اربيل - أ ف ب - تشهد مدن إقليم كردستان العراق انتعاشاً في الحركة السياحية هذه الأيام بفضل أفواج العراقيين القادمين من وسط وجنوب البلاد هرباً من حرارة الصيف والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي. وتصل هذه الأفواج بالتنسيق مع شركات سياحية محلية تقوم بتنظيم رحلات لفترات محدودة للاسترخاء في ظل درجات حرارة ربيعية. ويتمتع إقليم كردستان إضافة الى مناطقه السياحية وطبيعته الخلابة باستقرار أمني كبير مقارنة ببقية مناطق العراق. وفي بلدة شقلاوة شمال اربيل عاصمة الإقليم (320 كيلومتراً شمال بغداد)، انتشرت العائلات العربية والكردية واختلطت الموسيقى الكردية بالعربية التي تبثها المقاهي التي انتشرت على الروابي الخضراء. ويقول خليل اسماعيلي (56 سنة)، مدرس من أهالي حي المشتل في بغداد، الذي جاء مع عائلته الى بلدة شقلاوة التي تبعد خمسين كيلومتراً شمال اربيل، إن «حرارة الجو في بغداد لا تطاق والانقطاع المستمر للكهرباء يزيد الأمر سوءاً، لذلك قررنا المجيء الى كردستان حتى انتهاء موجة الحر». وتعيش مناطق وسط وجنوب العراق، أياماً شديدة الحرارة بفعل موجة الحر التي ترتفع فيها الحرارة الى نحو خمسين درجة مئوية، الأمر الذي دفع حكومة البلاد الى اتخاذ قرار بتعطيل الدوام الرسمي في حال الارتفاع المفرط في درجات الحرارة. وما يزيد الأمر صعوبة، انقطاع التيار لساعات طويلة تصل الى عشرين ساعة يومياً، في معظم مناطق العراق في أيام صيفية لاهبة. وتقول ابتهاج عبد الخضر (34 سنة) التي جاءت مع عائلتها من البصرة (550 كلم جنوب بغداد) وهي تجلس على سفح جبل سفين في شقلاوة: «لا يمكن وصف فارق درجات الحرارة بين البصرة وكردستان وحلاوة الجو والمناطق الخضراء والينابيع التي من حولنا». وتابعت: «جئنا في البداية على أساس البقاء أياماً قليلة، ولكننا سنحاول تأخير عودتنا أطول قدر ممكن». وقال مولي جبار مدير عام السياحة في إقليم كردستان: «نتوقع زيادة كبيرة في أعداد السياح القادمين الى الإقليم هذا العام». وأضاف إن التقديرات الأولية تشير الى زيادة تصل الى أكثر من 20 في المئة عن العام الماضي، حتى الآن (...) هناك ارتفاع متواصل في أعداد السياح». وخلال موجة العنف الطائفي التي اجتاحت معظم مناطق العراق خلال الأعوام 2005-2008، لم يكن بإمكان العراقيين من أهالي الوسط والجنوب دخول إقليم كردستان من دون ضمانة يقدمها شخص من أهالي الإقليم. ولكن اليوم، قامت حكومة إقليم كردستان الذي يضم محافظات اربيل والسليمانية ودهوك والتي تتمتع باستقلال واسع بتقديم تسهيلات كبيرة للشركات السياحية والزوار المتوجهين للمناطق السياحية، بعدما كانت تفرض إجراءات أمنية مشددة لمنع تسلل الإرهابيين الى الإقليم. وقال ياس أحمد (27 سنة) القادم مع مجموعة من أصدقائه من بغداد الى شقلاوة بعد جولة زار خلالها دهوك والسليمانية، إن «كردستان هي المتنفس الوحيد للعراقيين»، معرباً عن أمله في «بناء فنادق ومشاريع سياحية تستوعب أكبر عدد ممكن من العراقيين». وأكد رفيقه علي حسين (24 سنة) «بصعوبة كبيرة وجدنا مكاناً للمبيت في فندق، بعد جولة استمرت ساعات». وساهم توافد الزوار في انتعاش العمل في الفنادق والمطاعم والمقاهي في عموم الإقليم. وقال هيزا سيركو صاحب فندق «اسوس» في السليمانية (270 كلم شمال بغداد)، «جاءنا عدد كبير من السياح، خصوصاً من بغداد». وتابع: «أول شيء يسألون عنه هو الكهرباء». بدوره، قال سرود قادر (64 سنة) صاحب فندق «قصر دية» في شقلاوة إن «الإقبال كبير جداً على المناطق السياحية هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية». وأكد أن «فندقنا محجوز بالكامل حتى بداية شهر رمضان» منتصف شهر آب (أغسطس) المقبل. وأكد دادفان صبحي أحد المسؤولين في فندق «سولاف» في دهوك أن «أعداد السياح هذا الصيف كبيرة جداً وتقدر بضعف أعدادهم في العام الماضي»، وقال: «اضطررنا مرات عدة الى إرشادهم الى فنادق أخرى في مناطق خارج دهوك لعدم وجود أماكن شاغرة لدينا». وأعرب عن أمله بأن «يتبنى المسؤولون في الإقليم خطة تؤمن بناء فنادق وتطبيق أنظمة تؤمن تحقيق استثمارات سياحية في كردستان». وقال سامر عبد الله (62 سنة) من الموصل وهو يراقب حفيده البالغ من العمر عشر سنوات وهو يلعب في بركة ماء يتدفق من شلال سيبه في عقرة (150 كيلومتراً شمال غرب اربيل)، إن «حرارة الصيف والانقطاع المستمر للكهرباء ومتاعب الحياة دفعتنا للبحث عن الراحة». وتنتشر في الإقليم عشرات المصايف بينها مصايف بينها سرسنك وسولاف وسيبة في دهوك و شقلاوة وكلي علي بك وشلالات بيخال في اربيل ومناطق سياحية أخرى في السليمانية بينها سدوكان وسرجنار وجبل ازمير.