دعت وزارة التخطيط العراقية إلى تبني فكرة إنشاء صناديق استثمارية، تُموّل من المنح والإعانات الخارجية والداخلية أو ما تخصصه موازنة الحكومة، تديرها الإدارة التنفيذية لاستراتيجية التخفيف من الفقر في العراق في وزارة التخطيط بإشراف الجهات الرقابية. وتُستثمر أموالها في مشاريع خاصة للتخفيف من الفقر، مثل المجمعات السكنية أو بناء المستشفيات والمدارس ومدّ خطوط الكهرباء والماء والمجاري، وكذلك منح القروض للمستحقين. وهذا النظام عالمي وتطبقّه دول كثيرة في العالم. وقال الناطق باسم الوزارة عبدالزهرة الهنداوي في حديث الى «الحياة»، إن الحكومة قد تكون «حققت في السنوات الخمس الماضية نسبة من التقدم في سعيها إلى التخفيف من الفقر، بعدما وصل الى سقوف عالية وهي تطاول ربع السكان ما يُعد نسبة عالية قياساً إلى بلد مثل العراق يملك إمكانات اقتصادية جيدة، تتمثل بالثروة النفطية وسواها من الموارد». ورأى أن مشكلة الفقر هي «نتاج تراكمي على مدى عقود غابت خلالها خطط التنمية بالتالي تراجع مفهوم التنمية المستدامة، وكانت نتيجته زيادة في نسبة الفقر بأبعاده المتعددة المتمثلة بانعدام التعليم والصحة والدخل والسكن وغيرها». وأوضح الهنداوي أن الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر في العراق لعامي 2010 و2014، «كانت تهدف إلى خفض نسبة الفقر في نهاية مدتها إلى 16 في المئة، لكن هذه الاستراتيجية وإن نجحت في تحقيق جوانب مهمة من أهدافها، إلا أن الظروف التي ولدت فيها لم تكن مثالية وواجهت تحديات، أهمها ندرة المخصصات المالية للأوضاع الصعبة للفقراء، ثم جاءت صدمة انخفاض أسعار النفط لتنسف كل جهود الحكومة في مجال مكافحة الفقر». ولفت إلى أن من نتائج هذه الصدمة «توقف تنفيذ مشاريع بسبب قلة المخصصات، فيما كان من نتاج صدمة «داعش» نزوح نحو 4 ملايين عراقي، ما تسبّب بنتائج سلبية على واقع الحياة في المحافظات التي استقبلت النازحين، وأبرز هذه النتائج أيضاً ارتفاع مؤشرات الفقر لتعود إلى المعدلات السابقة لانطلاق الاستراتيجية». ومن علامات الفقر أيضاً في العراق انتشار ظاهرة العشوائيات في كل المحافظات، إذ أعلن الهنداوي أن «المعلومات تفيد بوجود أكثر من 1500 عشوائية يقطنها نحو 2.5 مليون شخص أي 7 في المئة من عدد سكان العراق، وهذا مؤشر إلى خلل هيكلي في الواقع السكني للفقراء، وقد دفعتهم الحاجة إلى السكن لبناء بيوت لا تتوافر فيها خدمات الصحة والتعليم والنقل والمجاري ومياه الشرب». ولم يغفل معلومات تشير إلى أن العراق «يحتاج إلى سبعة آلاف مدرسة مع وجود 400 مدرسة طينية، ما سبب اكتظاظاً في المدارس الابتدائية والمتوسطة وانعكس تدنياً في مستوى التعليم». وشدد الخبير الاقتصادي قصي الجابري، على «الحاجة إلى معرفة من هم الفقراء لاستهدافهم بالسياسات الممكن اتخاذها كأسلوب للتخفيف من حدة الفقر». ورأى أن تحديد خط الفقر الوطني «اعتمد على احتساب كلفة السعرات الحرارية الضرورية لإدامة صحة الفرد العراقي المقدرة ب 2332 سعرة حرارية كمتوسط يومي، آخذين في الاعتبار العمر والجنس والوزن والنشاط البدني سواء في الحضر او في الريف». وأوضح أن «من خلال جمع كلفة الحاجات الغذائية الأساسية وتلك غير الغذائية، يساوي خط الفقر 76 ديناراً للفرد في الشهر الواحد، ما يعني أن 23 في المئة أي نحو 6.9 مليون عراقي يقعون تحت خط الفقر». وقال: «يُعدّ هذا العدد كبيراً إذا ما قورن بعدد السكان وهو أحد المعوقات التي تواجه العمل التنموي». وطالب الحكومة ب «اتخاذ إجراءات تهدف إلى إحداث تغييرات إيجابية في مستويات الدخل وتوزيعها، ومحاولة تقليص التفاوت بين فئات المجتمع بما يضمن خفض نسب الفقر تدريجاً». وأكد الجابري أن النمو الاقتصادي «شرط ضروري للتخفيف من الفقر لكنه غير كافٍ ما لم ترافقه زيادة في فرص التشغيل، ووصول الفقراء إلى الأصول المنتجة وتحسين فرص العيش الكريم».