موسكو، لاهاي - «الحياة»، أ ف ب - أضفت محكمة العدل الدولية شرعية على استقلال كوسوفو، فسددت ضربة الى بلغراد وموسكو اللتين عارضتا انفصال هذا الإقليم الصربي السابق الذي تسكنه غالبية من المسلمين. واعتبر هيساشي اوادا رئيس محكمة العدل الدولية في حيثيات قراره أن إعلان كوسوفو الاستقلال في 17 شباط (فبراير) 2008، «لم ينتهك القانون الدولي». ولا يعتبر قرار المحكمة ملزماً للدول التي لم تعترف باستقلال كوسوفو، بل يشكل «رأياً استشارياً»، رداً على شكوى قدمتها بلغراد الى المحكمة عبر الأممالمتحدة، لالتماس حكم حول شرعية هذا الاستقلال الذي أيدته واشنطن وعواصم أوروبية حليفة. ورحبت إدارة الرئيس باراك أوباما بقرار المحكمة، وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي إن رأيها «يؤكد شرعية إعلان استقلال كوسوفو، ونحن ندعم هذا القرار». ودعا أوروبا الى «التوحد حول القرار من اجل مستقبل مشترك» بينها وبين دول البلقان. ورأى وزير خارجية كوسوفو اسكندر حسيني في قرار المحكمة «يوماً عظيماً لكوسوفو»، قائلاً: «أتوقع من صربيا أن تتحدث إلينا في شأن مسائل كثيرة ذات اهتمام مشترك». وأضاف أن «محادثات مماثلة يمكن أن تُجرى فقط بين دولتين ذات سيادة». ويرجح أن يبدد قرار محكمة العدل التحفظ لدى البلدان التي لم تعترف باستقلال كوسوفو، وان يقرّب بريشتينا من كسب عضوية الأممالمتحدة، علماً أن بلغراد وموسكو والكنائس الأرثوذكسية، ستواصل حملتها لمحاصرة «جمهورية كوسوفو» دولياً، مع الأخذ في الاعتبار أن حضور «الجمهورية» الناشئة في المحافل الدولية واعتراف الاتحاد الأوروبي بها، سيشكلان عائقاً أمام طموح صربيا للانضمام الى الاتحاد، أو توسيع شراكتها معه، نظراً الى إصرارها على اعتبار الإقليم جزءاً من أراضيها الجنوبية. وتواجه روسيا المواقف الغربية المؤيدة استقلال كوسوفو بحساسية بالغة، كونها تتخوف من تنامي النزعات الانفصالية في أراضيها، كما تتهم واشنطن وحلفاءها باعتماد «معايير مزدوجة»، من خلال معارضتهم استقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا. واعترفت 69 دولة، بينها الولاياتالمتحدة و22 من اصل 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، باستقلال كوسوفو التي تضم مليوني نسمة، يشكل الألبان المسلمون 90 في المئة منهم. ولا تزال أقلية صربية تعيش في مناطق متاخمة للحدود مع صربيا، ولا تعترف بالحكم المركزي في بريشتينا. وعلّق وزير الخارجية الصربي فوك بريميتش على قرار المحكمة مؤكداً أن بلاده «لن تعترف أبداً» باستقلال كوسوفو. وكان استبق القرار بتأكيد أن الحسم في هذه القضية في يد الجمعية العامة للأمم المتحدة التي «يفترض أن تصدق على رأي المحكمة وتخرج بخلاصة سياسية حول الطريق الواجب سلوكها». وراهنت صربيا على صدور قرار من المحكمة يؤيد مواقفها الرافضة استقلال كوسوفو، ما يمهد لمفاوضات جديدة حول وضع الإقليم، الأمر الذي ترفضه بريشتينا. وحصلت بلغراد في 8 تشرين الأول (اكتوبر) 2008 على موافقة الجمعية العامة على طلب رأي محكمة العدل الدولية في شرعية إعلان استقلال كوسوفو. وشاركت صربيا وكوسوفو و29 دولة، بينها الولاياتالمتحدةوروسيا، في مرافعات في لاهاي من مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي حتى 11 من الشهر ذاته. وأسفر النزاع عامي 1998 و1999 بين القوات الصربية والانفصاليين الألبان عن مقتل 13 ألف شخص، معظمهم من ألبان كوسوفو. وما زال 1862 شخصاً مفقودين.