منذ أن ساهم مع فريقه «أتلتيكو مدريد» في إقصاء «بايرن ميونيخ» عن نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، أضحى الفرنسي أنطوان غريزمان مصدر الخطر الأول على منتخب ألمانيا في حال تواجها في كأس أوروبا التي تختتم غداً في باريس. وكان هذا التوجّس في محله إذ تمكّن «غريزي» أو «غريزو» (على وزن زيزو تيمّناً بالنجم السابق زين الدين زيدان) في صفوف «الديوك» من هزّ شباك العملاق مانويل نوير مرتين في نصف نهائي البطولة أول من أمس في مرسيليا، ممهداً الطريق ليكون نجمها المطلق وهدّافها، بعدما بات رصيده 6 أهداف، خاطفاً الأضواء ومساهماً في الفوز الفرنسي الأول على الجيران الألمان منذ مباراة المركزين الثالث والرابع في مونديال السويد عام 1958. قبل عامين، بكى غريزمان بحسرة حين أقصت ألمانيافرنسا برأسية توماس هاملز في ربع نهائي مونديال 2014 في البرازيل، لكنه أصبح بعدها عنواناً بارزاً ومفتاح انتصارات مكرّساً موهبته و«غريزته القاتلة» في تسجيل الأهداف مع «أتلتيكو» (32 هدفاً في الموسم الماضي) ومنتخب بلاده. وفي مستهل «يورو 2016» دانت الشهرة لديمتري بايت بفضل تسديداته الصائبة حاجباً غريزمان وبول بوغبا، في ظل استبعاد نجم ريال مدريد كريم بنزيمة. لكن «غريزو» استعاد عافيته سريعاً وأثبت مرات أنه رجل الحسم والقرار، بفضل حاسته في حسن التمرّكز والتصرّف بذكاء والتسديد بدم بارد، حتى أنه لم يترك متراً واحداً في المنطقة الألمانية يعتب عليه أول من أمس، فمارس هواية الاختراقات و«الوصل» بين الدفاع والهجوم مستغلاً بعضاً من حرية التحرّك التي تركها له المدرّب ديدييه ديشان ل «يسرح ويمرح» ويبهج القلوب. وكانت الصحف الألمانية قبل نصف النهائي صوّبت نحو غريزمان (25 سنة) ووصفته ب «فرانك ريبيري الجديد»، و«السلاح الأمضى»، و «الخادع بمظهر التلميذ المتواضع والمتحفّظ». وأثنى فيليب لام قائد أبطال العالم في مونديال 2014 على أداء «غريزو»، معتبراً أن موهبته اختمرت ونضجت في العامين الأخيرين، فبات «من أبرز المهاجمين الأوروبيين»، إذ يستطيع سريعاً تغيير الإيقاع وقلب موازين أي مباراة، كما يؤكّد محمد شول النجم السابق في ال «ناسيونال مانشافت». واعتبره لوثار ماتيوس قائد الألمان في مونديال 1990 أبرز لاعب فرنسي حالياً، ومفتاحاً فاعلاً في تشكيلة ديشان ودييغو سيميوني مدرّب «أتلتيكو»، خصوصاً أنه «يحسن التوقيت في منطقة ال 16 متراً ويضرب ضربته القاتلة». وكان الإسباني جوزيب غواريولا وضعه في حسبانه لضمه إلى تشكيلة «بايرن ميونيخ» حين تولّى قيادته في صيف 2015، «كونه مهاجماً استنثائياً يؤدّي أدواراً عسيرة على غرار البولندي روبرت ليفاندوفسكي»، ولاحظ أنه «خلاق يجيد التصرّف والابتكار والتربّص وينخرط سريعاً في المجموعة». إنه «التقني السوبر» في رأي مدرب ألمانيا يواكيم لوف، ومصدر ثقة متناهية وفق أوليفر بيرهوف مدير المنتخب الألماني ومسجّل هدفيه في نهائي عام 1996 حين توّج أوروبياً للمرة الأخيرة. في المقابل، يكتفي ديشان بصفتي «الحاسم والمعطاء» للتعبير عن امتنانه لنجمه الصغير القامة، الذي وجدت فيه فرنسا بطلاً تبحث عنه بعد اعتزال «زيزو». لذا، كم كانت عفوية وجميلة تلك اللقطة التلفزيونية التي ظهر فيها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مهللاً فرحاً وهو يدفع رئيس اتحاد كرة القدم نويل لوغرييه الجالس إلى جانبه في ستاد «فيلودروم» كي يتفاعل أكثر مع الهدف الثاني لغريزمان في مرمى نوير، والذي اقتنصه اقتناصاً، ما يثبت أن الصفات والنعوت تختلف لكن فاعلية «الرقم7» راسخة لا بل تتطور، إلى أن أصبح مصدر الخطر والتهديد المباشرين للخصوم. وهكذا، ستكون الفرصة سانحة غداً أمام غريزمان لتحقيق ثأر شخصي من لاعب «ريال مدريد» البرتغالي كريستيانو رونالدو في النهائي الأوروبي. ويأمل غريزمان، الذي حرم قبل أسابيع على أيدي رونالدو ورفاقه في «ريال» من لقبه الكبير الأول، بأن يقود بلاده إلى لقبها القاري الثالث (بعد 1984 و2000)، وأن يحرم رونالدو من فرحة التتويج الأول مع بلاده، بعد أن توّج بالألقاب الممكنة كلها.