سادت أجواء تفاؤل أمس باحتمال توسيع التنسيق الميداني الروسي - الأميركي في سورية على رغم استمرار التباينات حول ملفات عدة. لكن الكرملين تجنّب إعطاء تقويم روسي واضح لمقترحات أميركية بتعزيز التعاون في مواجهة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» في انتظار محادثات تفصيلية يجريها اليوم وزير الخارجية سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري المفترض أنه نقل إلى الرئيس فلاديمير بوتين مساء خطة شاملة لطريقة تنسيق الحرب ضد التنظيمين من خلال غرفة عمليات مشتركة في الأردن. وقبل بدء محادثات كيري في موسكو، قال الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست إن واشنطن «سترحب بالمساهمة العسكرية من روسيا التي تركز على تنظيمي داعش والقاعدة في سورية»، موضحاً أن ليس هناك «حتى الآن» تنسيق أو عمل مشترك بين الجيش الأميركي والروسي في سورية، علماً أن واشنطن رفضت في الفترة الماضية ضغوطاً روسية لضرب «النصرة» بحجة أن مواقعها متداخلة مع جماعات «معتدلة». وشدد الناطق باسم البيت الأبيض على أن أميركا تواصل حض روسيا على استخدام نفوذها على نظام الرئيس بشار الأسد «للتعجيل بالحل السياسي»، وهو أمر ورد أيضاً في وثيقة المقترحات التي نقلها كيري إلى موسكو والمؤلفة من 8 صفحات (نشرت نصها «واشنطن بوست»). في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طائرات «توبوليف» الاستراتيجية بعيدة المدى نفّذت أمس للمرة الثانية في ثلاثة أيام، غارات عنيفة استهدفت مواقع لتنظيم «داعش» في وسط سورية (50 غارة)، في مؤشر جديد إلى مخاوف روسية من تنامي قدرات هذا التنظيم منذ سحب موسكو معظم طائراتها الحربية من سورية في آذار (مارس) الماضي. وقال ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأممالمتحدة إلى سورية، إنه يأمل في أن تسفر المحادثات الأميركية- الروسية التي بدأت في موسكو عن تحقيق تقدم في عملية السلام السورية يتضمن وقف القصف العشوائي والتوصل إلى صيغة للانتقال السياسي، فيما أكد الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع محطة تلفزيونية أميركية إن الرئيس بوتين لم يُثر معه مطلقاً الانتقال السياسي ومسألة ترك السلطة. وقال الأسد عندما سُئل عما إذا تحدث إليه يوماً «وزير الخارجية (الروسي سيرغي) لافروف أو الرئيس بوتين عن عملية الانتقال السياسي، عن حلول يوم تتركون فيه السلطة»، فأجاب: «لم يحدث أبداً». وأضاف: «وحده الشعب السوري يحدد من يكون الرئيس، ومتى يصبح رئيساً ومتى يرحل. إنهم لم يقولوا كلمة واحدة في ما يتعلق بهذا الأمر». وشدد على أنه «ليس قلقاً» حيال اجتماع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ببوتين واحتمال أن يتوصلا إلى «تفاهم» يغادر بموجبه السلطة. وقال إن «السياسة الروسية لا تستند إلى عقد الصفقات بل إلى القيم»، بينما السياسة الأميركية «تقوم على عقد الصفقات بصرف النظر عن القيم». وفي توضيح للموقف التركي، قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم أمس إنه لن يكون هناك حل للنزاع في سورية ولن يزول الخطر الذي تمثله المنظمات الإرهابية طالما بقي الأسد في السلطة. وجاء توضيحه هذا بعدما كرر في الأيام الماضية تصريحات قال فيها إن بلاده تسعى إلى إقامة علاقات مع سورية، بعد إنهاء القطيعة مع إسرائيل وروسيا، مثيراً تساؤلات حول تغيير في الموقف التركي. وفي موسكو، أُعلن أن الرئيس بوتين ناقش مع كيري مساء الوضع في سورية وأوكرانيا، حيث أطلعه الأخير على «مقترحات محددة» تتمحور -بحسب تسريبات صحافية- حول تنسيق روسي أميركي عسكري واستخباراتي في مواجهة «داعش» و «النصرة» وإقامة غرفة «إدارة مشتركة» قرب العاصمة الأردنية. وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن موسكو تريد أن «تستمع مباشرة من الجانب الأميركي (عن مقترحاته) قبل تحديد موقفها». لكنه شدد على أن روسيا «دعت دائماً إلى تعزيز التنسيق». وقال خبراء قريبون من الكرملين إن موسكو مهتمة ب «التقدم» في الموقف الأميركي حيال ضرورة تشديد الطوق على «النصرة» (فرع «القاعدة» السوري) و «هي تتطلع لقيام واشنطن بخطوات إضافية تهدف إلى تحقيق فصل كامل للمعارضة المعتدلة عن الإرهابيين». لكن الخبراء شككوا في احتمال تحقيق «اختراق» كبير في التعاون الروسي- الأميركي بسبب استمرار الخلاف حول فرز القوى السورية المسلحة بين «إرهابي» و «معتدل»، ما يعرقل وضع لائحة موحدة بالتنظيمات المفترض استهدافها.