كشفت نتائج جديدة لمعدلات الفقر في العراق ارتفاع النسبة خلال الشهور الماضية بفعل موجات النزوح من مناطق مختلفة في البلاد وانخفاض أسعار النفط عالمياً، ما أدى إلى تراجع العائدات، فيما تعكف الجهات المعنية على مراجعة خطة التنمية الخمسية 2012-2017 لإجراء تعديلات تتوافق مع المتغيرات الجديدة. وصرّح الناطق باسم وزارة التخطيط العراقية، عبدالزهرة الهنداوي، إلى «الحياة» بأن الوزارة ستطلق نتائج جديدة خاصة بمعدلات الفقر في البلاد، والتي شهدت ارتفاعاً كبيراً بسبب احتلال تنظيم «داعش» مناطق في عدد من المحافظات، وما خلفته موجات النزوح لآلاف الأسر فضلاً عما سببته أعمال التخريب للبنية التحتية وتدني أسعار النفط في العالم وما نتج عنه من شح في الموارد المالية. يُذكر أن وزارة التخطيط العراقية توقّعت في تموز (يوليو) من العام الماضي ارتفاع معدلات الفقر إلى 20 في المئة بعدما انخفضت إلى 19 في المئة مطلع العام ذاته. وأضاف الهنداوي أن الوزارة بالتعاون مع بعض الجهات الحكومية والمنظمات الدولية المتخصصة، أعدت مطلع 2010 الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر، التي وضعت في أولوياتها تحسين الواقع المعيشي والمستوى الصحي والتعليمي للمواطنين مع توفير بيئة سكن مناسبة للفقراء، إضافة إلى توفير الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل، مؤكداً أن الاستراتيجية نجحت في خفض نسبة الفقر من 23 في المئة إلى 19 في المئة مطلع 2014. ولفت إلى أن العمل يجري حالياً على مراجعة خطة التنمية الخمسية (2012 - 2017 ) لإجراء تعديلات وفقاً للمتغيرات التي طرأت على البلاد، مشيراً إلى ان الخطة التي أطلقت في مطلع 2013 كانت طموحة جداً، كونها تبنّت مشاريع كبيرة من شأنها زيادة معدلات التنمية الاقتصادية في المحافظات كافة خلال مدة زمنية محددة، لكن الأزمة المالية التي تمر بها البلاد حالياً جعلت من الصعوبة تنفيذ الخطة كاملة في شكلها الحالي. وأكد أن الوزارة تسعى بالتعاون مع الوزارات ذات العلاقة والمحافظات، إلى إعادة النظر بالمشاريع الموجودة والبالغ عددها 6082 مشروعاً، لافتاً إلى أنها وضعت مجموعة من الحلول الناجعة لمعالجة المشاكل بين الجهات الحكومية والمقاولين والناجمة عن توقف عدد من المشاريع، وأن هذه الحلول ركّزت على السعي لتحريك نظام التمويل المؤجّل من الدول المانحة إضافة إلى الشركات. وكان عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي سرحان احمد سرحان قال إن سبب ارتفاع معدلات الفقر يعود إلى سوء الإدارة الاقتصادية في العراق، وهيمنة المُفسدين عليها بعدما سرقوا أموال الشعب وهربوا بها إلى الخارج فضلاً عن عدم توزيع الثروات النفطية في شكل عادل، ما أدى إلى إيجاد طبقة فقيرة. وأضاف أن سيطرة الفساد على السياسة الاقتصادية والمالية للبلد على رغم موارده القوية وعدم وجود مشاريع استثمارية تساهم في تشغيل الأيدي العاملة، تسببت في زيادة حالات الفقر. إلى ذلك، دعا رئيس «رابطة المصارف الخاصة العراقية» وديع نوري الحنظل، إلى تبني برامج فاعلة تساعد في استثمار الودائع المتوافرة لدى المصارف الخاصة والحكومية على نحو يخدم أهداف التنمية ويحرك السوق المحليّة التي في استطاعتها الحد من ارتفاع نسبة الفقر، إضافة إلى استقطاب رؤوس الأموال داخلياً وخارجياً عبر تشريعات وقوانين ضامنة. وأشار إلى أن الاستعدادات استكملت للبدء في أوسع عملية إقراض تشهدها المصارف الخاصة، والتي تتمثّل في تخصيص المصرف المركزي العراقي تريليون دينار (نحو 800 مليون دولار) للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي تأتي منسجمة مع الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة العراقية أخيراً للنهوض بالاقتصاد.