أدت مواجهات مسلحة بين المتمردين «الحوثيين» ومجموعة من القبائل في شمال اليمن إلى مقتل 35 شخصاً على الأقل خلال الأيام الأربعة الماضية، فيما اتهمت السلطات اليمنية «الحوثيين» بارتكاب خروقات، وحملتهم مسؤولية تبعات هذه الانتهاكات، بعد أيام من عرض تقدمت به قطر لإحياء اتفاق الهدنة الموقع بين الجانبين في الدوحة العام 2008. وقالت مصادر قبلية محلية ل «الحياة» إن حصيلة المواجهات في منطقة حرف سفيان، أحد أبرز معاقل «الحوثيين» في محافظة عمران الشمالية، وصلت حتى أمس إلى 35 قتيلاً، بينهم 10 من المتمردين و20 من رجال القبائل الموالين للدولة، مشيرة إلى أن معظم القتلى في صفوف القبائل ينتمون إلى قبيلة بن عزيز التي يتزعمها النائب صغير حمود أحمد عزيز، وهو عضو في «حزب المؤتمر الشعبي» الحاكم. وأضافت أن «قبائل بن عزيز خاضت مواجهات شرسة وتمكنت من صد هجوم للمتمردين الحوثيين الذين يحاصرون منزل النائب في محاولة لتصفيته بسبب دوره في تشكيل تحالف قبلي أعلن قبل أسابيع لصد هجمات المتمردين». وذكرت أن «الطرفين استخدما في المواجهات أسلحة متوسطة وخفيفة». ويعتصم في مقر البرلمان منذ يومين عدد من نواب محافظتي صعدة وحجة، احتجاجاً على «الانفلات الأمني» في المحافظة وتصفيات «الحوثيين» لخصومهم من القبائل «في ظل صمت رسمي». ووقع 62 نائباً عريضة هددوا فيها بتعليق عضويتهم إذا لم تتدخل السلطات لرفع الحصار عن النائب عزيز، مطالبين الدولة «بتحمل مسؤوليتها في وقف الخروقات والاعتداءات التي يرتكبها الحوثيون». وقرر البرلمان عقد جلسة طارئة ليل أمس لمناقشة مستجدات الوضع في صعدة، بحضور كل من وزيري الدفاع والداخلية ورئيس اللجنة المكلفة تنفيذ النقاط الست لإحلال السلام في صعدة ومحيطها. وأكدت مصادر ل «الحياة» أن «جهود وساطة تبذل حالياً لتهدئة الأوضاع في منطقة حرف سفيان بعدما اشتدت ضراوة المواجهات» منذ ظهر أمس. وأشارت إلى أن «القوات الحكومية استخدمت القصف المدفعي والصاروخي باتجاه منطقة العمشية من مواقع عسكرية عدة في حرف سفيان ومنطقة آل عمار في محافظة صعدة، في محاولة لفك الحصار عن الشيخ بن عزيز الذي يحاصره مسلحو الحوثي منذ ثلاثة أيام». إلى ذلك، اتهمت الحكومة «الحوثيين» بقتل زعيم قبلي موالٍ لها. وقال مسؤول في اللجنة الأمنية العليا في بيان أمس إن «عناصر التمرد الحوثية أقدمت على ارتكاب جريمة نكراء لايقرها عرف ولا سلف ولا قانون، تمثلت بنصب كمين غادر وجبان في منطقة نيد البارد في مديرية منبه يوم الثلثاء نجم عنه استشهاد الشيخ زيدان المقنعي ونجله وأربعة من مرافقيه». وأضاف أن «هذا العمل الاجرامي تزامن مع خروقات أخرى ترتكبها العناصر الحوثية في عدد من مناطق صعدة وحرف سفيان، الأمر الذي يعكس تعمد تلك العناصر الاستمرار في خلق التوترات وتقويض جهود إحلال الأمن والسلام». وحمل «العناصر الحوثية المسؤولية الكاملة المترتبة على هذه الجرائم». لكن وكالة «فرانس برس» نقلت عن الناطق باسم «الحوثيين» محمد عبدالسلام نفيه نصب كمين للمقنعي، مؤكداً أن «ما حصل هو مواجهات». وقال: «نطالب السلطة بألا تدعم عمليات القتال بين القبائل وألا تدعم قبيلة ضد قبيلة»، مشيراً إلى «وجود قبائل محسوبة علينا وقبائل محسوبة على السلطة». وأضاف أن قياديين في التمرد «قتلوا في شكل غادر بعد الحرب السادسة» بأيدي مسلحين قبليين. وجاء تجدد المواجهات بين «الحوثيين» والقبائل الموالية للحكومة بعد أيام من عرض تقدم به أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خلال زيارته صنعاء الأسبوع الماضي، لإحياء اتفاق السلام الذي رعته الدوحة العام 2008 بين الحكومة اليمنية و «الحوثيين»، وهي خطوة رحب بها الجانبان.