هدد مستثمرون في قطاع التعليم الأهلي والعالمي بغلق أكثر من 3400 مدرسة أهلية مستأجرة تستوعب أكثر من 700 ألف طالب وطالبة، في حال إصرار وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، على قرار توقيف ترخيص المدارس الأهلية والأجنبية ذات المباني المستأجرة غير المصممة لأغراض تعليمية. وطالبوا بتمديد المهلة التي منحت لتصحيح أوضاع المدارس من عامين إلى خمس أعوام، بهدف ترتيب أوضاعهم، مؤكدين أنهم تحملوا أعباء الاستثمار في العنصر البشري ورفضوا الاتجاه إلى القطاعات السهلة التي تدر أرباحاً مضاعفة لإيمانهم الكامل بأهمية الرسالة التي يقومون بها. وأحدث القرار الذي جرى تعميمه أخيراً على المدارس، صدمة كبيرة في قطاع تقدر استثماراته ب12 بليون ريال، في ظل وجود أكثر من 3400 مدرسة أهلية مستأجرة، ويبلغ عدد الطلاب الملتحقون بالتعليم فيها أكثر من 700 ألف طالب وطالبة في جميع المراحل، علاوة على أكثر من 60 ألف معلم ومعلمة، 70 في المئة منهم من السعوديين، بعد قرارات التوطين الأخيرة، إذ تشكل المدارس الأهلية نسبة 12 في المئة من حجم المدارس في المملكة. وقال عضو لجنة المدارس الأهلية بغرفة جدة محمد يوسف: «المفترض درس أي قرار من جميع الجوانب قبل صدوره، وأكبر دليل على ذلك أن رؤية السعودية 2030، أخذت أكثر من عام كامل من الدراسة والبحث والتعديل قبل أن يعلن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تفاصيلها، إذ جمعت بين العدل والحكمة والحنكة، ومن يقرأ ما بين السطور يدرك أيضاً التروي في عملية التحول الوطني التي ستستغرق 15 عاماً، ولن تتم في خمس أو ست أعوام بهدف تحقيق العدالة الحقيقية، على رغم كل ما هيئ لهذه الرؤية من إمكانات وسبل ودعم». وأضاف: «إن قرار وزارة التعليم بإغلاق المدارس المستأجرة خلال عامين سيسهم في ضياع مستقبل آلاف الطلاب السعوديين والمقيمين، ويعني فقدان آلاف من المعلمين والمعلمات وظائفهم في ظل النسبة الكبيرة التي يشكلها التعليم الأهلي والعالمي في الاقتصاد الوطني، إذ تتجاوز الاستثمارات الحالية 12 بليون ريال، ويزيد عدد الطلبة على 700 ألف طالب وطالبة، و60 ألف معلم ومعلمة، والتضحية بهذا العدد الكبير يعد خسارة كبيرة للعملية التعليمية والاستثمارات السعودية». وتساءل يوسف: «أين الأراضي التي سيجدها المستثمرون؟ وإن وجدوها هل يستطيعون خلال عامين فقط تمهيدها وبناءها وتجهيزها بشكل كامل؟ وهل ستغلق المدارس الحكومية المستأجرة أيضاً وهي كثيرة»؟ واستطرد قائلاً: «إن المدارس الحكومية لا تجد أراضي في الأماكن التي يجب أن نجد فيها مدارس لطالباتنا وطلابنا، وتعلن إدارة التعليم في الصحف المحلية بحثاً عن مبان لاستئجارها من ملاكها لاستعمالها كمدارس، ويحدث ذلك في جدة وكثير من المحافظات، وأنتم تعرفون أن الدولة لديها كل الإمكانيات المادية والمعنوية، وكل ما يحتاجه المواطن، وهناك ما يفوق 40 في المئة من المباني الحكومية مستأجرة». وزاد: «لماذا هذا الإجحاف على مستثمري المدارس الأهلية والعالمية الذين فضلوا الاستثمار في العنصر البشري ولم يختاروا الاستثمارات المريحة وكثيرة الأرباح، في العقار والتجارة وغيرها، وبقاء أغلبهم حتى الآن على رغم ما تكبدوه من خسائر نتيجة إيمانهم بالرسالة التي يؤدوها للوطن». وقال: «إن بناء العقول والأفئدة أهم ألف مرة من بناء المساكن والشقق والفنادق، ووزارة التعليم تعلم جيداً أن جميع المباني المستأجرة تمت تهيئتها بشكل كبير قبل فتحها كمدارس، وحصلت على تراخيص نظامية بذلك». وأضاف: «كان من الأجدى تباحث القرار مع وزارة الشؤون القروية والبلدية ووزارة المالية وجميع المؤسسات، والتأكد من مدى إمكانية توفير أراضي لأصحاب المدارس في الأحياء التي يؤدون رسالتهم فيها، ومدهم بالقروض التي تساعدهم في تملك هذه الأرض وبنائها». من جانبه، وصف عضو اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي في مجلس الغرف السعودية ونائب رئيس لجنة المدارس الأهلية في غرفة جدة الدكتور دخيل الله الصريصري القرار ب«المفاجئ»، وقال: «إن قرار إغلاق المدارس الأهلية والعالمية ذات المباني المستأجرة، قرار لم يبن على رؤية واقعية ومعلومات دقيقة للمشكلة ولم يتخذ الأسلوب العلمي لصناعة قرار حل المشكلات، ولذلك جاء مفاجئاً للمستثمرين واللجان الوطنية التي تمثل هذا القطاع، وللأسف لم تؤخذ أراء اللجان الوطنية والمستثمرين كشركاء في صناعة هذا القرار، فمن استشار ذوي العقول، استضاء بأنوار العقول». وأضاف: «لا شك في أن القرار سيسهم في خروج الكثيرين من سوق التعليم الأهلي والأجنبي، ولا شك في أن خروجهم سيكون له ضرر بالغ ومؤثر على الاقتصاد الكلي والجزئي للوطن، ويلحق بأضراره المستثمرين والعاملين في هذا القطاع والمستفيدين من خدماته، ومؤثر سلبياً في الرؤية الاقتصادية للمملكة العربية السعودية 2030، وكلنا ثقة برحابة صدر وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى وعمق رؤيته لإعادة النظر في هذا القرار، والبحث الجاد عن حلول بديلة تسهم برفع الضرر عن المستثمرين والعاملين والمستفيدين من خدمات هذا القطاع من الطلاب وأولياء الأمور». وزاد: «نتعشم أن يكون التراجع عن القرار بداية لمساهمة فاعلة من وزارة التعليم بمنح هذا القطاع والعاملين فيه التسهيلات القادرة على معالجة المعوقات التي تقابل هذا القطاع، وتحد من تطوره، ولدى الوزير معرفة تامة بهذه المعوقات ومنها شح الأراضي التي تنطبق عليها شروط المباني المدرسية، من حيث الموقع والمساحة والشوارع والجيران، وصعوبة الحصول على القروض الميسرة من وزارة المالية أو من صندوق الاستثمارات العامة لدعم هذا القطاع».