تطل الذكرى الأولى لوفاة وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل، مفعمة في وجدان الكويتيين بمواقفه الحاسمة تجاه محنة الغزو العراقي عام 1991، وجهوده الفاعلة في دعم تحرير البلاد وعودتها إلى أهلها. ويستذكر الكويتيون، في تقرير نشرته وكالة الأنباء الكويتية أمس، الدور المهم الذي أداه مهندس السياسة الخارجية السعودية في حشد التأييد والدعم الدولي لتحرير بلدهم من الاحتلال العراقي قبل ربع قرن من الزمن، وذلك انسجاماً مع الموقف الحازم للمملكة العربية السعودية المؤيد قولاً وفعلاً لإعادة الشرعية والحق إلى شقيقتها الكويت. وكشف ذلك الدور المهم للأمير الراحل في دعم جهود تحرير بلده الثاني الكويت عن مدى محبته الكبيرة لهذه البلاد، إذ أخلص في مساعيه لأجلها حتى تكون حرة كاملة السيادة وبقيادة حكومتها الشرعية، فمنذ أن تعرضت الكويت لتلك المحنة الكبيرة، قاد الأمير سعود الجهود الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي بالتعاون والتنسيق المتواصل مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، وبخاصة مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي كان يتولى في تلك الفترة العصيبة منصب وزير الخارجية، إضافة إلى تواصله مع كبار قيادات الكويت آنذاك. وعمل الأمير سعود جنباً إلى جنب مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون على حشد التأييد الإقليمي والعالمي لدعم الحق الكويتي من خلال جولات مكوكية إلى عدد من الدول العربية والأجنبية لنقل الحقائق وتوحيد المواقف والجهود الرامية إلى تحرير الكويت. وما ميز نهج الأمير سعود في التعامل مع محنة غزو الكويت هو استناده إلى التمسك بالشرعية السياسية والقانونية وتسخير العلاقات الدولية والاستفادة من تأثيرها الإيجابي وتوحيد المجتمع الدولي وكسب تأييده واعتماد الشفافية والوضوح في كشف الحقائق، ما أكد على دبلوماسيته الناجحة وأنه رجل المواقف المبدئية والرؤى المتكاملة التي أسهمت في النهاية بطرد قوات الاحتلال. مواقف مشرفة لا تنسى وليس غريباً أن يترك الأمير الراحل ذكرى طيبة لدى الكويت قيادة وشعباً على ما بذله من جهود تجاه بلده الثاني الكويت، وخصوصاً في حرب التحرير، إذ أشاد أمير الكويت بما كان يتمتع به الأمير سعود الفيصل من خبرة واسعة وحنكة سياسية رفيعة المستوى وبعد نظر وقدرة على معالجة القضايا السياسية في ظروف كانت بالغة الدقة والتعقيد جعلته يحظى بتقدير واحترام إقليمي وعربي ودولي مميز. واستذكر الشيخ صباح في برقية تعزية بوفاة الأمير سعود مواقف الأمير سعود المشرفة والنبيلة تجاه الكويت وشعبها إبان الغزو العراقي ودعمه لقضاياها العادلة. وعرفاناً بالدور الذي قام به الأمير الراحل في تحرير الكويت من الغزو تم إطلاق اسم الأمير سعود الفيصل على الشارع الرئيس في المنطقة الدبلوماسية بمشرف تقديراً للدور المميز له في دعم وخدمة القضايا العربية والإسلامية. أربعة عقود مهمة وعاصر الأمير سعود الفيصل خلال أربعة عقود من تربعه على رأس الدبلوماسية السعودية مرحلة صعبة من حياة الأمة العربية شهدت تحديات وأزمات كبيرة، فمع توليه منصب وزير الخارجية عام 1975 واجه الأمير سعود مجموعة من القضايا البارزة في المنطقة العربية، من أبرزها القضية الفلسطينية، ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وحالة التوتر الشديد بين العراق وإيران، قبل دخولهما في حرب، وكان على الوزير اتخاذ القرارات الحاسمة التي تنسجم مع ثقل بلاده. وفي فترة توليه وزارة الخارجية شهدت الدبلوماسية السعودية عام 2002 إعلانها المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، في مقابل انسحابها من كل الأراضي المحتلة وتسوية مشكلة اللاجئين، كما أسهم الأمير سعود في إعادة إطلاق مبادرة السلام العربية عام 2007. واستطاع الأمير سعود خلال توليه منصب وزير الخارجية أن يؤسس علاقات سياسية قوية مع عدد من الدول الكبرى ذات الثقل، وزاد من ثقل حضور بلاده في كثير من المحافل الدولية، واستمر في ذلك النهج إلى أن أعفي من منصبه في نيسان (أبريل) 2015، بناء على طلبه لأسباب صحية. والأمير سعود الفيصل من مواليد تشرين الأول (أكتوبر) 1940، وتلقى تعليمه في المملكة، ثم التحق بجامعة برنستون بولاية نيوجيرسي في أميركا، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد، والتحق الفيصل بوزارة البترول والثروة المعدنية وعمل مستشاراً اقتصادياً فيها وعضواً في لجنة التنسيق العليا في الوزارة، وانتقل بعدها إلى المؤسسة العامة للبترول والمعادن (بترومين) وأصبح مسؤولاً عن مكتب العلاقات البترولية الذي يشرف على تنسيق العلاقة بين الوزارة و«بترومين» كما عين نائباً لمحافظ «بترومين» لشؤون التخطيط عام 1970، ثم وكيلاً لوزارة البترول والثروة المعدنية عام 1971.