ارتفع عدد إجازات التنقيب عن مناجم المعادن في تونس باستثناء الفوسفات إلى 60، قدّرت استثمارتها ب 23 مليون دينار (17 مليون دولار). وعرف القطاع ركوداً فى الاستثمارات بين عامي 2008 و2009 عزاه خبراء الى اسباب بنيوية وأخرى طارئة، في مقدمها محدودية المخزون القابل للاستثمار وعدم استقرار أسعار المعادن في السوق العالمية. ومنحت تونس خلال العام الماضي 12 إجازة تنقيب باستثمارات نحو 5.3 ملايين دينار (4 ملايين دولار) موزعة بين 5 إجازات خاصة بالمعادن الأساسية (الحديد والزنك والرصاص) فى محافظات قبلي وقابس والقصرين، و6 إجازات لاستخراج الجبس فى محافظات القيروانوقفصة وتطاوين، وإجازة واحدة لاستخراج الملح في محافظة سوسة. وأُسنِدَت أخيراً إجازتان للتنقيب عن الحديد الخام باستثمارات مليون دينار، أولى في محافظة الكاف (شمال) حيث يقدر الاحتياط ب1.2 مليون طن، وثانية في محافظة قفصة (جنوب). وتعتبر «شركة جبل الجريصة» المؤسسة الوحيدة فى تونس التي تستثمر الحديد الخام، وتستخرجه من منطقتي الجريصة في محافظة الكاف» وتمرة في محافظة باجة المجاورة. وقدر إنتاج تونس من الحديد خلال العام الماضي ب180 الف طن في مقابل 210 آلاف في 2008 وبتراجع 14 في المئة. لكن الفوسفات يظل النشاط المنجمي الرئيس في البلد، بخاصة بعد تحديث وسائل الاستثمار والإنتاج، إذ أغلقت الأنفاق المكلفة ورُكّز على المناجم السطحية لمجابهة المنافسة المتزايدة في الأسواق الدولية. ومع ازدياد إنتاج الفوسفات الخام ارتفع حجم المنتج من الحامض الفوسفوري ومشتقات الفوسفات الأخرى 85 في المئة في العقدين الأخيرين، ما بوّأ تونس المرتبة الثالثة عالمياً في هذا المجال بعد الولاياتالمتحدة والمغرب. وتوقعت «شركة فوسفات قفصة» (قطاع عام) ارتفاع المنتج المحلي إلى 9 ملايين طن من الفوسفات التجاري هذا العام، ما يُساعد في تصدير 800 ألف طن من مشتقات الفوسفات. وساعدت الشراكة مع مجموعة «تيفارت» الهندية التي تمتد من 2009 إلى 2011، في تحديث وسائل الإنتاج وزيادة المنتج. وعلى رغم تراجع الطلب على الفوسفات والأسمدة المُخصّبة في الأسواق العالمية خلال العام الماضي، استطاعت الشركة التونسية تركيز وحدات جديدة بمساعدة الهنود ما أتاح ترفيع طاقة الإنتاج إلى 1100 طن من الحامض الفوسفوري المركز في اليوم و3600 طن من الحامض الكبريتي. غير أن ارتفاع سعر التكلفة قلل من هامش الفائدة لدى التونسيين الذين لا يُصدرون محروقات ويعتمدون على قطاع الفوسفات بوصفه أحد المصادر الرئيسة للعملة الصعبة. وفي هذا الإطار باشرت «شركة فوسفات قفصة» تنفيذ خطة لترشيد الإنفاق وتأهيل الكوادر وتحديث نظام معلومات وإدماج أحدث التقنيات في مجال تخصيب الفوسفات الخام، بما فيها استخدام التجفيف الشمسي واستبدال الوقود السائل بالغاز الطبيعي. وفرضت أيضاً التعهدات الخاصة بالحد من تلويث البيئة نفقات قُدرت ب165 ألف دينار (125 ألف دولار). واتفق المجمع الكيميائي التونسي ومجموعة الصناعات الكيميائية الهندية على بناء مصنع للحامض الفوسفوري في ميناء الصخيرة جنوبتونس يُصدر 360 ألف طن من المادة سنوياً إلى الهند. وأفاد نائب رئيس مصنع الحامض الفوسفوري يوسف الحيلي «الحياة»، بأن المصنع سيكون جاهزاً أواخر العام الحالي، وأن الجانب التونسي يملك 70 في المئة منه فيما يملك الهنود الحصة المتبقية. وقدرت تكلفة إنشائه ب600 مليون دينار (450 مليون دولار)، وأوضح أن البنك الإسلامي للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار يشتركان في تمويل المشروع في حدود 300 مليون دولار. وكان التونسيون والهنود أنشأوا مصنعاً للأسمدة برأس مال قدره 180 مليون دولار، ويُتوقع أن يعطي المصنع الثاني قفزة نوعية للقطاع لتحسين النوعية وتسريع نسق التصدير. ويُشغّل القطاع حالياً 4300 عامل ومهندس (إضافة إلى آلاف فرص العمل غير المباشرة)، بعدما كان عددهم يتجاوز 7000 عامل في تسعينات القرن الماضي، قبل انهيار أسعار الفوسفات العالمية. وتسعى البلدان المغاربية الثلاثة تونسوالجزائر والمغرب إلى زيادة حجم الصادرات من الحامض الفوسفوري والأسمدة المصنّعة الأخرى لتحسين الميزان التجاري مع شريكها التجاري الرئيس الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الإطار تدرس تونس إمكانات استخراج اليورانيوم من الفوسفات، فيما تسعى مع الجزائر والمغرب إلى استثمار فرصة ارتفاع أسعار الفوسفات لتكثيف الإنتاج والتصدير.