يقول الضباط والطيارون الأميركيون المشاركون في مكافحة تنظيم «داعش» على متن حاملة الطائرات «آيزنهاور» أن روسيا قد لا تكون عقبة، غير أنها ليست بالتأكيد شريكاً في الوقت الحاضر في سورية. وأعلن الكرملين الأربعاء أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما أبديا استعدادهما خلال مكالمة هاتفية ل «تكثيف» التعاون العسكري بين البلدين. وقال الكابتن بول سبيديرو قائد حاملة الطائرة «آيزنهاور» التي حلت في حزيران (يونيو) محل حاملة الطائرات «ترومان» لتكون منطلقاً لمهمات ضد تنظيم»داعش»، أنه إن كان ذلك موقف أوباما ف «هو لم يبلغني به». وأضاف: «أنا شخصياً لم أتعامل بتاتاً مع الروس». وقال الأميرال جيسي ويلسون قائد المجموعة البحرية العاشرة التي تشكل «آيزنهاور» القطعة الرئيسة فيها أن «التنسيق حول الأهداف المحددة والتنسيق في العمليات يتم ضمن هيئات الأركان على مستوى أعلى». أما على الأرض، فإن التعايش لا يكون بسيطاً على الدوام. فالولاياتالمتحدة تتهم بانتظام الطيران الروسي بالقيام بأعمال استفزاز حيال قواتها المسلحة، لا سيما سفنها الحربية. وفي 3 تموز (يوليو)، اتهم الجيش الأميركي الفرقاطة الروسية «ياروسلاف مودري» ب «قلة المهنية» بعدما اقتربت في شكل كبير من طراد أميركي تابع لمجموعة «آيزنهاور» في شرق البحر المتوسط. وقبل أسبوعين من ذلك، تبادل الروس والأميركيون الاتهامات بالقيام بتحركات خطرة في المنطقة نفسها حين اقتربت «ياروسلاف مودري» أيضاً من سفينة حربية تابعة لمجموعة «ترومان» حينذاك، فوصلت إلى مسافة 70 متراً منها وفق الروس و290 متراً وفق الأميركيين. وقال الأميرال ويلسون مخففاً من أبعاد الحادثين: «إننا هنا في المياه الدولية، ومن حقهم مثلنا تماماً أن يكونوا هنا»، مشيراً إلى أن الطرفين ملتزمان بالاتفاقات الرامية إلى ضمان الأمن ولو أن البعض يتصرف «بين الحين والآخر» بطريقة «غير مهنية». وأردف: «هذا ما لاحظناه أخيراً، وأبلغنا به، ولم يتكرر الأمر بعد ذلك». وتتوجه حاملة الطائرات «آيزنهاور» حالياً إلى مياه الخليج بعدما قضت أربعة أسابيع في البحر المتوسط. وتطرح المسألة ذاتها بالنسبة للطيارين الذين ينفذون مهمات ضد تنظيم «داعش» في سورية، حيث يخوض الطيران الروسي حملة قصف دعماً لقوات نظام الرئيس بشار الأسد. وقال الأميرال ويلسون: «إن طائراتنا غالباً ما تتقاسم المجال الجوي ذاته. بالتالي نحرص على التنسيق في ما بيننا. والمسألة تتم في شكل جيد جداً. بإمكاننا رصد طائرات روسية حين تقوم بعمليات قريبة منا، ويمكننا التواصل ومنع حصول تصادم». وقال الملازم جيسون سايمون مسؤول إحدى السريات التسع على متن المجموعة البحرية: «نتلقى معلومات وتقارير حول العمليات الجارية، ونفهم كيف يعمل كل طرف». وزاد: «ليس علينا أن نخشى احتمال حصول أخطاء، فنحن لا نرى بعضنا إطلاقاً والأمور تسير على أفضل حال». ورأى أن الأخطار الرئيسة المرتبطة بهذه المهمات ضد عدو لا يملك أسلحة متطورة مضادة للطائرات تبقى داخلية، مثل إمكان حصول خلل فني كبير يرغم الطيار على قذف نفسه في منطقة معادية، وكذلك الهبوط على متن السفينة عند العودة، وهو ما وصفه بأنه «من الأمور التي تثير أكبر مقدار من الخوف»، خصوصاً حين تحصل ليلاً بعد مهمة منهكة استمرت سبع ساعات. وقال الكابتن سبيديرو أن وتيرة المهمات عادت وارتفعت إلى نحو 12 طلعة في اليوم تتركز بصورة رئيسة فوق العراق، بمستوى ما كانت عليه الحملات الجوية في أفغانستان خلال السنوات ال15 الأخيرة. وكثافة الغارات الجوية المقترنة بتنظيم أفضل للقوات العراقية على الأرض، أتاحت التصدي لتنظيم «داعش» واستعادة أراض منه في العراق. غير أنها لم تأتِ بنتائج بعد على ما يبدو في سورية، ما حمل على البحث في إقامة تنسيق أفضل مع روسيا في هذا البلد. لكن هذا يفترض التوافق على الأهداف، أي بصورة رئيسة تحديد ملامح سورية ما بعد النزاع، وكذلك على الوسائل، إذ انتقدت الولاياتالمتحدة بانتظام القصف الروسي وعواقبه بالنسبة للمدنيين. وأكد الأميرال ويلسون أن الغارات الأميركية تسعى إلى «إبقاء حصيلة الضحايا المدنيين بالمستوى الصفر»، مشدداً على التواصل مع الشركاء على الأرض ودقة الذخائر المستخدمة، في نزاع لا يوجد فيه خط جبهة واضح. وحين سئل الأميرال عما إذا كان من الممكن في هذه الظروف التعاون مع طيران روسي لم يبد الحرص ذاته، أجاب: «هذا يتحدد على مستوى أعلى».