين الخيارات المختلفة المتاحة»، على طريقة النموذج النروجي المندمج نسبياً، أو نموذج سويسرا الأكثر تباعداً. وتبدو الدول ال27 في موقع قوة، إذ إن أوساط المال البريطانية في حاجة الى «جواز سفر مالي» اوروبي لشركاتها، حتى تبقى المركز المالي الأول في اوروبا. وتندرج زيارة هولاند لدبلن في سياق جولة مصغرة بدأها الثلثاء في البرتغال وتهدف الى إرساء القواعد لمرحلة اوروبية جديدة قبل قمة براتيسلافا في 16 ايلول (سبتمبر) المقبل. ودعا هولاند ومركل ورئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي في 27 حزيران (يونيو) الماضي، في برلين الى «دفع جديد» لأوروبا، بعد قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي نظم في 23 حزيران. وفي طليعة اولويات فرنسا تعزيز التعاون الأوروبي في الأمن والدفاع، في حين أن خروج بريطانيا يحرم الاتحاد من أكبر ميزانية عسكرية بين بلدانه. أما في الشق الاقتصادي، فإن جهود فرنسا تهدف الى تحقيق «مواءمة مالية واجتماعية»، وهو موضوع حساس بالنسبة لإرلندا التي تفرض ضريبة متدنية على الشركات بنسبة 12,5 في المئة، ما يجذب اليها الكثير من الشركات ويجعلها عرضة لاتهامات بممارسة الإغراق الضريبي في أوروبا.