كشفت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عن أن توزيع الحرات بالمملكة يرتبط بحركات التكسر الشديدة «تشرخ وتصدع» المصاحبة لانفتاح أخدود البحر الأحمر، الذي نشأ في نهاية عهد «الأوليجوسين» أو بداية «الميوسين»، حوالى «25 مليون سنة» عندما كانت الكتلة القارية العربية والأفريقية في طور الانفصال. وأوضحت الهيئة في دراسة لها أن هذه الحرات تغطي مساحات كبيرة من الجزء الغربي من الرصيف القاري العربي تقدر بحوالى 180 ألف كيلومتر مربع، وتمتد شمالاً في حزام عريض متقطع من اليمن في الجنوب حتى سورية في الشمال، مشيرة إلى أن صخور الحرات تمثل المادة المنصهرة في باطن الأرض «الصهارة»، إذ تصل إلى السطح عبر الشقوق لتشكل طفوحاً بازلتية واسعة الانتشار تغطي حوالى 100 ألف كيلومتر مربع من الدرع العربي والسهل الساحلي للبحر الأحمر ومرتفعات البحر الأحمر. وأشارت إلى أن هذه الطفوح التي تتكون من البازلت القلوي الأوليفيني تعد من أكبر الطفوح البركانية في العالم، وهي تبعد ما بين 50 إلى 500 كيلو متر إلى الشرق من ساحل البحر الأحمر باستثناء حرة البرك المحاذية للساحل، مفيدة بأنه يوجد نوعين من الحرات هي طفوح من «الداسايت» و«الريولايت» الشديدة التحول وما يطابقها من الفتات والرماد البركاني المتساقط مكونة تلالاً من عهد «الميوسين» فوق ساحل البحر الأحمر. وأكدت أن هذه الطفوح عبارة عن وحدات من مجموعة جازان التي يُحتمل أن تكون ترسبت في عهد «الأوليجوسين» المتأخر أو «الميوسين» المبكر، إذ تظهر جلياً في جنوب غرب المملكة قرب الحدود مع اليمن، إلى جانب النوع الثاني من الحرات وهي طفوح بازلتية تكون هضاباً من عصر الميوسين (الهوليوسين) تنكشف فوق الدرع العربي، وتعتبر تبعاً لحجمها من أهم الوحدات البركانية الموجودة في البلاد، إذ تظهر عموماً على شكل براكين ومخاريط بازلتية. وبينت أن هذا النوع ينتشر على خط محوري واحد يتجه من الشمال إلى الجنوب «خط مكةالمدينة النفوذ البركاني»، وتوافقت بعض هذه الحرات مع اتجاه صدع نجد (الشمالي الغربي) مثل حرات عويرض، وهتيمة، وخيبر، ورهاط، أما الحرات المتأثرة بالحركة المزدوجة المتبادلة فتتمثل بحرات كشب ونواصيف، وتحوي بعض الحرات، «مثل حرات خيبر ورهاط وكشب»، مخاريط بركانية متغايرة في تركيبها الصخري، تتكون من التراكايت والفونولايت والريولايت «كومندايت في حرة خيبر». وأفادت الهيئة بأن الوجود الكثيف للطفوح القاعدية والفلسية والمخاريط والقباب، التي لم تتأثر بعوامل التجوية، يعكس نشاطاً بركانياً واسعاً في التاريخ الجيولوجي الحديث «الموثق بالعمر الإشعاعي للصخور والسجلات التاريخية»، علماً بأن آخر ثوران بركاني انبثق من حرة رهاط كان في عام 1256، عندما كادت طفوح الحمم البركانية تصل إلى أبواب المدينةالمنورة.