مع مسارعة «داعش» إلى تبني اعتداء نيس بطريقة وصفت ب «الانتهازية»، تركزت التحقيقات الفرنسية حول دوافع منفذه التونسي محمد لحويج بوهلال، الذي دخل والده وشقيقته على خط الجدل أمس بإعلانهما أنه مصاب باضطراب نفسي وخضع لجلسات علاج مع طبيب قبل مغادرته إلى فرنسا في العام 2005. وعلى رغم اعتقال ثلاثة من المقربين من التونسي في عمليتي دهم أمس، فإن باريس لم تتمكن بعد من التحقق من صلته ب «داعش»، علماً أن التنظيم وصفه بأنه «أحد جنوده»، في بيان توعد خلاله بمزيد من الغزوات ضد الغرب. وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف إنه «إذا كان بوهلال إسلامياً متطرفاً، فإن عملية استقطابه للتيار المتشدد حدثت بطريقة سريعة جداً». وأضاف أن فرنسا ليس لديها دليل على ارتباط المهاجم ب «داعش» سواء من سجله الجنائي أو من معلومات الاستخبارات. أتى ذلك في وقت حملت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن على كازانوف ودعته إلى الاستقالة بعد إظهاره «تقصيراً خطراً» منذ بدء موجة الاعتداءات في فرنسا العام الماضي. وقالت لوبن: «في أي بلد في العالم كان وزير مثل برنار كازنوف سيستقيل مع مثل هذه الحصيلة المروعة: 250 قتيلاً في 18 شهراً»، في إشارة إلى ضحايا اعتداءات كانون الثاني (يناير) وتشرين الثاني (نوفمبر) 2015، إضافة إلى اعتداء نيس الخميس الماضي. وأفادت مصادر الشرطة أمس، بأن المعتقلين الثلاثة هم من «الدائرة المقربة» للمهاجم، اعتقلوا في منطقتين في نيس بعد يوم واحد من اعتقال زوجته وشخص آخر. والملفت أن إعلان «داعش» اقترن هذه المرة بتساؤلات مستمرة حول توصيف المجزرة، وهل تأتي في إطار مخطط إرهابي اتبع أساليب جديدة، أم أن دوافع بوهلال لقيادة شاحنة ودهس محتفلين بعيد الاستقلال غير واضحة تماماً، وقد تعزى إلى عمل إجرامي معزول، رغم إيقاعه 84 قتيلاً و202 جريح بينهم العديد من الأطفال؟ ورأى مسؤولون فرنسيون أن تبني «داعش» مسؤولية المجزرة هو إعلان «انتهازي»، طالما لم تتوافر براهين حول ارتباطه بالتنظيم وفي ظل مؤشرات تحمل على الاعتقاد بأنه تصرف منفرداً، الأمر الذي يثير مخاوف من تكرار تلك الظاهرة. وأجمعت الشهادات المتعددة بشأن شخصية بوهلال، ومنها شهادة المحامي كورانتان ديلوبل الذي دافع عنه في آذار (مارس) الماضي في قضية شجار إثر حادث سير، على أنه «مواطن بسيط ومرتكب جنح عادي» ولم يظهر عليه التزام ديني ولا تزمت. من هذا المنطلق، ركز المحققون اهتمامهم على محيط بوهلال وعملوا على تحليل مضمون هاتفه النقال والمعدات الإلكترونية التي عثر عليها لدى دهم شقته، للوقوف على كيفية تحوله من مرتكب جنح إلى ارهابي ومدى وجود علاقة فعلية تربطه ب «داعش». كما سعى المحققون إلى معرفة كيفية إعداد بوهلال المجزرة التي نفذها بواسطة شاحنة استأجرها في 11 الشهر الجاري، وكيفية حصوله على مسدس من عيار 7.5 ملم استخدمه لإطلاق النار على الشرطة قبل مقتله. وقالت شقيقته رباب: «أخي كانت لديه مشاكل نفسية وأعطينا الشرطة وثائق تثبت أنه زار طبيباً لسنوات». وقال والده محمد منذر بوهلال للتلفزيون الفرنسي إن الأسرة سعت لتلقيه العلاج النفسي بعد أن تعرض لانهيار عصبي. وأضاف أن ابنه «كان سريع الغضب ويصرخ ويكسر الأشياء من حوله وكان علينا أن نأخذه لطبيب».