واشنطن – «نشرة واشنطن» - يسكن ما يزيد على نصف العالم في المدن، وتمثل هذه المناطق 75 في المئة في نسبة استخدام الطاقة العالمية، وما يترتب على ذلك من انبعاثات لغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، لكن هذه الحقائق لا تروي الواقع. واعتبرت الاستاذة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن جون فتزجيرالد، في كتابها «المدن الزمردية: الاستدامة الحضرية والتنمية الاقتصادية»، ، أن «المدن هي الأماكن الأكثر خضرة على الأرض وبحكم كثافتها السكانية تستهلك طاقة أقل». وأشارت إلى أن المباني السكنية هي «أكثر كفاءة في استخدام الطاقة من المنازل المنفردة، كما أن سكان المدن يسيرون على الأقدام أو يستقلون وسائل النقل العام أكثر من نظرائهم من سكان الأرياف، وبذلك يكون ما ينبعث من غازات من كل فرد في المدن، قليلاً نسبياً». لذا رأت أن المدن وأعداد سكانها المتنامية «ستصبح جزءاً أساساً من الحل لظاهرة التغير المناخي». وفي الولاياتالمتحدة، حدّدت بلديات أهدافها الخاصة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهي تفيد من مبالغ رصدتها الحكومة الفيديرالية أو قدمتها جهات من القطاع الخاص لتحقيق هذه الأهداف. وعلى سبيل المثال، تنوي مدينة فيلادلفيا الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة تقليص انبعاثاتها بنسبة 20 في المئة تحت مستواها عام 2005، على مدى العقد القادم. وثمة مشاريع جارية لهذا الهدف. وتلقت المدينة (1.5 مليون نسمة) منحة قيمتها 17 مليون دولار من وزارة النقل الأميركية هذه السنة، لتوسيع ممرات خاصة بالدراجات الهوائية والمشاة، ومن شأنها أن تخفض حركة السيارات. كما يُعاد تجهيز المباني في أنحاء المدينة بهدف خفض إهدار الطاقة، بفضل منحة وزارة الطاقة التي تزامنت مع حملة تشجير. وتحرز مشاريع صغيرة تقدماً، إذ يركّب نحو 500 سلة نفايات في المدينة تعمل بالطاقة الشمسية لضغط القمامة، ما يقلص نوبات الشاحنات لجمعها إلى النصف، ووُضعت إلى جانب صناديق القمامة عبوات لتدوير الفضلات. وهكذا بدأت المدينة جمع ما بين 14 و18 طناً من المواد القابلة للتدوير في الأسبوع، وفق ما أوضحت منسقة الاتصالات والسياسات في مكتب القدرات المستدامة التابع لرئيس بلدية المدينة، ساره وو. وفي مدينة نيويورك بوشر تركيب 100 محطة شحن كهربائي لتشجيع السائقين على شراء سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية. وأنشأت المدينة أخيراً ثلاث «مناطق تزويد بالطاقة الشمسية» بهدف توجيه الموارد إلى أحياء مناسبة لتركيب مصادر الطاقة الشمسية. وباستخدامها حوافز ضريبية ومنحاً مالية، شهدت المدينة التي يسكنها 8.3 مليون نسمة، تهافتاً على الطلبات لمشاريع الألواح الشمسية المدعمة خلال السنة الماضية. وتهدف إلى خفض انبعاثات الكربون بمعدل 30 في المئة بحلول عام 2030. ولفت مدير منظمة تمثل 500 بلدية، مارتن شافيز، إلى أن ذلك «حفّز مدناً أميركية اقتصاداتها متعثرة بسبب الركود الاقتصادي، لجعل عدد أكبر من مبانيها ترشد استهلاك الطاقة، ولاستكشاف مصادر طاقة بديلة». وأوضح أن «كل سياسي ومدير يبحث عن سبل للمواءمة بين موازنة التقشف وإعادة تجهيز المباني وخفض تكاليف الطاقة، يعمل بحس سليم». واعتبر أن «هذه التكنولوجيا تتطلب نفقات مالية، لكن قانون الانتعاش وإعادة الاستثمار الأميركي الصادر عام 2009 بهدف الحفز الاقتصادي، حقق فارقاً كبيراً للمدن وقدراتها على تمويل هذه البرامج».